الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وكان رسول الله صلي الله عليه وسلم قد وادع حين قدم المدينة يهودها على أن لا يعينوا عليه أحدا ، وأنه إذا دهمه بها عدو نصروه . فلما كان يوم بدر كان بنو قينقاع أول يهود نقضوا العهد ، وأظهروا البغي والحسد ، وقطعوا ما كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من العهد ، فجمعهم بسوق بني قينقاع وقال : «يا معشر يهود أسلموا ، فوالله إنكم لتعلمون أني رسول الله صلى الله عليه وسلم ، يا معشر يهود احذروا من الله مثل ما نزل بقريش من النقمة فأسلموا ، فإنكم قد عرفتم أني مرسل ، تجدون ذلك في كتابكم وعهد الله إليكم »

            قالوا : يا محمد إنك ترى أنا مثل قومك ، لا يغرنك أنك لقيت قوما لا علم لهم بالحرب ، فأصبت منهم فرصة ، إنا والله لئن حاربتنا لتعلمن أنا نحن الناس
            .

            قال ابن عباس فيما رواه ابن إسحاق : ما أنزلت هؤلاء الآيات إلا فيهم : قل للذين كفروا ستغلبون وتحشرون إلى جهنم وبئس المهاد قد كان لكم آية في فئتين التقتا فئة تقاتل في سبيل الله [آل عمران 12 ، 13 ] أي أصحاب بدر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخرى كافرة يرونهم مثليهم رأي العين والله يؤيد بنصره من يشاء ، إن في ذلك لعبرة لأولي الأبصار فبينما هم على ما هم عليه من إظهار العداوة ونبذ العهد قدمت امرأة من العرب بجلب لها فباعت بسوق بني قينقاع وجلست إلى صائغ بها لحلي ، فجعلوا يريدونها على كشف وجهها فلم تفعل ، فعمد الصائغ إلى طرف ثوبها من ورائها فحله بشوكة وهي لا تشعر ، فلما قامت بدت عورتها فضحكوا منها ، فصاحت ، فوثب رجل من المسلمين على الصائغ فقتله وكان يهوديا .

            وشدت اليهود على المسلم فقتلوه ، ونبذوا العهد إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، واستصرخ أهل المسلم المسلمين على اليهود ، وغضب المسلمون فوقع الشر بينهم وبين بني قينقاع .

            وأنزل الله سبحانه وتعالى : وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء إن الله لا يحب الخائنين [الأنفال 58 ]

            فقال صلى الله عليه وسلم : «إنما أخاف من بني قينقاع » فغزاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية