قال  مالك    : وأكره للرجال والنساء أن يحرموا في الثوب المعصفر  المفدم لانتفاضه انتهى فسوى بين الرجال والنساء ، وقال في النوادر قال  مالك    : النساء والرجال فيما ينهى عنه في الإحرام في المورس والمعصفر والمفدم والمزعفر سواء انتهى . 
وأما المورد ففسره التونسي  بالمعصفر المفدم إذا غسل وفسره اللخمي  والباجي  بالمعصفر غير المفدم ، وقال في التوضيح : قال  مالك    : وإن غسل المفدم جاز ; لأنه يصير موردا ، ثم ذكر عن الباجي  أنه المصبوغ بالعصفر صبغا غير قوي قال : وهذا هو المعروف يعني في تفسير المورد قال : وقال ابن راشد    : قال القاضي  منذر بن سعيد    : هو الذي صبغ بالورد انتهى . 
. وقال ابن عرفة  بعد أن ذكر في تفسير كلام اللخمي  والتونسي  والباجي  وفي تفسير  البلوطي  بما صبغ بورد نظر ; لأنه طيب كالورس انتهى .  والبلوطي  بفتح الباء وتشديد اللام هو القاضي  منذر بن سعيد    ( قلت    ) : وقول ابن عرفة  إن المصبوغ بالورد كالمصبوغ بالورس غير ظاهر ; لأن الورس من الطيب المؤنث ، والورد من الطيب المذكر ، والظاهر أن يفصل فيه كما فصل في المصبوغ بالعصفر بين المفدم وغيره ، والله أعلم . 
( الثاني ) : وقولنا إذا كان لون صبغه يشبه لون المصبوغ بالطيب احترزنا به عما يكون صباغه لا يشبه لون المصبوغ بالطيب ، فإنه لا يكره الإحرام فيه ، ولكنه خلاف الأولى ; لأن البياض أفضل لقوله عليه الصلاة والسلام { البسوا من ثيابكم البياض ، فإنها من خير ثيابكم فكفنوا فيها موتاكم   } . رواه أبو داود  والترمذي  وقال حديث حسن صحيح  وابن حبان  في صحيحه وذكر صاحب الطراز هذا الحديث بلفظ خير ثيابكم البيض ألبسوها أحياءكم وكفنوا فيها موتاكم قال اللخمي    : يستحب للمحرم لباس البياض  ، وهو في المصبوغ على ثلاثة أوجه : جائز : إذا كان أزرق ، أو أخضر ، أو ما أشبه ذلك وممنوع : إذا كان بالورس والزعفران ، وما أشبه ذلك مما هو طيب ، فإن فعل افتدى ، ويجوز إذا كان معصفرا غير مفدم ، وكره المفدم ; لأنه ينتفض ، وقال  أشهب    : لا فدية فيه ، ولم يره من الطيب المؤنث انتهى . وكان القسم الثالث من المصبوغ في كلامه هو المصبوغ بالعصفر المفدم ، فجعله مكروها . 
ولم ير فيه فدية كما تقدم في رواية  أشهب  عن  مالك  والله أعلم . وعلى هذا مشى صاحب الطراز ، فإنه قال : البياض أفضل في صفة الثياب للحديث ، وذكره ، ثم قال : والمصبوغ  [ ص: 149 ] منه مباح ، ومنه غير مباح ، فالمباح ما لا يكون صبغه من ناحية الطيب ، فهذا يجوز للعامة ، ويكره لمن يقتدى به أن يلبس من ذلك ما فيه دلسة ، . 
والأصل فيه حديث الموطإ أن  عمر بن الخطاب  رضي الله عنه رأى على  طلحة بن عبيد الله  ثوبا مصبوغا ، وهو محرم فقال  عمر    : ما هذا الثوب المصبوغ يا  طلحة  فقال  طلحة    : يا أمير المؤمنين إنما هو مدر فقال  عمر    : إنكم أيها الرهط أئمة يقتدي بكم الناس فلو أن رجلا جاهلا رأى هذا الثوب لقال : إن  طلحة بن عبيد الله  كان يلبس الثياب المصبغة في الإحرام ، فلا تلبسوا أيها الرهط شيئا من هذه الثياب المصبغة ، وأما غير المباح فهو ما صبغ بطيب ، أو بما هو في معنى الطيب فما صبغ بطيب كان لبسه حراما . 
وما صبغ بغيره مما هو مشابه للطيب كان مكروها ، وذلك يرجع في العادة إلى ثلاثة أصباغ الزعفران والورس والعصفر أما الزعفران والورس فاتفقت الأئمة على تحريمه ، وأما المعصفر ، فمنعه  مالك   وأبو حنيفة  إذا كان نافضا وجوزه  الشافعي   وابن حنبل    . 
ولم يروه من الطيب واختلف أصحابنا في منعه هل هو منع تحريم ؟ أو كراهة ؟ أعني المفدم المشبع إذا كان ينتفض على الجسد قال في المعونة من أصحابنا من يوجب فيه الفدية فعلى هذا يكون من محظورات الإحرام  ، وقال  أشهب  لا فدية على من لبسه من رجل ، أو امرأة ، وقد أساء ، وهذا أظهر ; لأنه لا يعد طيبا كسائر ألوان الحمرة والصفرة ، واعتبارا بما لا ينتفض ،  وأبو حنيفة  يراه طيبا ، ولا يوجب فيه فدية إذا لم ينتفض ; لأن الفدية عنده في الطيب إنما تجب في البدن خاصة فسقوط الفدية فيه كأنه مجمع عليه من الأولين وهم الصدر الأول انتهى . 
				
						
						
