الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            حج هشام بن عبد الملك

             وفي سنة ست ومائة: حج بالناس هشام بن عبد الملك ،  وكتب إلى أبي الزناد قبل أن يدخل المدينة : اكتب إلي بسنن الحج ، فكتبها له وتلقاه ، فلما صلى هشام في الحجر كلمه إبراهيم بن محمد بن طلحة ، فقال له: أسألك بالله وبحرمة هذا البيت والبلد الذي خرجت معظما لحقه إلا رددت علي ظلامتي ، قال: وأي ظلامة؟ قال: داري ، قال:

            فأين كنت عن عبد الملك؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن الوليد؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن سليمان؟ قال: ظلمني والله ، قال: فعن عمر؟ قال: يرحمه الله ردها والله علي ، قال: فعن يزيد؟ قال: ظلمني والله ، هو قبضها من بعد قبضي لها ، وهي في يديك ، قال: والله لو كان فيك ضرب لضربت ، فقال: في والله ضرب بالسيف والسوط ، فقال هشام: هذه قريش وألسنتها ولا يزال في الناس بقايا ما رأيت مثل هذا .

            قال أبو الزناد : لقيت هشاما ، فإني لفي الموكب إذ لقيه سعيد بن عبد الله بن الوليد بن عثمان بن عفان ، فسار إلى جنبه ، فسمعه يقول : يا أمير المؤمنين ، إن الله لم يزل ينعم على أهل بيت أمير المؤمنين وينصر خليفته المظلوم ، ولم يزالوا يلعنون في هذه المواطن أبا تراب ! فإنها مواطن صالحة ، وأمير المؤمنين ينبغي له أن يلعنه فيها .

            فشق على هشام قوله وقال : ما قدمنا لشتم أحد ولا للعنه ، قدمنا حجاجا ، ثم قطع كلامه وأقبل علي فسألني عن الحج ، فأخبرته بما كتبت له ، قال : وشق على سعيد أني سمعته تكلم بذلك ، وكان منكسرا كلما رآني . ولما دخل هشام المدينة صلى على سالم بن عبد الله ، فرأى كثرة الناس فضرب عليهم بعث أربعة آلاف ، فسمي عام الأربعة آلاف .

            وكان العامل على مكة والمدينة والطائف إبراهيم بن هشام ، وعلى العراق وخراسان خالد القسري ، واستعمل على صلاة البصرة عقبة بن عبد الأعلى ، وعلى الشرطة مالك بن المنذر بن الجارود ، وعلى قضائها ثمامة بن عبد الله بن أنس ، وعلى خراسان أخاه أسد بن عبد الله .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية