الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                            مواهب الجليل في شرح مختصر خليل

                                                                                                                            الحطاب - محمد بن محمد بن عبد الرحمن الرعينى

                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( وأتم مكانه إن ظن فراغ إمامه وأمكن وإلا فالأقرب إليه وإلا بطلت ورجع إن ظن بقاءه أو شك ولو بتشهد وفي الجمعة مطلقا الأول الجامع وإلا بطلتا )

                                                                                                                            ش يعني أن الراعف إذا غسل الدم وأراد إتمام الصلاة فلا يخلو إما أن يكون جمعة أو غيرها فإن كانت جمعة فسيأتي حكمها وإن كانت غير جمعة فلا يخلو إما أن يغلب على ظنه أن الإمام قد فرغ من صلاته أو يغلب على ظنه أنه يدرك منه شيئا من الصلاة أو يشك في ذلك فإن ظن فراغ الإمام وأحرى إن علم ذلك فإنه يتم مكانه إن أمكنه إتمام الصلاة فيه بأن يكون موضعه ظاهرا تتهيأ فيه الصلاة وقوله وإلا فالأقرب أي وإن لم يمكنه إتمام الصلاة في الموضع الذي يغسل فيه الدم لنجاسته أو لضيقه أو لغير ذلك فإنه يذهب إلى أقرب المواضع إليه مما يصلح للصلاة فيتم فيه صلاته وقوله وإلا بطلت راجع إلى قوله أتم مكانه وإلى قوله وإلا فالأقرب أي فإن لم يتم مكانه مع ظنه مع فراغ الإمام بل رجع إلى الموضع الذي كان فيه الإمام فإن صلاته تبطل برجوعه لمخالفته لما أمر به وكذا إذا لم يمكنه الإتمام بموضعه وقلنا يتجاوزه إلى الأقرب فتجاوزه إلى الأبعد فتبطل صلاته كما صرح به صاحب الجمع ونقله عن ابن حبيب وأما إن ظن بقاء الإمام حتى يدرك شيئا من صلاته ولو التشهد أو شك في ذلك فإن لم يرجع بطلت صلاته هذا حكم غير الجمعة وأما إن أصابه الرعاف في الجمعة وخرج لغسله فإنه يرجع مطلقا إلى أول مكان من الجامع أي سواء ظن بقاء الإمام وأنه يدرك شيئا من صلاته أو ظن فراغه وعلم ذلك فإن لم يرجع إلى الجامع بطلت صلاته وإلى البطلان في هذه المسألة والمسألة التي قبلها أشار بقوله بطلتا .

                                                                                                                            ( تنبيهات الأول ) مستند الظن في فراغ الإمام وبقائه يرجع إلى تقديره واجتهاده أو إلى خبر عدل قاله صاحب الجمع ويفهم ذلك من كلام ابن بشير ( الثاني ) قوله إذا ظن فراغ إمامه أتم مكانه يريد سواء ظن فراغه عند إتمام غسله وظن أنه الآن باق ولكنه يفرغ وهو في الطريق قبل أن يصل إليه ففي الصورتين يتم مكانه هذا هو الظاهر من كلامهم قال اللخمي إذا غسل الراعف الدم أتم في موضعه إذا كان فذا أو مأموما وكان إذا رجع ولم يدرك شيئا من صلاة إمامه انتهى .

                                                                                                                            ( الثالث ) إذا ظن بقاء الإمام فرجع ثم ظن في بعض الطريق فراغ الإمام فإنه يتم مكانه إن أمكن وإلا ففي أقرب موضع يمكنه الإتمام فيه فإن جاوز ذلك بطلت صلاته وهذا ظاهر وقد صرح به شراح ابن الحاجب .

                                                                                                                            ( الرابع ) ظاهر كلام المصنف أنه إذا ظن فراغ الإمام أتم مكانه ولو كانت الصلاة في مسجد مكة أو المدينة وهذا هو المشهور وروي عن مالك أنه يرجع في مسجد مكة ومسجد الرسول صلى الله عليه وسلم إلى المسجد ولو سلم الإمام قاله في التوضيح قال الباجي فجعل الرجوع لفضيلة المكان انتهى .

                                                                                                                            وعزا ابن عرفة هذه الرواية لرواية النسائي وقال ابن ناجي في شرح المدونة وظاهر الكتاب : إن مسجد مكة والمدينة كغيرهما وهو كذلك على المشهور وروى النسائي أنه يرجع إليهما مطلقا قال الباجي : فجعل الرجوع لفضيلة المكان وإن لم يكن من شرط صحة الصلاة انتهى . ونحوه لابن فرحون وغيره من شراح ابن الحاجب فجعلوا هذه الرواية خلاف المشهور وظاهر كلام صاحب الطراز أنها المذهب فإنه قال : فرع ولو كانت صلاته في المسجد الحرام ومسجد الرسول قال مالك في المدونة : إنه يرجع إلى إتمام الصلاة فراعى فضل البقعة وعلى قول ابن شعبان لا يرجع لذلك انتهى . وتبعه على ذلك القرافي وصدر بالرجوع ثم قال : وعلى قول ابن شعبان لا يرجع ويعني بقول ابن شعبان ما سيأتي له أن الراعف لا يرجع إلا إذا ظن أنه يدرك مع الإمام ركعة وأما إن ظن أنه لا يدرك معه ركعة فلا يرجع لأن ما يدركه [ ص: 488 ] في حكم النافلة لأنه زائد على الصلاة ولا ضرورة له في ذلك وجزم البساطي في المغني بهذه الرواية ولم يذكر غيرها وقال في شرحه في المذهب رواية أنه يرجع ولو ظن فراغ الإمام في المسجدين المعظمين فاختلف هل هي تقييد فيكون المذهب أنه لا يرجع في غيرهما ويرجع فيهما أو هي خلاف فيكون المشهور أنه يرجع مطلقا وتبطل صلاته ومقابله تبطل في غيرهما انتهى قلت والأكثر على الطريقة الأولى ومنهم الباجي في المنتقى والله أعلم .

                                                                                                                            ( الخامس ) إذا ظن فراغ الإمام وأتم مكانه صحت صلاته سواء أصاب ظنه أو أخطأ هذا هو المشهور قال اللخمي فإن تبين أنه أخطأ في التقدير وأنه كان يدركه لو رجع أجزأته صلاته وهو قول ابن القاسم في المبسوط انتهى . وقاله غير اللخمي وقال البرزلي إذا ظن الراعف فراغ الإمام وكمل في موضعه فتبين عدم تكميله فعن ابن القاسم عدم الإعادة وفيه اعتراض لأن المأموم سلم قبل إمامه انتهى . قال في التوضيح وحكى ابن رشد قولا إذا أخطأ ظنه بالبطلان فإن خالف ظنه ورجع بطلت صلاته أصاب ظنه أو أخطأ قال في التوضيح : ويتخرج فيها قول بالصحة فيما إذا خالف ظنه وتبين خطأ ظنه وأدرك الإمام مما حكاه ابن رشد في الفرع الذي قبله انتهى . وقال ابن بشير : إن تأول وجوب الرجوع فيختلف في بطلان صلاته بناء على أن الجاهل كالعامد أو كالناسي انتهى قلت والمشهور أنه كالعامد ، ( السادس ) إذا ظن بقاء الإمام أو شك في ذلك لزمه الرجوع مطلقا سواء ظن أنه يدرك ركعة أم لا قال في المنتقى والمشهور من المذهب أن الراعف يرجع ما دام إمامه في بقية من صلاته تشهد أو غيره وقال الشيخ أبو إسحاق يعني ابن شعبان : إن رجا أن يدرك مع إمامه ركعة وإلا صلى مكانه انتهى . ونقله في التوضيح وقال بعده : قال ابن يونس وهو خلاف مذهب المدونة انتهى . وقال ابن ناجي في شرح الرسالة فظاهر كلام الشيخ أنه إذا طمع أن يدرك شيئا من صلاة الإمام ولو السلام فإنه يرجع إليه وهو كذلك على ظاهر المدونة وغيرها وقال ابن شعبان : إن لم يطمع بإدراك ركعة لم يرجع انتهى . وهكذا قال عبد الحق في التهذيب أنه يرجع ولو علم أنه يدرك السلام وذكر عن بعض شيوخه أنه إذا لم يطمع في إدراك ركعة جاز له البناء في مكانه وتصح أفعاله وإن كانت قبل فراغ الإمام لأنه لما علم بأنه لا يدرك معه ركعة خرج من إمامته وسقط حكم مراعاته قال : ورأيت نحوه لابن شعبان انتهى قلت ويأتي مثله على المشهور فيما إذا علم أنه إن رجع لا يدرك شيئا من صلاة الإمام ولكنه يعلم الآن أن الإمام باق في الصلاة فإنه يبني مكانه وإن كان ذلك قبل فراغ الإمام فتأمله والله أعلم .

                                                                                                                            ولا يضره ذلك كما إذا تبين خطأ ظنه فإن صلاته صحيحة وإن كانت أفعاله قبل فراغ الإمام ( السابع ) قال ابن فرحون إذا قلنا يرجع فإنه يرجع إلى أقرب موضع يصلي فيه مع الإمام ولا يرجع إلى محل مصلاه أولا لأنه زيادة في المشي في الصلاة انتهى ونقله صاحب الجمع عن ابن راشد وهو ظاهر فعلى هذا إذا قرب من المسجد وصار في موضع يصح له فيه الاقتداء بالإمام بحيث صار يدرك أفعال الإمام وأفعال المأمومين أو أقوالهم وكان الموضع طاهرا يمكنه الصلاة فيه فلا يجوز له أن يتعداه وإن تعداه بطلت صلاته وهو ظاهر ( الثامن ) إذا ظن بقاء الإمام أو شك ورجع وأصاب ظنه فلا شك في صحة صلاته فإن أخطأ ظنه ووجد الإمام قد فرغ فصلاته صحيحة ويتم في الموضع الذي علم فيه بفراغ الإمام إذا أمكنه قال اللخمي وإن رجا أن يدركه رجع فإن وجده قد أتم هو ولم تفسد صلاته انتهى . وانظر هل يتخرج فيها قول بالبطلان من القول الذي حكاه ابن رشد فيمن ظن فراغ الإمام وأتم مكانه ثم تبين خطأ ظنه والظاهر أنه لا يتخير خلاف الرجوع إلى متابعة الإمام هو الأصل قال في الذخيرة لما تكلم على رجوع الراعف [ ص: 489 ] بعد غسل الدم ( تنبيه ) تعارض هنا محذور أن أحدهما مفارقة الإمام بعد التزامه الصلاة معه وذلك لا يجوز والثاني الحركات إلى الإمام فعل زائد في الصلاة وذلك لا يجوز ولا بد للراعف من أحدهما فيحتاج إلى الترجيح فالمشهور مراعاة الأول ووجوب الرجوع لأوجه أحدها . إن وجوب الاقتداء راجح بالاستصحاب لثبوته قبل الرعاف بخلاف الآخر ، وثانيها أن الزيادة إنما تمنع وتفسد إذا كانت خالية عن القربة وهذه وسيلة إلى القربة في الاقتداء فتكون قربة وثالثها أن هذه حالة ضرورة فتؤثر في عدم اعتبار الحركات ولا تؤثر في ترك الاقتداء انتهى . فعلم من هذا أن الرجوع هو الأصل فالإتيان به أرجح فتأمله .

                                                                                                                            ( التاسع ) إذا ظن بقاء الإمام أو شك ، وقلنا إنه يرجع فخالف وأتم الصلاة مكانه بطلت صلاته وهذا ظاهر وهو أحد الصورتين اللتين أشار المصنف إليهما بقوله : وإلا بطلتا وظاهره سواء وافق ظنه حال الإمام أم لا وهو كذلك لكن قال البساطي فيشرحه : إن وافق ظنه حال الإمام بطلت صلاته اتفاقا وإن خالف ظنه حال الإمام فإن تبين أن الإمام فرغ بطلت على المشهور قلت ولم أقف على هذا لغيره بل ذكر الجزولي في شرح الرسالة أن الصلاة تبطل ولو تبين خلاف ظنه من غير خلاف ونصه ولو علم أنه يدرك بقية صلاة الإمام أو شك وبنى في منزله ثم تبين له أنه لو رجع لم يدرك شيئا فصلاته باطلة قالوا من غير خلاف الشيخ وإن كان اختلف فيمن فعل ما لا يجوز له ثم تبين أنه الواجب عليه هل صلاته باطلة أم لا ؟ قولان كمن صلى خامسة ثم تبين أنها رابعة انتهى .

                                                                                                                            ( العاشر ) قال في التوضيح هذا التقسيم ظاهر في المأموم والإمام ; لأنه إذا استخلف صار حكمه حكم المأموم وأما الفذ فيتم مكانه من غير رجوع انتهى . وقال ابن فرحون : فيتم صلاته بموضع غسله إن أمكن وإلا ففي أقرب موضع يصلح للصلاة انتهى . والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            ( الحادي عشر ) ما ذكر أنه يرجع في الجمعة مطلقا للجامع هو مذهب المدونة وهو المشهور فإن لم يرجع وأتم مكانه أو في غير الجامع الذي صلى فيه بطلت جمعته على المشهور وهي الصورة الثانية في قول المصنف وإلا بطلت . وقال ابن رشد : قال بعض أصحابنا يبني في أقرب مسجد إليه وهذا ظاهر تعليل ابن القاسم بأن الجمعة لا تصلى في البيوت ، ونقله المصنف في التوضيح وابن عرفة وابن ناجي في شرح المدونة وعلى المشهور فهل لا بد أن يرجع إلى نفس الجامع ؟ قال في التوضيح وهو المشهور : أو إلى أقرب موضع تصلى فيه الجمعة وهو قول ابن شعبان قال : وإن أتم في موضعه لم أر عليه إعادة قال المازري : فأشار إلى أن الرجوع للجامع فضيلة وإذا بنينا على المشهور فإنه يكتفى بأول الجامع فإن تعداه بطلت ، نص عليه الباجي انتهى كلام التوضيح ونقل ابن عرفة وغيره قول ابن شعبان بلفظ قال ابن شعبان يبني في أدنى موضع تصح فيه الجمعة بصلاة الإمام ، قال صاحب الطراز : فوجه قول ابن القاسم أن الجمعة لما كان من شرطها المسجد وأن ما يصليها من كان خارج المسجد لضرورة الزحام ولا يجد مكانا وهذا الراعف إنما يتم صلاة الجمعة وهو قادر على المسجد فلا يسعه أن يصلي في غيره ثم وجه قول ابن شعبان بأنه لو صلى ثم أحدث لصحت صلاته ، وبأن المسجد إنما يجب عند استكمال الشروط وقد فاتت الجماعة والإمام فلا يجب الجامع ، وبأنه لو أدرك ثمة أحد ركعة وهو مسبوق واتصلت به الصفوف فإنه إذا سلم الإمام وانفض الناس فإنما يأتي بالركعة الثانية في ذلك الموضع ، ولا ينتقل للمسجد فقد صار لذلك الموضع حكم المسجد انتهى باختصار . فعلى قول ابن شعبان إذا وصل لأول موضع تقام فيه الجمعة من رحاب المسجد أو طرقه المتصلة به يتم هناك ، قال البساطي : وظاهره وإن كان ابتدأها في الجامع وإنه لا يجوز له أن يتعدى ذلك وهذا ظاهر والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            وقال اللخمي : في المسألة ثلاثة أقوال [ ص: 490 ] فذكر المشهور وقول ابن شعبان قال : وقال المغيرة : إن حال بينه وبين الرجوع واد فليضف إليها أخرى ثم يصلي أربعا ، قال ابن عرفة : وهو مشكل لأنه هو الأولى وعليه حمله المازري وابن يونس أي جعلوا قول المغيرة تفسيرا لمذهب المدونة ، ثم قال ابن عرفة : وقول ابن بشير ومن تابعه ثالثها إن أمكنه رجع وإلا فمكانه غرور بظاهر قول اللخمي وأخذ ابن يونس الثالث من قول أشهب من هرب مأمومه بعد ركعة أتمها جمعة انتهى . ولذا جعل صاحب الطراز والقرافي في ذخيرته قول المغيرة تفسيرا وكذا صاحب المقدمات قال فيها : حكم الراعف في الجمعة وغيرها سواء إلا في موضعين : أحدهما أنه إذا صلى مع الإمام ركعة ثم رعف فلم يفرغ من غسل الدم حتى أتم الإمام فلا يصلي الثانية إلا في المسجد الذي ابتدأ فيه الصلاة فإن حال بينه وبين الرجوع إلى المسجد واد وأمر غالب أضاف إليها ركعة وصلى أربعا ، قاله المغيرة

                                                                                                                            والثاني : إذا رعف قبل أن يتم مع الإمام ركعة بسجدتيها ثم لم يفرغ حتى أتم الصلاة لا يبني على صلاة الإمام تمام ركعتين ويصلي أربع ركعات في موضعه على قول من رأى أنه يبني على الإحرام في الجمعة انتهى . وأما القول الثالث في كلام ابن بشير وتابعيه فقد ذكره الفاكهاني في شرح الرسالة ولم يعزه لكن ذكر عن صاحب البيان والتقريب أنه المشهور ورد عليه ذلك فقال : وفي المسألة قول ثالث وهو إن حال بينه وبين المسجد حائل أجزأته صلاته في موضع غسل الدم وإلا رجع إلى الجامع ، قال صاحب البيان والتقريب : وهذا القول هو المشهور قال الفاكهاني : إن هذا وهم منه بل المعروف من المذهب والمشهور منه اشتراط الرجوع إلى المسجد في الجمعة من غير تفصيل حتى لو حال بينه وبينه حائل قبل تمام صلاته بطلت جمعته قلت ونقل ابن يونس في باب الجمعة عن ابن القاسم أنه إذا صلى في أفنية المسجد أنه يجزئه ، قال ابن يونس : قال ابن أبي زمنين : قال ابن القاسم : إن صلى في أفنية المسجد يوم الجمعة أو قضى فيه ركعات كانت عليه من رعاف غسله وهو يجد موضعا في المسجد يصلي فيه إن ذلك يجزئه وخالفه سحنون وقال : يعيد أبدا ; لأن الصلاة في غير المسجد لا تجوز إلا لضيق المسجد انتهى . وهو خلاف ما تقدم عن ابن القاسم فيما حكاه صاحب الطراز ، ولعل له قولين والله أعلم .

                                                                                                                            ( الثاني عشر ) حيث قلنا يرجع للجامع فلا بد أن يرجع للجامع الذي ابتدأ الصلاة فيه ، قاله في المقدمات وقد تقدم لفظها .

                                                                                                                            ( الثالث عشر ) قول المصنف بطلت أي لأي جزء بقي عليه منها حتى لو رعف قبل أن يسلم فإنه يرجع ليوقع السلام في الجامع كما صرح به في التوضيح وقاله ابن هارون ونقله ابن فرحون وهو ظاهر قوله في المدونة ، وإذا رعف المأموم بعد فراغه من التشهد قبل سلام الإمام ذهب فغسل الدم ثم رجع فتشهد وسلم قال صاحب الطراز : قوله رجع معناه إذا طمع بإدراك الإمام قبل أن يسلم وفيه الخلاف مع ابن شعبان أو يكون في جمعة أو في أحد الحرمين .

                                                                                                                            ( الرابع عشر ) قوله لأول الجامع ظاهره ولو كان ابتداء الصلاة خارج الجامع لزحام أو ضيق ، وقيد ابن عبد السلام هذا بما إذا لم يكن ابتدأها خارجه ونصه - نقل في الرجوع في الجمعة ثلاثة أقوال : الرجوع مطلقا وهو المشهور رعيا لما ابتدأ عليه لأن الأصل فيما طلب ابتداء طلب دوامه . وهذا والله أعلم ما لم يكن ابتدأها في موضع خارج المسجد لضيق المسجد انتهى . ولم ينبه المصنف على ذلك في التوضيح ولا ابن عرفة ونقله عنه البساطي في المغني وقبله ونقله صاحب الجمع وبحث فيه فقال : يمكن أن يقال كان ذلك لموجب وقد انتفى فينبغي الإتمام ثمة ويرجع إلى الأصل والأول أظهر انتهى .

                                                                                                                            قلت : الذي يظهر من كلامهم أنه حيث أمكنه الرجوع إلى الجامع فلا بد من رجوعه إليه فتأمله .

                                                                                                                            ( الخامس عشر ) هذا كله إنما هو إذا [ ص: 491 ] حصل له ركعة من الجمعة بسجدتيها قبل رعافه وأما إن لم يحصل له ركعة بسجدتيها وظن فراغ الإمام فإنه يقطع ويبتدئ ظهرا في محله أو في أي محل شاء على المشهور أو يبني على إحرامه ويصلي أربعا في محله على قول سحنون كما تقدم في كلام المقدمات قاله في الشامل وهذا يفهم من كلام المصنف الآتي عقب هذا والله - تعالى - أعلم .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية