روى أبو جعفر ابن جرير قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى ، عن ابن وهب ، عن سعيد بن عبد الرحمن الجمحي : أنه بلغه عن : خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أول جمعة صلاها بالمدينة في بني سالم بن عوف
الحمد لله ، أحمده وأستعينه ، وأستغفره وأستهديه [وأومن به ولا أكفره ، وأعادي من يكفره ، ] وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدا عبده ورسوله ، أرسله بالهدى والنور والموعظة ، على فترة من الرسل ، وقلة من العلم ، وضلالة من الناس ، وانقطاع عن الزمان ، ودنو من الساعة ، وقرب من الأجل ، من يطع الله ورسوله فقد رشد ، ومن يعص الله ورسوله فقد غوى وفرط ، وضل ضلالا بعيدا ، وأوصيكم بتقوى الله ، فإنه خير ما أوصى به المسلم المسلم أن يحضه على الآخرة ، وأن يأمره بتقوى الله ، فاحذروا ما حذركم الله من نفسه ، [ولا أفضل من ذلك نصيحة] ولا أفضل من ذلك ذكرا ، وإن تقوى الله لمن عمل به على وجل ومخافة من ربه ، عون صدق على ما تبغون من أمر الآخرة ، ومن يصلح الذي بينه وبين الله من أمره في السر والعلانية ، لا ينوي بذلك إلا وجه الله يكن له ذكرا في عاجل أمره ، وذخرا فيما بعد الموت حين يفتقر المرء إلى ما قدم ، وما كان من سوى [ذلك] يود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا ، ويحذركم الله نفسه ، والله رءوف بالعباد . والذي صدق قوله ، وأنجز وعده ، لا خلف لذلك ، فإنه يقول: ما يبدل القول لدي وما أنا بظلام للعبيد فاتقوا الله في عاجل أمركم وآجله في السر والعلانية ، فإنه من يتق الله يكفر عن سيئاته ، ويعظم له أجرا ، ومن يتق الله فقد فاز فوزا عظيما ، وإن تقوى الله [يوقي] مقته ، وعقوبته ، وسخطه ، ويبيض الوجوه ، ويرضي الرب ، ويرفع الدرجة .
[خذوا] بحظكم ، ولا تفرطوا في جنب الله ، قد علمكم الله كتابه ونهج لكم سبيله ، ليعلم الذين صدقوا وليعلم الكاذبين . فأحسنوا كما أحسن الله إليكم ، وعادوا أعداءه ، وجاهدوا في الله حق جهاده ، هو اجتباكم وسماكم المسلمين ليهلك من هلك عن بينة ، ويحيا من حي عن بينة ، ولا قوة إلا بالله ، فأكثروا ذكر الله ، واعلموا أنه خير الدنيا وما فيها ، واعملوا لما بعد الموت ، فإنه من يصلح ما بينه وبين الله يكفه الله ما بينه وبين الناس ، ذلك بأن الله يقضي الحق على الناس ولا يقضون ، ويملك من الناس ولا يملكون منه ، الله أكبر ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . قال ابن إسحاق : كانت أول خطبة خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغني عن أبي سلمة بن عبد الرحمن - ونعوذ بالله أن نقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل - أنه قام فيهم خطيبا ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ، ثم قال : ( أما بعد أيها الناس ، فقدموا لأنفسكم تعلمن والله ليصعقن أحدكم ثم ليدعن غنمه ليس لها راع ، ثم ليقولن له ربه وليس له ترجمان ولا حاجب يحجبه دونه : ألم يأتك رسولي فبلغك ، وآتيتك مالا وأفضلت عليك ، فما قدمت لنفسك فلينظرن يمينا وشمالا ، فلا يرى شيئا ثم لينظرن قدامه فلا يرى غير جهنم ، فمن استطاع أن يقي وجهه من النار ولو بشق من تمرة فليفعل ، ومن لم يجد فبكلمة طيبة ، فإن بها تجزى الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته ) .