باب ( اليمين تحقيق ما لم يجب )
ش : قال في الذخيرة : اليمين في اللغة مأخوذ من اليمين الذي هو العضو ; لأنهم كانوا إذا حلفوا وضع أحدهم يمينه في يمين صاحبه فسمي الحلف يمينا .
وقيل : اليمين القوة ويسمى العضو يمينا لوفور قوته على اليسار ، ومنه قوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=45لأخذنا منه باليمين } أي بالقوة ، ولما كان الحلف يقوي الخبر من الوجود أو العدم سمي يمينا ، فعلى هذا التفسير يكون التزام الطلاق أو العتق وغيرهما على تقدير المخالفة يمينا ، بخلاف التفسير الأول ، انتهى .
وقال
ابن عبد السلام والقسم بتحريك السين بمعنى اليمين ، وأقسمت أي حلفت ، قال بعضهم : أصله من القسامة ، وهي الأيمان تقسم على الأولياء ، والحلف بكسر اللام وسكونها بمعناه ، انتهى .
وفي الصحاح وقوله تعالى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28تأتوننا عن اليمين } قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أي من قبل الدين فتزينون لنا ضلالتنا ، كأنه أراد عن المأتي السهل
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي فلان عندنا باليمين أي بمنزلة حسنة ، ويقال : قدم فلان على أيمن اليمين أي على اليمين .
واليمين القسم والجمع أيمن وأيمان ، انتهى . هذا
nindex.php?page=treesubj&link=16342معنى اليمين لغة ، وأما في العرف ، فقال
ابن عبد السلام لا يحتاج إلى تعريف برسم ولا حد لاشتراك الخاصة والعامة في معرفته قال
ابن عرفة قيل : ومعناه ضروري لا يعرف ، والحق نظري ; لأنه مختلف فيه ، الأكثر التعليق منه لترجمتها كتاب الأيمان بالطلاق وإطلاقاتها وغيرها ، ولو لم يكن حقيقة ما لزم في الأيمان اللازمة دون نية ، إذ لا يلزم مجاز دونها ، ورده بلزومه دونها إذا كان راجحا على الحقيقة يرد بأنه المعنى من الحقيقة العرفية
ابن رشد وابن بشير مجاز ، وكل مختلف فيه غير ضروري ، فاليمين قسم أو التزام مندوب غير مقصود به القربة ، أو ما يجب بإنشاء لا يفتقر لقبول معلق بأمر مقصود عدمه ، فيخرج نحو إن فعلت كذا فلله علي طلاق فلانة ، أو عتق عبدي فلان
ابن رشد لا يلزمه الطلاق لأنه غير قربة (
قلت ) عزاه
الشيخ لكتاب
محمد nindex.php?page=showalam&ids=14757والعتبي لسماع
عيسى ابن القاسم ابن رشد ويلزم العتق ولا يجبر عليه وإن كان معينا ; لأنه نذر ولا وفاء به إلا بنية ، وما أكره عليه غير منوي له
ابن العربي .
[ ص: 260 ] اليمين : ربط العقد بالامتناع والترك أو بالإقدام على فعل بمعنى معظم حقيقة أو اعتقادا ، ويرد بتكرار الترك وخروج الغموس واللغو والتعليق ، انتهى . وقوله : بتكرار الترك يعني أن قوله : والترك مكرر مع قوله : الامتناع ، واعترضه
القرافي أيضا بالغموس وما أشبهها بأن جميع ما ذكر يتصور بغير لفظ ،
والعرب لا تسمي الساكت حالفا ، وبأن اليمين قد تكون على فعل الغير ، فلا يكون هناك إقدام ولا إحجام ، قال : والحق أن يقال : هو جملة خبرية وضعا إنشائية معنى متعلقة بمعنى معظم عند المتكلم مؤكدة بجملة أخرى من غير جنسها ، فقولنا : خبرية ; لأن ذلك صيغتها وقولنا : إنشائية ; لأنها لا تحتمل التصديق والتكذيب وقولنا : من غير جنسها احتراز من تكرار القسم فإنه لا يسمى حلفا إلا إذا ذكر المحلوف عليه ، وبقية القيود ظاهرة ، وقد خصص الشرع هذا المعنى ببعض موارده ، وهو أن يكون المعظم ذات الله أو صفاته العلى كما صنع في الصلاة والصوم وغيرهما ، انتهى .
وقال في اللباب : اليمين هو الحلف بمعظم تأكيدا لدعواه أو لما عزم على فعله أو تركه ، انتهى .
بَابٌ ( الْيَمِينُ تَحْقِيقُ مَا لَمْ يَجِبْ )
ش : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ : الْيَمِينُ فِي اللُّغَةِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْيَمِينِ الَّذِي هُوَ الْعُضْوُ ; لِأَنَّهُمْ كَانُوا إذَا حَلَفُوا وَضَعَ أَحَدُهُمْ يَمِينَهُ فِي يَمِينِ صَاحِبِهِ فَسُمِّيَ الْحَلِفُ يَمِينًا .
وَقِيلَ : الْيَمِينُ الْقُوَّةُ وَيُسَمَّى الْعُضْوُ يَمِينًا لِوُفُورِ قُوَّتِهِ عَلَى الْيَسَارِ ، وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=45لَأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ } أَيْ بِالْقُوَّةِ ، وَلَمَّا كَانَ الْحَلِفُ يُقَوِّي الْخَبَرَ مِنْ الْوُجُودِ أَوْ الْعَدَمِ سُمِّيَ يَمِينًا ، فَعَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ يَكُونُ الْتِزَامُ الطَّلَاقِ أَوْ الْعِتْقِ وَغَيْرِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ الْمُخَالَفَةِ يَمِينًا ، بِخِلَافِ التَّفْسِيرِ الْأَوَّلِ ، انْتَهَى .
وَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْقَسَمُ بِتَحْرِيكِ السِّينِ بِمَعْنَى الْيَمِينِ ، وَأَقْسَمْت أَيْ حَلَفْت ، قَالَ بَعْضُهُمْ : أَصْلُهُ مِنْ الْقَسَامَةِ ، وَهِيَ الْأَيْمَانُ تُقْسَمُ عَلَى الْأَوْلِيَاءِ ، وَالْحَلِفُ بِكَسْرِ اللَّامِ وَسُكُونِهَا بِمَعْنَاهُ ، انْتَهَى .
وَفِي الصِّحَاحِ وقَوْله تَعَالَى : {
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=28تَأْتُونَنَا عَنْ الْيَمِينِ } قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ أَيْ مِنْ قِبَلِ الدِّينِ فَتُزَيِّنُونَ لَنَا ضَلَالَتِنَا ، كَأَنَّهُ أَرَادَ عَنْ الْمَأْتِيِّ السَّهْلِ
nindex.php?page=showalam&ids=13721الْأَصْمَعِيُّ فُلَانٌ عِنْدَنَا بِالْيَمِينِ أَيْ بِمَنْزِلَةٍ حَسَنَةٍ ، وَيُقَالُ : قَدِمَ فُلَانٌ عَلَى أَيْمَنِ الْيَمِينِ أَيْ عَلَى الْيَمِينِ .
وَالْيَمِينُ الْقَسَمُ وَالْجَمْعُ أَيْمُنٌ وَأَيْمَانٌ ، انْتَهَى . هَذَا
nindex.php?page=treesubj&link=16342مَعْنَى الْيَمِينِ لُغَةً ، وَأَمَّا فِي الْعُرْفِ ، فَقَالَ
ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَحْتَاجُ إلَى تَعْرِيفٍ بِرَسْمٍ وَلَا حَدٍّ لِاشْتِرَاكِ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ فِي مَعْرِفَتِهِ قَالَ
ابْنُ عَرَفَةَ قِيلَ : وَمَعْنَاهُ ضَرُورِيٌّ لَا يُعَرَّفُ ، وَالْحَقُّ نَظَرِيٌّ ; لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ ، الْأَكْثَرُ التَّعْلِيقُ مِنْهُ لِتَرْجَمَتِهَا كِتَابَ الْأَيْمَانِ بِالطَّلَاقِ وَإِطْلَاقَاتِهَا وَغَيْرِهَا ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ حَقِيقَةً مَا لَزِمَ فِي الْأَيْمَانِ اللَّازِمَةِ دُونَ نِيَّةٍ ، إذْ لَا يَلْزَمُ مَجَازٌ دُونَهَا ، وَرَدُّهُ بِلُزُومِهِ دُونَهَا إذَا كَانَ رَاجِحًا عَلَى الْحَقِيقَةِ يُرَدُّ بِأَنَّهُ الْمَعْنَى مِنْ الْحَقِيقَةِ الْعُرْفِيَّةِ
ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ بَشِيرٍ مَجَازٌ ، وَكُلُّ مُخْتَلَفٍ فِيهِ غَيْرُ ضَرُورِيٍّ ، فَالْيَمِينُ قَسَمٌ أَوْ الْتِزَامٌ مَنْدُوبٌ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِهِ الْقُرْبَةُ ، أَوْ مَا يَجِبُ بِإِنْشَاءٍ لَا يَفْتَقِرُ لِقَبُولٍ مُعَلَّقٍ بِأَمْرٍ مَقْصُودٍ عَدَمُهُ ، فَيَخْرُجُ نَحْوُ إنْ فَعَلْت كَذَا فَلِلَّهِ عَلَيَّ طَلَاقُ فُلَانَةَ ، أَوْ عَتَقَ عَبْدِي فُلَانٌ
ابْنُ رُشْدٍ لَا يَلْزَمُهُ الطَّلَاقُ لِأَنَّهُ غَيْرُ قُرْبَةٍ (
قُلْت ) عَزَاهُ
الشَّيْخُ لِكِتَابِ
مُحَمَّدٍ nindex.php?page=showalam&ids=14757وَالْعُتْبِيِّ لِسَمَاعِ
عِيسَى ابْنِ الْقَاسِمِ ابْنُ رُشْدٍ وَيُلْزَمُ الْعِتْقُ وَلَا يُجْبَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ مُعَيَّنًا ; لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَلَا وَفَاءَ بِهِ إلَّا بِنِيَّةٍ ، وَمَا أُكْرِهَ عَلَيْهِ غَيْرُ مَنْوِيٍّ لَهُ
ابْنُ الْعَرَبِيِّ .
[ ص: 260 ] الْيَمِينُ : رَبْطُ الْعَقْدِ بِالِامْتِنَاعِ وَالتَّرْكِ أَوْ بِالْإِقْدَامِ عَلَى فِعْلٍ بِمَعْنًى مُعَظَّمٍ حَقِيقَةً أَوْ اعْتِقَادًا ، وَيَرِدُ بِتَكْرَارِ التَّرْكِ وَخُرُوجِ الْغَمُوسِ وَاللَّغْوِ وَالتَّعْلِيقِ ، انْتَهَى . وَقَوْلُهُ : بِتَكْرَارِ التَّرْكِ يَعْنِي أَنَّ قَوْلَهُ : وَالتَّرْكُ مُكَرَّرٌ مَعَ قَوْلِهِ : الِامْتِنَاعُ ، وَاعْتَرَضَهُ
الْقَرَافِيُّ أَيْضًا بِالْغَمُوسِ وَمَا أَشْبَهَهَا بِأَنَّ جَمِيعَ مَا ذُكِرَ يُتَصَوَّرُ بِغَيْرِ لَفْظٍ ،
وَالْعَرَبُ لَا تُسَمِّي السَّاكِتَ حَالِفًا ، وَبِأَنَّ الْيَمِينَ قَدْ تَكُونُ عَلَى فِعْلِ الْغَيْرِ ، فَلَا يَكُونُ هُنَاكَ إقْدَامٌ وَلَا إحْجَامٌ ، قَالَ : وَالْحَقُّ أَنْ يُقَالَ : هُوَ جُمْلَةٌ خَبَرِيَّةٌ وَضْعًا إنْشَائِيَّةٌ مَعْنًى مُتَعَلِّقَةٌ بِمَعْنًى مُعَظَّمٍ عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ مُؤَكَّدَةٌ بِجُمْلَةٍ أُخْرَى مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا ، فَقَوْلُنَا : خَبَرِيَّةٌ ; لِأَنَّ ذَلِكَ صِيغَتُهَا وَقَوْلُنَا : إنْشَائِيَّةٌ ; لِأَنَّهَا لَا تَحْتَمِلُ التَّصْدِيقَ وَالتَّكْذِيبَ وَقَوْلُنَا : مِنْ غَيْرِ جِنْسِهَا احْتِرَازٌ مِنْ تَكْرَارِ الْقَسَمِ فَإِنَّهُ لَا يُسَمَّى حَلِفًا إلَّا إذَا ذُكِرَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ ، وَبَقِيَّةُ الْقُيُودِ ظَاهِرَةٌ ، وَقَدْ خَصَّصَ الشَّرْعُ هَذَا الْمَعْنَى بِبَعْضِ مَوَارِدِهِ ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُعَظَّمُ ذَاتَ اللَّهِ أَوْ صِفَاتِهِ الْعُلَى كَمَا صَنَعَ فِي الصَّلَاةِ وَالصَّوْمِ وَغَيْرِهِمَا ، انْتَهَى .
وَقَالَ فِي اللُّبَابِ : الْيَمِينُ هُوَ الْحَلِفُ بِمُعَظَّمٍ تَأْكِيدًا لِدَعْوَاهُ أَوْ لِمَا عَزَمَ عَلَى فِعْلِهِ أَوْ تَرْكِهِ ، انْتَهَى .