إسلام أبي العاص بن الربيع
[ استيلاء المسلمين على تجارة معه وإجارة زينب له ]
قال ابن إسحاق :
قال : فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة أقبل على الناس ، فقال : أيها الناس ، هل سمعتم ما سمعت ؟ قالوا : نعم ، قال : أما والذي نفس محمد بيده ما علمت بشيء من ذلك حتى سمعت ما سمعتم ، إنه يجير على المسلمين أدناهم . ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فدخل على ابنته ، فقال : أي بنية ، أكرمي مثواه ، ولا يخلصن إليك ، فإنك لا تحلين له . [ وأقام أبو العاص بمكة ، وأقامت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ، حين فرق بينهما الإسلام ، حتى إذا كان قبيل الفتح ، خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام ، وكان رجلا مأمونا ، بمال له وأموال لرجال من قريش ، أبضعوها معه ، فلما فرغ من تجارته وأقبل قافلا ، لقيته سرية لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأصابوا ما معه ، وأعجزهم هاربا ، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله ، أقبل أبو العاص تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فاستجار بها ، فأجارته ، وجاء في طلب ماله ، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصبح - كما حدثني يزيد بن رومان فكبر وكبر الناس معه ، صرخت زينب من صفة النساء : أيها الناس ، إني قد أجرت أبا العاص بن الربيع . ] المسلمون يردون عليه ماله ثم يسلم
قال ابن إسحاق : وحدثني عبد الله بن أبي بكر : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال أبي العاص ، فقال لهم : إن هذا الرجل منا حيث قد علمتم ، وقد أصبتم له مالا ، فإن تحسنوا وتردوا عليه الذي له ، فإنا نحب ذلك ، وإن أبيتم فهو فيء الله الذي أفاء عليكم ، فأنتم أحق به ، فقالوا : يا رسول الله ، بل نرده عليه ، فردوه عليه ، حتى إن الرجل ليأتي بالدلو ، ويأتي الرجل بالشنة وبالإداوة ، حتى إن أحدهم ليأتي بالشظاظ ، حتى ردوا عليه ماله بأسره ، لا يفقد منه شيئا
ثم احتمل إلى مكة ، فأدى إلى كل ذي مال من قريش ماله ، ومن كان أبضع معه ، ثم قال : يا معشر قريش ، هل بقي لأحد منكم عندي مال لم يأخذه ؛ قالوا : لا . فجزاك الله خيرا ، فقد وجدناك وفيا كريما قال : فأنا أشهد أن لا إله إلا الله ، وأن محمدا عبده ورسوله ، والله ما منعني من الإسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا أني إنما أردت أن آكل أموالكم ، فلما أداها الله إليكم وفرغت منها أسلمت . ثم خرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم .
[ زوجته ترد إليه ]
قال ابن إسحاق : وحدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال : ( بعد ست سنين ) . فصل في رد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب على النكاح الأول لم يحدث شيئا
قال ابن عباس رضي الله عنهما : ( حكمه صلى الله عليه وسلم في الزوجين يسلم أحدهما قبل الآخر ) رواه أحمد وأبو داود والترمذي . وفي لفظ : ( رد رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ابنته على أبي العاص بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا ) ، قال الترمذي : ليس بإسناده بأس ، وفي لفظ : ( بعد ست سنين ولم يحدث نكاحا ) [ وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين ، ولم يحدث شهادة ولا صداقا ] مثل من أمانة أبي العاص
قال ابن هشام : وحدثني أبو عبيدة : أن أبا العاص بن الربيع لما قدم من الشام ومعه أموال المشركين ، قيل له : هل لك أن تسلم وتأخذ هذه الأموال ، فإنها أموال المشركين ؟ فقال أبو العاص : بئس ما أبدأ به إسلامي أن أخون أمانتي
قال ابن هشام : وحدثني عبد الوارث بن سعيد التنوري ، عن داود بن أبي هند ، عن عامر الشعبي ، بنحو من حديث أبي عبيدة ، عن أبي العاص .