[ ] الذي نزل بسهم الرسول في طلب الماء
قال مسور بن مخرمة ، ومروان بن الحكم : فقال ، وفي رواية : إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم سار فلما دنا من الحديبية وقعت يدا راحلته على ثنية تهبط في غائط القوم ، فبركت به راحلته ،
فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم : «ما خلأت القصواء وما ذاك لها بعادة ، وفي لفظ : بخلق ، ولكن حبسها حابس الفيل عن مكة» ثم قال : «والذي نفس محمد بيده لا يسألوني اليوم خطة فيها تعظيم حرمات الله تعالى إلا أعطيتهم إياها»
ثم زجرها فقامت ، فولى راجعا عوده على بدئه . وفي رواية فقال الناس «حل حل» فأبت أن تنبعث وألحت ، فقال المسلمون : خلأت القصواء ، قال المسور : وإنهم ليغترفون بآنيتهم جلوسا على شفير البئر . فعدل عنهم حتى نزل بأقصى الحديبية على ثمد من ثماد الحديبية ظنون قليل الماء يتبرض الناس ماءه تبرضا ، فلم يلبثه الناس حتى نزحوه ، فاشتكى الناس إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قلة الماء ، وفي لفظ «العطش» فانتزع سهما من كنانته فأمر به فغرز في الماء فجاشت بالرواء حتى صدروا عنها بعطن
قال محمد بن عمر : والذي نزل بالسهم ناجية بن الأعجم - رجل من أسلم ، ويقال :
ناجية بن جندب وهو سائق بدن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقد روى أن جارية من الأنصار قالت لناجية وهو في القليب :
يا أيها الماتح دلوي دونكا إني رأيت الناس يحمدونكا
يثنون خيرا ويمجدونكافقال ناجية وهو في القليب :
قد علمت جارية يمانيه أني أنا الماتح واسمي ناجيه
وطعنة ذات رشاش واهيه طعنتها تحت صدور العادية
فو الذي بعثه بالحق ما كدت أخرج حتى يغمرني وفارت كما تفور القدر ، حتى طمت واستوت بشفيرها ، يغترفون من جانبها حتى نهلوا من آخرهم . وعلى الماء يومئذ نفر من المنافقين ، منهم عبد الله بن أبي ، فقال أوس بن خولي : ويحك يا أبا الحباب!! أما إن لك أن تبصر ما أنت عليه ؟ أبعد هذا شيء ؟ فقال : إني قد رأيت مثل هذا . فقال أوس :
قبحك الله وقبح رأيك فأقبل ابن أبي يريد رسول الله - صلى الله عليه وسلم
فقال «يا أبا الحباب : إني رأيت مثلما رأيت اليوم» ؟ فقال : ما رأيت مثله قط . قال : «فلم قلته» ؟ فقال ابن أبي : يا رسول الله استغفر لي ،
فقال ابنه عبد الله بن عبد الله - رضي الله عنه - يا رسول الله استغفر له ، فاستغفر له .
وروى ابن إسحاق ، ومحمد بن عمر ، عن البراء بن عازب - رضي الله عنهما - قال : أنا نزلت بالسهم . والله أعلم .
قصة أخرى :
. قال البراء : كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالحديبية أربع عشرة مائة ، والحديبية : بئر فقدمناها وعليها خمسون شاة ما ترويها فتبرضها فلم نترك فيها قطرة ، قال ابن عباس : وكان الحر شديدا ، فشكا الناس العطش ، فبلغ ذلك النبي - عليه الصلاة والسلام - فأتاه فجلس على شفيرها ، ثم دعا «بإناء» وفي لفظ «بدلو» فتوضأ في الدلو ، ثم مضمض ودعا ، ثم صبه فيها ، فتركناها غير بعيد ثم إنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركابنا . قال البراء : ولقد رأيت آخرنا أخرج بثوب خشية الغرق حتى جرت نهرا
وقال ابن عباس وعروة ففارت بالماء حتى جعلوا يغترفون بأيديهم منها وهم جلوس على شفيرها .
قصة أخرى :
روى البخاري في المغازي وفي الأشربة ، عن جابر بن عبد الله ، عن سلمة ابن الأكوع - رضي الله عنهما - قالا :
وقال جابر في رواية : وقد حضر العصر ، وليس معنا ماء غير فضلة ، فجعل في إناء فأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتوضأ منها ، ثم أقبل الناس نحوه ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : «ما لكم ؟ » قالوا : يا رسول الله ، ليس عندنا ماء نتوضأ به ، ولا نشرب إلا ما في ركوتك فأفرغتها في قدح ، ووضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده في القدح ، فشربنا وتوضأنا ، فجعل الماء يفور من بين أصابعه كأمثال العيون ،
فقال سالم بن أبي الجعد : فقلت لجابر : كم كنتم يومئذ ؟ قال : لو كنا مائة ألف لكفانا ، كنا خمس عشرة مائة . عطش الناس يوم الحديبية ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين يديه ركوة ،
«أصبح من عبادي مؤمن وكافر ، فأما المؤمن من قال : مطرنا برحمة الله وبفضل الله فهو مؤمن بي وكافر بالكواكب ، وأما من قال مطرنا بنجم كذا - وفي رواية : بنوء كذا وكذا - فهو مؤمن بالكواكب كافر بي» . وعن زيد بن خالد - رضي الله عنه - قال : خرجنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية فأصابنا مطر ذات ليلة ، فصلى بنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الصبح ، ثم أقبل علينا بوجهه ، فقال : أتدرون ماذا قال ربكم ؟ قلنا : الله ورسوله أعلم : قال : قال الله عز وجل :
قال محمد بن عمر : وكان ابن أبي بن سلول قال : هذا نوء الخريف مطرنا بالشعرى .
وروى ابن سعد عن أبي المليح عن أبيه قال : أصابنا يوم الحديبية مطر لم يبل أسافل نعالنا ، فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن صلوا في رحالكم .
وأهدى عمرو بن سالم وبسر بن سفيان الخزاعيان - رضي الله عنهما - بالحديبية لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - غنما وجزورا ، وأهدى عمرو بن سالم لسعد بن عبادة - رضي الله عنه - جزرا - وكان صديقا له - فجاء سعد بالجزر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأخبره أن عمرا أهداها له ، فقال : «وعمرو قد أهدى لنا ما ترى ، فبارك الله في عمرو» ثم أمر بالجزر تنحر وتقسم في أصحابه ، وفرق الغنم فيهم من آخرها
وشرك فيها فدخل على أم سلمة من لحم الجزور كنحو ما دخل على رجل من القوم ، وشرك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شاته ، فدخل على أم سلمة بعضها ، وأمر - صلى الله عليه وسلم - للذي جاء بالهدية بكسوة . تكثيره صلى الله عليه وسلم ماء بئر الحديبية
روى البخاري عن البراء ومسلم عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ونحن أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنزحناها فلم نترك فيها قطرة ، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفيرها ، قال البراء : وأتي بدلو فيه ماء فبصق ودعا . ثم قال : «دعوها ساعة» وقال سلمة : فجاشت فأرووا أنفسهم وركابهم بالماء فسقينا واستقينا .
وفي غير هاتين الروايتين من طريق ابن شهاب فأخرج سهما من كنانته فوضعه في قليب بئر ليس فيه ماء فروى الناس حتى ضربوا بعطن خيامها . رضي الله عنه تكثيره صلى الله عليه وسلم ماء بئر أنس بن مالك
روى أبو نعيم والبزار عن أنس رضي الله عنه قال : أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا فسقيناه من بئر كانت لنا في دارنا وكانت تسمى في الجاهلية «النزور» فتفل فيها فكانت لا تنزح بعد . تكثيره صلى الله عليه وسلم ماء بئر غرس
روى ابن سعد عن سعيد بن رقيش عن أنس رضي الله عنه قال : جئنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء فانتهى إلى بئر غرس وإنه ليستقى منه على حمار ثم نقوم عامة النهار ما نجد فيها ماء فمضمض في الدلو ورده فجاشت بالرواء . تكثيره صلى الله عليه وسلم ماء المزادتين
روى الإمام أحمد والشيخان والطبراني والبيهقي
قالا : إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت : الذي يقال له الصابئ ؟ قالا : هو الذي تعنين ، فانطلقا فجاءا بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم وحدثاه بالحديث ، قال : فاستنزلوها عن بعيرها ودعا النبي صلى الله عليه وسلم بإناء ، فأفرغ فيه من أفواه المزادتين فمضمض في الماء وأعاده في أفواه المزادتين وأوكأ أفواههما ، وأطلق الغرارتين ونودي في الناس اسقوا واستقوا فسقى من شاء واستقى من شاء وملأنا كل قربة معنا وإداوة وهي قائمة تنظر ما يفعل بمائها وايم الله ، لقد أقلع عنها وإنها ليخيل إليها أنها أشد ملئة منها حيث ابتدأ فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «اجمعوا لها طعاما» فجمعوا لها ما بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعاما فجعلوه في ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها
وقالوا لها : تعلمين ما رزأنا من مائك شيئا ولكن الله هو الذي أسقانا ، الحديث وفيه أنها أسلمت وقومها بعد ذلك . عن عمران بن حصين رضي الله عنه : كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فاشتكى إليه الناس العطش ، فنزل ثم دعا عليا ، ورجلا آخر وفي رواية : وعمران بن حصين ، فقال : «اذهبا فابغيا الماء فإنكما ستجدان امرأة بمكان كذا وكذا معها بعير عليه مزادتان فأتيا بها» فانطلقا فلقيا امرأة بين مزادتين من ماء على بعير لها فقالا لها : أين الماء ؟ قالت : عهدي بالماء أمس هذه الساعة . فقالا لها : انطلقي إذا ، قالت : إلى أين ؟ عذوبة ماء بئر باليمن ببركته صلى الله عليه وسلم
روى ابن السكن عن همام بن نقيد السعدي قال : قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت :
يا رسول الله : حفرنا لنا بئرا فخرجت مالحة فدفع إلي إداوة فيها ماء ، فقال : «صبه» ، فصببته فيها ، فعذبت فهي أعذب ماء بئر باليمن . نبع الماء من الأرض له صلى الله عليه وسلم
روى ابن سعد عن عمرو بن سعيد قال : قال أبو طالب : إن أول ما أنكرت من ابن أخي أنا كنا بذي المجاز في إبلنا ، وكان رديفي في يوم صائف فأصابني عطش شديد فقلت له : يا ابن أخي أذاني العطش فثنى رجله ، فنزل ، فقال : «يا عم ، أتريد ماء ؟ قلت : نعم ، فقال :
«انزل» فنزلت ، فانتهيت إلى صخرة فركضها برجله ، وقال شيئا فنبعت ماء لم أر مثله فشربت حتى رويت فقال : «أرويت» ، قلت : «نعم ، فركضها ثانية فعادت كما كانت .