الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            باب ( اليمين تحقيق ما لم يجب )

                                                                                                                            ش : قال في الذخيرة : اليمين في اللغة مأخوذ من اليمين الذي هو العضو ; لأنهم كانوا إذا حلفوا وضع أحدهم يمينه في يمين صاحبه فسمي الحلف يمينا .

                                                                                                                            وقيل : اليمين القوة ويسمى العضو يمينا لوفور قوته على اليسار ، ومنه قوله تعالى : { لأخذنا منه باليمين } أي بالقوة ، ولما كان الحلف يقوي الخبر من الوجود أو العدم سمي يمينا ، فعلى هذا التفسير يكون التزام الطلاق أو العتق وغيرهما على تقدير المخالفة يمينا ، بخلاف التفسير الأول ، انتهى .

                                                                                                                            وقال ابن عبد السلام والقسم بتحريك السين بمعنى اليمين ، وأقسمت أي حلفت ، قال بعضهم : أصله من القسامة ، وهي الأيمان تقسم على الأولياء ، والحلف بكسر اللام وسكونها بمعناه ، انتهى .

                                                                                                                            وفي الصحاح وقوله تعالى : { تأتوننا عن اليمين } قال ابن عباس أي من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا ، كأنه أراد عن المأتي السهل الأصمعي فلان عندنا باليمين أي بمنزلة حسنة ، ويقال : قدم فلان على أيمن اليمين أي على اليمين .

                                                                                                                            واليمين القسم والجمع أيمن وأيمان ، انتهى . هذا معنى اليمين لغة ، وأما في العرف ، فقال ابن عبد السلام لا يحتاج إلى تعريف برسم ولا حد لاشتراك الخاصة والعامة في معرفته قال ابن عرفة قيل : ومعناه ضروري لا يعرف ، والحق نظري ; لأنه مختلف فيه ، الأكثر التعليق منه لترجمتها كتاب الأيمان بالطلاق وإطلاقاتها وغيرها ، ولو لم يكن حقيقة ما لزم في الأيمان اللازمة دون نية ، إذ لا يلزم مجاز دونها ، ورده بلزومه دونها إذا كان راجحا على الحقيقة يرد بأنه المعنى من الحقيقة العرفية ابن رشد وابن بشير مجاز ، وكل مختلف فيه غير ضروري ، فاليمين قسم أو التزام مندوب غير مقصود به القربة ، أو ما يجب بإنشاء لا يفتقر لقبول معلق بأمر مقصود عدمه ، فيخرج نحو إن فعلت كذا فلله علي طلاق فلانة ، أو عتق عبدي فلان ابن رشد لا يلزمه الطلاق لأنه غير قربة ( قلت ) عزاه الشيخ لكتاب محمد والعتبي لسماع عيسى ابن القاسم ابن رشد ويلزم العتق ولا يجبر عليه وإن كان معينا ; لأنه نذر ولا وفاء به إلا بنية ، وما أكره عليه غير منوي له ابن العربي .

                                                                                                                            [ ص: 260 ] اليمين : ربط العقد بالامتناع والترك أو بالإقدام على فعل بمعنى معظم حقيقة أو اعتقادا ، ويرد بتكرار الترك وخروج الغموس واللغو والتعليق ، انتهى . وقوله : بتكرار الترك يعني أن قوله : والترك مكرر مع قوله : الامتناع ، واعترضه القرافي أيضا بالغموس وما أشبهها بأن جميع ما ذكر يتصور بغير لفظ ، والعرب لا تسمي الساكت حالفا ، وبأن اليمين قد تكون على فعل الغير ، فلا يكون هناك إقدام ولا إحجام ، قال : والحق أن يقال : هو جملة خبرية وضعا إنشائية معنى متعلقة بمعنى معظم عند المتكلم مؤكدة بجملة أخرى من غير جنسها ، فقولنا : خبرية ; لأن ذلك صيغتها وقولنا : إنشائية ; لأنها لا تحتمل التصديق والتكذيب وقولنا : من غير جنسها احتراز من تكرار القسم فإنه لا يسمى حلفا إلا إذا ذكر المحلوف عليه ، وبقية القيود ظاهرة ، وقد خصص الشرع هذا المعنى ببعض موارده ، وهو أن يكون المعظم ذات الله أو صفاته العلى كما صنع في الصلاة والصوم وغيرهما ، انتهى .

                                                                                                                            وقال في اللباب : اليمين هو الحلف بمعظم تأكيدا لدعواه أو لما عزم على فعله أو تركه ، انتهى .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية