الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            وفي سنة ثلاث وعشرين ومائة غزا نصر بن سيار فرغانة غزوته الثانية ، فأوفد وفدا إلى العراق عليهم معن بن أحمر النميري ، ثم إلى هشام ، فاجتاز بيوسف بن عمر وقال له : يابن أحمر أيغلبكم الأقطع على سلطانكم يا معشر قيس ! قال : قد كان ذاك ، فأمره أن يعيبه عند هشام ، فقال : كيف أعيبه مع بلائه وآثاره الجميلة عندي وعند قومي ؟ فلم يزل به ، قال : فبم أعيبه ؟ أعيب تجربته أم طاعته أم يمن نقيبته أو سياسته ؟ قال : عبه بالكبر .

            فلما دخل على هشام ذكر جند خراسان ونجدتهم وطاعتهم ، فقال : إلا أنهم ليس لهم قائد . قال : ويحك ! فما فعل الكناني ؟ يعني نصرا . قال : له بأس ورأي إلا أنه لا يعرف الرجل ولا يسمع صوته حتى يدنى منه ، وما يكاد يفهم منه من الضعف لأجل كبره ، فقال شبيل بن عبد الرحمن المازني : كذب والله ، إنه ليس بالشيخ يخشى خرفه ، ولا الشاب يخشى سفهه ، [ بل هو ] المجرب وقد ولي عامة ثغور خراسان وحروبها قبل ولايته . فعلم هشام أن قول معن بوضع يوسف ، فلم يلتفت إلى قوله .

            فرجع معن إلى يوسف ، فسأله أن يحول ابنه عن خراسان ، ففعل ، فأرسل فأحضر أهله ، وكان نصر لما قدم خراسان قد آثر معنا وأعلى منزلته ، وشفعه في حوائجه ، فلما فعل هذا أجفى القيسية فحضروا عنده واعتذروا إليه .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية