قال ابن إسحاق وغيره : فقال -كما في صحيح مسلم وغيره- عمير بن الحمام أخو بني سلمة وفي يده تمرات يأكلهن : بخ بخ يا رسول الله ، عرضها السموات والأرض ؟ ! قال : «نعم» . قال : أفما بيني وبين أن أدخل الجنة إلا أن يقتلني هؤلاء ؟ وفي رواية قال : لئن حييت حتى آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة ، ثم قذف التمرات من يده ، وأخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل . ثم تزاحف الناس ودنا بعضهم من بعض ، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس فحرضهم فقال : «قوموا إلى جنة عرضها السموات والأرض ، والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا أدخله الله الجنة» .
وذكر ابن جرير أن عميرا قاتل وهو يقول :
ركضا إلى الله بغير زاد إلا التقى وعمل المعاد والصبر في الله على الجهاد
وكل زاد عرضة النفاد غير التقى والبر والرشاد
قال ابن عقبة : فكان أول قتيل قتل من المسلمين ، وقال ابن سعد : مهجع مولى عمر بن الخطاب .
مقتل عوف بن الحارث
قال ابن إسحاق : وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة : أن عوف بن الحارث وهو ابن عفراء قال : يا رسول الله : مم يضحك الرب من عبده ؟ قال : «غمسه يده في العدو حاسرا ؟ » فنزع درعا كانت عليه فألقاها ، ثم أخذ سيفه فقاتل القوم حتى قتل رضي الله عنه .
وقاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ بنفسه قتالا شديدا ، وكذلك أبو بكر رضي الله عنه ، كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع ، ثم نزلا فحرضا وحثا على القتال ، وقاتلا بأبدانهما ، جمعا بين المقامين .
روى ابن سعد ، والفريابي ، عن علي رضي الله عنه قال : لما كان يوم بدر وحضر البأس أمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم واتقينا به ، وكان أشد الناس بأسا يومئذ . وما كان أحد أقرب إلى المشركين منه .
وروى الإمام أحمد بلفظ : «لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم» والنسائي بلفظ : . «كنا إذا حمي البأس ولقي القوم القوم اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم»