الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ومضت قريش حتى نزلت بالعدوة القصوى من الوادي خلف العقنقل وبطن الوادي ، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون بينهم وبين الماء رحلة ، وغلب المشركون المسلمين في أول أمرهم على الماء ، فظمئ المسلمون ، وأصابهم ضيق شديد ، وألقى الشيطان في قلوبهم الغيظ ، فوسوس إليهم : تزعمون أنكم أولياء الله وفيكم رسول الله وقد غلبكم المشركون على الماء ، وأنتم تصلون مخبتين ، فأنزل الله تعالى تلك الليلة مطرا كثيرا ، فكان على المشركين وابلا شديدا منعهم من التقدم ، وكان على المسلمين طلا طهرهم الله به ، وأذهب عنهم رجز الشيطان ، ووطأ به الأرض ، وصلب الرمل ، وثبت الأقدام ، ومهد به المنزل ، وربط به على قلوبهم ، ولم يمنعهم من السير ، وسال الوادي فشرب المؤمنون ، وملأوا الأسقية ، وسقوا الركاب ، واغتسلوا من الجنابة ، كما قال تعالى : وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام [الأنفال : 11] .

            وأصاب المسلمين تلك الليلة نعاس ألقي عليهم فناموا ، حتى إن أحدهم ذقنه بين يديه وما يشعر حتى يقع على جنبه .

            وروى أبو يعلى والبيهقي في الدلائل عن علي رضي الله عنه قال : ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد ، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم ، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي تحت شجرة حتى أصبح .

            وروى عبد بن حميد ، عن قتادة قال : كان النعاس أمنة من الله ، وكان النعاس نعاسين : نعاس يوم بدر ونعاس يوم أحد ، وكانت ليلة الجمعة ، وبين الفريقين قوز من الرمل . وبعث صلى الله عليه وسلم عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما ، فأطافا بالقوم ، ثم رجعا فأخبراه أن القوم مذعورون ، وأن السماء تسح عليهم ، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم عشاء ، يبادرهم الماء فسبقهم إليه ، ومنعهم من السبق إليه المطر ، أرسله الله تعالى عليهم حتى جاء أدنى ماء من بدر ، نزل به.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية