الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            لبسه صلى الله عليه وسلم ثيابه وتطيبه بعد رميه جمرة العقبة )

            قال ابن سعد : وأصاب الطيب بعد أن حلق ، ولبس القميص ، وحل الناس ، روى النسائي من حديث سفيان بن عيينة ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة قالت : طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحرمه حين أحرم ، ولحله بعد ما رمى جمرة العقبة قبل أن يطوف بالبيت . وقال سفيان الثوري ، عن سلمة بن كهيل ، عن الحسن العرني ، عن ابن عباس ، أنه قال : إذا رميتم الجمرة ، فقد حللتم من كل شيء كان عليكم حراما إلا النساء ، حتى تطوفوا بالبيت . فقال رجل : والطيب يا أبا العباس ؟ فقال له : إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يضمخ رأسه بالمسك ، أفطيب هو أم لا ؟!

            وقال محمد بن إسحاق : حدثني أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة ، عن أبيه وأمه زينب بنت أم سلمة ، عن أم سلمة قالت : كانت الليلة التي يدور فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة النحر ، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي ، فدخل وهب بن زمعة ، ورجل من آل أبي أمية متقمصين ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم " أفضتما ؟ " قالا : لا . قال : " فانزعا قميصيكما " . فنزعاهما . فقال له وهب : ولم يا رسول الله ؟ فقال : " هذا يوم أرخص لكم فيه ، إذا رميتم الجمرة ونحرتم هديا ، إن كان لكم ، فقد أحللتم من كل شيء حرمتم منه إلا النساء حتى تطوفوا بالبيت ، فإذا أمسيتم ولم تفيضوا صرتم حرما كما كنتم أول مرة حتى تطوفوا بالبيت " . وهناك سئل عمن حلق قبل أن يرمي وعمن ذبح قبل أن يرمي ، فقال : " لا حرج " قال عبد الله بن عمرو : ما رأيته - صلى الله عليه وسلم - سئل يومئذ عن شيء إلا قال : " افعلوا ولا حرج ".

            قال ابن عباس : إنه قيل له - صلى الله عليه وسلم - في الذبح ، والحلق ، والرمي ، والتقديم ، والتأخير ، فقال : " لا حرج " .

            وقال أسامة بن شريك : خرجت مع النبي - صلى الله عليه وسلم - حاجا ، وكان الناس يأتونه فمن قائل : يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف ، أو قدمت شيئا ، أو أخرت شيئا ، فكان يقول : " لا حرج لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم ، فذلك الذي حرج وهلك " .

            وقوله : سعيت قبل أن أطوف في هذا الحديث ليس بمحفوظ .

            والمحفوظ : تقديم الرمي ، والنحر ، والحلق بعضها على بعض . وبعث عبد الله بن حذافة السهمي ، وقيل : كعب بن مالك ينادي في الناس ، بمنى : أن رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال : «إنها أيام أكل وشرب وذكر الله» .

            قلت : ونادى مناديه بمنى أنها أيام أكل وشرب وباءة ذكره ابن سعد . فانتهى المسلمون عن صيامهم إلا محصورا بالحج أو متمتعا بالعمرة إلى الحج ، فإن الرخصة من رسول الله- صلى الله عليه وسلم- أن يصوموا أيام منى ، والله تعالى أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية