فرجعوا إلى مصر ، فدخلوا على يوسف فقالوا: مسنا وأهلنا الضر وجئنا ببضاعة مزجاة   [12: 88] وكانت سمنا وصوفا ، فسألوا التجاوز عنهم ، وقالوا له: وتصدق علينا   [12: 88] أي: بفضل ما بين الرديء والجيد ، وقيل: ترد أخانا . فلما سمع كلامهم غلبته نفسه فارفض دمعه باكيا ثم باح لهم بالذي كان يكتم ، وقيل : إنما أظهر لهم ذلك لأن أباه كتب إليه ، حين قيل له إنه أخذ ابنه لأنه سرق - كتابا : 
من يعقوب إسرائيل الله بن إسحاق ذبيح الله بن إبراهيم خليل الله إلى عزيز مصر المظهر العدل 
أما بعد ، فإنا أهل بيت موكل بنا البلاء ، وأما جدي فشدت يداه ورجلاه ، وألقي في النار فجعلها الله بردا وسلاما ، وأما أبي فشدت يداه ورجلاه ، ووضع السكين على حلقه ليذبح ففداه الله ، وأما أنا فكان لي ابن وكان أحب أولادي إلي فذهب به إخوته إلى البرية فعادوا ومعهم قميصه ملطخا بدم ، وقالوا : أكله الذئب ، وكان لي ابن آخر أخوه لأمه فكنت أتسلى به فذهبوا به ، ثم رجعوا ، وقالوا : إنه سرق وإنك حبسته ، وإنا أهل بيت لا نسرق ، ولا نلد سارقا ، فإن رددته علي وإلا دعوت عليك دعوة تدرك السابع من ولدك . 
فلما قرأ الكتاب لم يتمالك أن بكى وأظهر لهم فقال : هل علمتم ما فعلتم بيوسف وأخيه إذ أنتم جاهلون  قالوا أئنك لأنت يوسف قال أنا يوسف وهذا أخي قد من الله علينا  بأن جمع بيننا ، فاعتذروا و قالوا تالله لقد آثرك الله علينا وإن كنا لخاطئين  قال لا تثريب عليكم اليوم   . أي لا أذكر لكم ذنبكم ، يغفر الله لكم  ، ثم سألهم عن أبيه ، فقالوا : لما فاته بنيامين عمي من الحزن ، فقال : اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه أبي يأت بصيرا وأتوني بأهلكم أجمعين   . فقال يهودا : أنا أذهب به لأني ذهبت إليه بالقميص ملطخا بالدم وأخبرته أن يوسف أكله الذئب ، فأنا أخبره أنه حي فأفرحه كما أحزنته . وكان هو البشير . 
ولما فصلت العير  عن مصر حملت الريح إلى يعقوب ريح يوسف ، وبينهما ثمانون فرسخا ، يوسف بمصر ويعقوب بأرض كنعان . فقال يعقوب : إني لأجد ريح يوسف لولا أن تفندون  ؟ فقال له من حضره من أولاده : تالله إنك  من ذكر يوسف لفي ضلالك القديم  فلما أن جاء البشير  بقميص يوسف ألقاه على وجه يعقوب فعاد بصيرا و قال ألم أقل لكم إني أعلم من الله ما لا تعلمون  ، يعني تصديق الله تأويل رؤيا يوسف ، و لما أن جاء البشير  قال له يعقوب : كيف تركت يوسف ؟ قال : إنه ملك مصر . قال : ما أصنع بالملك ! على أي دين تركته ؟ قال : على الإسلام . قال : الآن تمت النعمة . فلما رأى من عنده من أولاده قميص يوسف وخبره قالوا له : ياأبانا استغفر لنا ذنوبنا  قال سوف أستغفر لكم  أخر الدعاء إلى السحر من ليلة الجمعة . 
 
				 
				
 
						 
						

 
					 
					