الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وقطعه للفريضة )

                                                                                                                            ش : ظاهره وجوب القطع للفريضة ، وهو كذلك قال في التوضيح ظاهر كلام ابن الحاجب أنه مخير ، وكلامهم يقتضي وجوب القطع لقول الأبهري في تعليل البناء إذا قطع للفريضة ; لأن الطواف بالبيت صلاة ، ولا يجوز لمن في المسجد أن يصلي بغير صلاة الإمام المؤتم به إذا كان يصلي المكتوبة ; لأن في ذلك خلافا عليه ، وكذلك قال صاحب البيان ، وهو مقتضى العتبية وهكذا أشار ابن عبد السلام إلى أن ظاهر نصوصهم وجوب القطع انتهى .

                                                                                                                            ، وقال ابن عرفة ظاهر سماع القرينين يقطعه لإقامة الفرض ، قال ابن رشد اتفاقا أمره بالقطع لا تخييره وقول ابن الجلاب : لا بأس بقطعه يقتضي تخييره انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) ينبغي أن يحمل كلام الجلاب وابن الحاجب على أن المراد نفي توهم قطع هذه العبادة لعبادة أخرى فتتفق النقول ، وقد أشار إلى ذلك ابن فرحون ، والله أعلم .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول : ) قوله : قطعه الضمير للطواف سواء كان فريضة أو نافلة فيقطعه لإقامة الصلاة الفريضة ، ولا يقطع الطواف الفرض لغير الفريضة ، فلو كان في طواف واجب وخشي أن تقام صلاة الصبح ، وتفوته ركعتا الفجر لم يقطع الطواف لذلك نعم استخف في سماع أشهب أن يقطع الطواف التطوع إذا خاف أن تفوته ركعتا الفجر فيصلي الفجر ثم يبني على طوافه وسيأتي في التنبيه الثاني كلام ابن رشد في ذلك ( الثاني : ) : هذا الفعل مأمور به عند الوقوع ، أما ابتداء فالأولى بالشخص أن لا يشرع في الطواف إذا خاف أن تقام الصلاة ، وكذلك إذا خاف أن تفوته ركعتا الفجر ، قال ابن رشد في سماع أشهب : الطواف بالبيت صلاة إلا أنه أبيح فيه الكلام والشغل اليسير فلا يصح لأحد أن يترك طوافه الواجب لشيء إلا للصلاة الفريضة واستخف له أن يترك طوافه النافلة ، وإن كان الاختيار له أن لا يفعل شيئا من ذلك فلا ينبغي للرجل أن يدخل في الطواف إذا خشي أن تقام الصلاة قبل أن يفرغ من طوافه ، ولا أن يدخل في طواف التطوع إذا خشي أن تفوته ركعتا الفجر إن أكمل طوافه انتهى .

                                                                                                                            ونقله عنه التادلي وغيره ( الثالث : ) قال ابن فرحون في شرح ابن الحاجب هذا إذا لم يكن الطائف صلى تلك الصلاة أما لو صلى في بيته ثم أتى المسجد فدخل الطواف فقال ابن الماجشون : له أن لا يقطع ويعتد بصلاته التي في بيته حكاه ابن حبيب في مختصر الواضحة عنه انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) ليس كلامه في مختصر الواضحة صريحا فيما ذكره ، فإنه لما ذكر مسألة من أقيمت عليه الصلاة ، وهو في الطواف ، قال : يقطع ، ولم يذكر هذا التقييد ، ثم قال في ترجمة غائب الطواف واستلام الركن ما نصه : وسألته عمن صلى العصر في بيته بمكة ثم جاء المسجد فطاف ، وذلك قبل أن يصلي الإمام تلك الصلاة ؟ فقال : لا يركع الركعتين حتى تغرب الشمس قلت : لم ، وهو يصلي مع الإمام ؟ قال : ألا ترى أنه لو شاء ترك الإمام ، وكانت صلاته هي التي صلى في بيته ؟ انتهى .

                                                                                                                            ( قلت : ) فقوله : إن شاء ترك الإمام يعني قبل أن تقام الصلاة ، أما إذا أقيمت عليه الصلاة ، فإنه يجب عليه أن يصليها مع الإمام ، كما تقدم ذلك في باب صلاة الجماعة فالظاهر أنه لا فرق في وجوب القطع بين أن يكون صلى تلك الصلاة أو لم يكن صلاها فتأمله ، والله أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية