الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة ثمان وعشرين ومائتين

            ذكر غزوات المسلمين في جزيرة صقلية  

            في هذه السنة سار الفضل بن جعفر الهمداني في البحر ، فنزل مرسى مسيني ، وبث السرايا ، فغنموا غنائم كثيرة ، واستأمن إليه أهل نابل ، وصاروا معه ، وقاتل الفضل مدة سنتين واشتد القتال ، فلم يقدر على أخذها ، فمضى طائفة من العسكر ، واستداروا خلف جبل مطل على المدينة ، ( فصعدوا إليه ، ونزلوا إلى المدينة ) وأهل البلد مشغولون بقتال جعفر ومن معه ، فلما رأى أهل البلد أن المسلمين دخلوا عليهم من خلفهم ، انهزموا ، وفتح البلد .

            وفيها فتحت مدينة مسكان  

            وفي سنة تسع وعشرين ومائتين خرج أبو الأغلب العباس بن الفضل في سرية ، فبلغ شرة ، فقاتله أهلها ( قتالا شديدا ) ، فانهزمت الروم ، وقتل منهم ما يزيد على عشرة آلاف رجل ، واستشهد من المسلمين ثلاثة نفر ، ولم يكن بصقلية قبلها مثلها .

            ذكر الحرب بين موسى بن موسى والحارث بن يزيغ  

            في هذه السنة كانت حرب بين موسى عامل تطيلة وبين عسكر عبد الرحمن أمير الأندلس ، والمقدم عليهم الحارث بن يزيغ .

            وسبب ذلك أن موسى بن موسى كان من أعيان قواد عبد الرحمن ، وهو العامل على مدينة تطيلة ، فجرى بينه وبين القواد تحاسد سنة سبع وعشرين ، وقد ذكرناه ، فعصى موسى بن موسى على عبد الرحمن ، فسير إليه جيشا ، واستعمل عليهم الحارث بن يزيغ والقواد ، فاقتتلوا عند برجة ، فقتل كثير من أصحاب موسى ، وقتل ابن عم له ، وعاد الحارث إلى سرقسطة ، فسير موسى ابنه ألب بن موسى إلى برجة ، فعاد الحارث إليها ، وحصرها ، فملكها ، وقتل ابن موسى ، وتقدم إلى أبيه ، فطلبه ، فحضر ، فصالحه موسى على أن يخرج عنها ، فانتقل موسى إلى أرنيط .

            وبقي الحارث يتطلبه أياما ، ثم سار إلى أرنيط ، فحصر موسى بها ، فأرسل موسى إلى غرسية ، وهو من ملوك الأندلسيين المشركين ، واتفقا على الحارث ، واجتمعا ، وجعلا له كماين في طريقه ، واتخذ له الخيل والرجال بموضع يقال له : بلمسة على نهر هناك ، فلما جاء الحارث النهر خرج الكمناء عليه ، وأحدقوا به ، وجرى معه قتال شديد ، وكانت وقعة عظيمة ، وأصابته ضربة في وجهه ، فلقت عينيه ، ثم أسر في هذه الوقعة .

            ذكر عدة حوادث  

            في هذه السنة أعطى الواثق أشناس تاجا ووشاحين .

            وفيها غلا السعر بطريق مكة ، فبلغ الخبز كل رطل بدرهم  ، وراوية الماء بأربعين درهما ، وأصاب الناس في الموقف حر شديد ، ثم أصابهم مطر فيه برد ، واشتد البرد عليهم بعد ساعة من ذلك ( الحر ) وسقطت قطعة من الجبل عند جمرة العقبة ، فقتلت عدة من الحجاج .

            وحج بالناس محمد بن داود .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية