الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( ومكانه له للمقيم مكة )

                                                                                                                            ش : يعني أن الميقات المكاني للمقيم بمكة - إذا أراد أن يحرم بالحج - مكة سواء كان من أهلها أو أقام بها ( تنبيهان الأول : ) ظاهر كلامه : أنه يتعين عليه الإحرام من مكة ، ولا يجوز له أن يحرم من غيرها ، والذي صرح به ابن الحاجب وغيره أنه يجوز الإحرام من غيرها قال ابن الحاجب : ولو خرجا يعني المكي والآفاقي المقيم بها إلى الحل جاز على الأشهر قال في التوضيح قال ابن هارون قوله : على الأشهر يقتضي أن فيهما قولا بالكراهة والمنع ، ولا نعلم في ذلك خلافا إلا في الأولوية ، ونقله ابن فرحون أيضا ، وقال : قال ابن راشد : مقابل الأشهر في كلامه قول بعدم الجواز ، ولم أقف عليه معزوا انتهى .

                                                                                                                            وقال في المدونة : وإذا أحرم بالحج من خارج الحرم مكي أو متمتع فلا دم عليه في تركه الإحرام من داخل الحرم ، فإن مضى إلى عرفات بعد إحرامه من الحرم ، ولم يدخل الحرم ، وهو مراهق فلا دم عليه ، وهذا زاد ، ولم ينقص قال التادلي : قال الباجي قوله : زاد ، ولم ينقص هذا عندي - فيمن عاد إلى الحرم - ظاهر ، وأما من أهل من الحل وتوجه إلى عرفات دون دخوله الحرم أو أهل من عرفات بعد أن توجه إليها حلالا مريدا الحج ، فإنه نقص ، ولم يزد ، وإنما وجب عليه الدم على هذا ; لأن مكة ليست من المواقيت ; لأن المواقيت وقتت لئلا يدخل الإنسان إلى مكة بغير إحرام فمن كان عند البيت فليس البيت ميقاتا له بدليل أن المعتمر لا يحرم منها والمواقيت يستوي في الإحرام منها الحج والعمرة انتهى .

                                                                                                                            ونقل المصنف في التوضيح بعض كلام الباجي ، ولعله حصل في نسخته من المنتقى سقط ، ووجه سند كلامه في المدونة بنحو ما ذكره الباجي فظاهر كلام أهل المذهب : أن من ترك الإحرام من مكة وأحرم بالحج من الحل ترك الأولى والأفضل ، ولا يقال : إنه آثم ، ولا إنه أساء ، وقال ابن جماعة : الشافعي : لو فارق المقيم بمكة بنيانها وأحرم في الحرم أو في الحل فهو مسيء يلزمه الدم إن لم يعد قبل الوقوف إلى مكة ، وكذلك مذهب المالكية إلا أنهم لا يوجبون الدم بالإحرام من غير مكة ، وإن لم يعد إليها انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) الذي يقتضيه كلام أصحابنا أنه لا إساءة في ذلك ، وإنما هو خلاف الأولى نعم يمكن أن يقال فيمن أخر الإحرام إلى عرفة ، وهو مريد للحج : إنه مسيء ، ولم أقف عليه في كلام أهل المذهب ، ولا أجزم بأنه آثم ( الثاني : ) يخصص كلامه هنا بالمقيم الذي ليس في نفس من الوقت أو كان في نفس من الوقت ، ولكنه لا يقدر على الخروج لميقاته أي : في سعة أن يخرج إلى ميقاته أو يقال : لا يرد عليه ذلك ; لأنه سيأتي له أنه يستحب لمن كان مقيما بمكة وكان في نفس من الوقت أي : في سعة أن يخرج إلى ميقاته ليحرم منه بالحج ، وقاله في المدونة والنفس بفتح الفاء السعة

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية