الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قال تعالى : ومن يعش عن ذكر الرحمن نقيض له شيطانا فهو له قرين وإنهم ليصدونهم عن السبيل ويحسبون أنهم مهتدون حتى إذا جاءنا قال يا ليت بيني وبينك بعد المشرقين فبئس القرين [ الزخرف : 36 - 38 ] . وقال تعالى : وقيضنا لهم قرناء فزينوا لهم ما بين أيديهم وما خلفهم [ فصلت : 25 ] . الآية . وقال تعالى : قال قرينه ربنا ما أطغيته ولكن كان في ضلال بعيد قال لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد [ ق : 27 - 29 ] . وقال تعالى : وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غرورا ولو شاء ربك ما فعلوه فذرهم وما يفترون ولتصغى إليه أفئدة الذين لا يؤمنون بالآخرة وليرضوه وليقترفوا ما هم مقترفون [ الأنعام : 112 - 113 ] .

            وقد قدمنا في صفة الملائكة ما رواه أحمد ، ومسلم من طريق منصور ، بسنديهما عن ابن مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة . قالوا : وإياك يا رسول الله . قال : وإياي ، ولكن الله أعانني عليه فلا يأمرني إلا بخير .

            وقال الإمام أحمد بسنده عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ليس منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الشياطين . قالوا : وأنت يا رسول الله . قال : نعم ، ولكن الله أعانني عليه فأسلم . وقال الإمام أحمد بسنده عن عروة بن الزبير حدثه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم حدثته : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا ، قالت : فغرت عليه ، قالت : فجاء فرأى ما أصنع . فقال : " مالك يا عائشة أغرت . " قالت فقلت : ومالي أن لا يغار مثلي على مثلك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أفأخذك شيطانك . " قالت : يا رسول الله أو معي شيطان ؟ قال : " نعم . " قلت : ومع كل إنسان ؟ قال : " نعم . " قلت : ومعك يا رسول الله ؟ قال : " نعم . " ولكن ربي أعانني عليه حتى أسلم " .

            وقال الإمام أحمد بسنده عن أبي هريرة : أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : إن المؤمن لينضي شيطانه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر . ومعنى لينضي شيطانه : ليأخذ بناصيته فيغلبه ويقهره ، كما يفعل بالبعير إذا شرد ثم غلبه ، وقوله تعالى إخبارا عن إبليس : قال فبما أغويتني لأقعدن لهم صراطك المستقيم ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين [ الأعراف : 16 - 17 ] .

            قال الإمام أحمد بسنده عن سبرة بن أبي فاكه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : إن الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه ; فقعد له بطريق الإسلام ، فقال : أتسلم وتذر دينك ودين آبائك ؟ قال : " فعصاه وأسلم " قال : وقعد له بطريق الهجرة ، فقال : أتهاجر وتذر أرضك وسماءك ؟ وإنما مثل المهاجر كالفرس في الطول . فعصاه وهاجر . ثم قعد له بطريق الجهاد ، وهو جهد النفس والمال ، فقال : أتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال ؟ قال : " فعصاه وجاهد " قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " فمن فعل ذلك منهم كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، وإن قتل كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، وإن كان غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة ، وإن وقصته دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة .

            وقال الإمام أحمد بسنده جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مطعم سمعت عبد الله بن عمر يقول : لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هذه الدعوات حين يصبح وحين يمسي : اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة ، اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي اللهم استر عوراتي ، وآمن روعاتي ، اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي ، وأعوذ بعظمتك أن أغتال من تحتي . قال وكيع : يعني الخسف .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية