هو يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي ، أبو خالد الأموي ، أمير المؤمنين بويع له بالخلافة أول ما بويع بها في قرية المزة ثم دخل دمشق فغلب عليها ، ثم أرسل الجيوش إلى ابن عمه الوليد بن يزيد فقتله ، واستحوذ على الخلافة في أواخر جمادى الآخرة من هذه السنة ، وكان يلقب بالناقص ; لنقصه الناس العشرات التي زادهم إياها الوليد بن يزيد ، وقيل : إنما سماه بذلك مروان بن محمد الملقب بالحمار . فكان يقول : الناقص بن الوليد . وأمه شاهفرند بنت فيروز بن كسرى كسروية .
وقال ابن جرير : وأمه شاه آفريد بنت فيروز بن يزدجرد بن شهريار بن كسرى . وهو القائل :
أنا ابن كسرى وأبي مروان وقيصر جدي وجد خاقان
وإنما قال ذلك لأن جده فيروز وأم أمه بنت قيصر وأم شيرويه هي بنت خاقان ملك الترك وكانت قد سباها قتيبة بن مسلم هي وأختا لها ، فبعثهما إلى الحجاج فأرسل بهذه إلى الوليد واستبقى عنده الأخرى . فولدت هذه للوليد يزيد الناقص ، وكان مولده في سنة تسعين ، وقيل : في سنة ست وتسعين .وقد روى عنه الأوزاعي مسألة في السلم .
وقد ذكرنا كيفية ولايته فيما سلف في هذه السنة ، وأنه كان عادلا دينا ، محبا للخير ، مبغضا للشر ، قاصدا للحق .
وقد خرج يوم عيد الفطر من هذه السنة إلى صلاة العيد بين صفين من الخيالة ، والسيوف مسلة عن يمينه وشماله ، ورجع من المصلى إلى الخضراء كذلك ، وكان رجلا صالحا ، يقال في المثل : الأشج والناقص أعدلا بني مروان . والمراد عمر بن عبد العزيز وهذا .
وقد قال أبو بكر بن أبي الدنيا : بسنده: قال يزيد بن الوليد الناقص : يا بني أمية ويزيد في الشهوة ، ويهدم المروءة ، وإنه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل المسكر ، فإن كنتم لا بد فاعلين فجنبوه النساء فإن الغناء داعية الزنى . إياكم والغناء ، فإنه ينقص الحياء ،
وقال ابن عبد الحكم عن الشافعي : لما ولي يزيد بن الوليد بن عبد الملك بن مروان الذي يقال له : الناقص . دعا الناس إلى القدر ، وحملهم عليه ، وقرب غيلان . قال ابن عساكر : ولعله قرب أصحاب غيلان لأن غيلان قتله هشام بن عبد الملك
وقال محمد بن المبارك : آخر ما تكلم به يزيد بن الوليد الناقص : واحسرتاه ! واأسفاه . وكان نقش خاتمه : العظمة لله .
وكانت وفاته بالخضراء من طاعون أصابه ، وذلك يوم السبت لسبع مضين من ذي الحجة ، وقيل : في مستهله . وقيل : يوم الأضحى منه . وقيل : بعده بأيام . وقيل : لعشر بقين منه . وقيل : في سلخه . وقيل : في سلخ ذي القعدة من هذه السنة . وأكثر ما قيل في عمره ست وأربعون سنة . وقيل : ثلاثون سنة . وقيل غير ذلك . فالله أعلم .
وكانت مدة ولايته ستة أشهر على الأشهر . وقيل : خمسة أشهر وأيام . وصلى عليه أخوه إبراهيم بن الوليد وهو ولي عهده من بعده ، رحمه الله .
وذكر سعيد بن كثير بن عفير أنه دفن بين باب الجابية وباب الصغير وقيل : إنه دفن بباب الفراديس . وكان أسمر نحيفا ، حسن الجسم ، حسن الوجه .
وقال علي بن محمد المدائني : كان يزيد أسمر طويلا ، صغير الرأس ، بوجهه خال ، وكان جميلا ، في فمه بعض السعة ، وليس بالمفرط .