الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            عند ابن إسحاق قال عدي : وخلفت بنتا لحاتم في الحاضر . وفي حديث : جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا عمي وناسا . قال : فلما قدمت الشام أقمت بها وتخالفني خيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فتصيب ابنة حاتم فيمن أصابت ، فقدم بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبايا من طيئ ، وقد بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم هربي إلى الشام . قال : فجعلت ابنة حاتم في حظيرة بباب المسجد كانت السبايا تحبس فيها ، فمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقامت إليه ، وكانت امرأة جزلة .

            وفي حديث علي رضي الله تعالى عنه : لما أتي بسبايا طيئ وقفت جارية جماء حمراء ، لعساء ، ذلفاء ، عيطاء ، شماء الأنف ، معتدلة القامة والهامة ، درماء الكعبين ، خدلجة الساقين ، لفاء الفخذين ، حميصة الخصرين ، ضامرة الكشحين ، مصقولة المتنين . قال : فلما رأيتها أعجبت بها وقلت : لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلها في فيئي .

            فلما تكلمت أنسيت جمالها لما سمعت من فصاحتها .

            فقالت : يا محمد إن رأيت أن تخلي عنا ولا تشمت بنا أحياء العرب فإني ابنة سيد قومي ، وإن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقري الضيف ويطعم الطعام ويفشي السلام ولم يرد طالب حاجة قط ، أنا ابنة حاتم طيئ . فقال النبي صلى الله عليه وسلم :

            «يا جارية هذه صفة المؤمنين حقا ، لو كان أبوك مسلما لترحمنا عليه خلوا عنها فإن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله يحب مكارم الأخلاق»
            . وفي حديث ابن إسحاق : فقالت : يا رسول الله ، هلك الوالد ، وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك . قال : «من وافدك ؟ » قالت : عدي بن حاتم . قال : «الفار من الله ورسوله» . قالت : ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركني ، حتى إذا كان من الغد مر بي فقلت له مثل ذلك وقال لي مثل ما قال بالأمس . قالت : حتى إذا كان الغد مر بي وقد يئست منه فأشار إلي رجل من خلفه أن قومي فكلميه . قالت : فقمت إليه فقلت : يا رسول الله هلك الوالد وغاب الوافد فامنن علي من الله عليك . فقال صلى الله عليه وسلم : «قد فعلت فلا تعجلي بخروج حتى تجدي من قومك من يكون لك ثقة حتى يبلغك إلى بلادك ثم آذنيني» . فسألت عن الرجل الذي أشار إلي أن أكلمه فقيل علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه .

            وأقمت حتى قدم ركب من بلي أو قضاعة . قلت : وإنما أريد أن آتي أخي بالشام . قالت : فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله قد قدم رهط من قومي لي فيهم ثقة وبلاغ . قالت : فكساني رسول الله صلى الله عليه وسلم وحملني وأعطاني نفقة ، فخرجت معهم حتى قدمت الشام
            .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية