الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر بيعة مروان بن محمد بن مروان  

            وفي هذه السنة بويع بدمشق لمروان بالخلافة .

            وكان سبب ذلك أنه لما دخل دمشق وهرب إبراهيم بن الوليد وسليمان ، ثار من بدمشق من موالي الوليد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج بن عبد الملك فقتلوه ، ونبشوا قبر يزيد بن الوليد فصلبوه على باب الجابية ، وأتي مروان بالغلامين الحكم وعثمان ابني الوليد مقتولين ، وبيوسف بن عمر ، فدفنهم ، وأتي بأبي محمد السفياني في قيوده فسلم عليه بالخلافة ، ومروان يسلم عليه يومئذ بالإمرة ، فقال له مروان : مه ! فقال : إنهما جعلاها لك بعدهما ، وأنشده شعرا قاله الحكم في السجن ، وكانا قد بلغا وولد لأحدهما ، وهو الحكم ، فقال الحكم :

            ألا من مبلغ مروان عني وعمي الغمر طال به حنينا

                بأني قد ظلمت وصار قومي
            على قتل الوليد مشايعينا     أيذهب كلهم بدمي ومالي
            فلا غثا أصبت ولا سمينا     ومروان بأرض بني نزار
            كليث الغاب مفترس عرينا     أتنكث بيعتي من أجل أمي
            فقد بايعتم قبلي هجينا     فإن أهلك أنا وولي
            عهدي فمروان أمير المؤمنينا



            ثم قال : ابسط يدك أبايعك . وسمعه من مع مروان ، وكان أول من بايعه معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير ورءوس أهل حمص والناس بعده ، فلما استقر له الأمر رجع إلى منزله بحران ، وطلب منه الأمان لإبراهيم بن الوليد وسليمان بن هشام ، فآمنهما ، فقدما عليه ، وكان سليمان بتدمر بمن معه من إخوته وأهل أبيه ومواليه الذكوانية فبايعوا مروان بن محمد . شيء من ترجمة مروان بن محمد أمير المؤمنين باب ذكر خلافة مروان بن محمد بن مروان  

            وهو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم ، ويكنى أبا عبد الله ، وقيل: أبا عبد الملك ، وقيل: أبا الوليد ، أمه أم ولد كردية ، وقيل: رومية ، اسمها مارية البرما ، بويع له وهو ابن إحدى وخمسين سنة ، ويلقب بالجعدي؛ لأن الجعد بن إبراهيم كان مؤدبه ، وكان الجعد متهما بالزندقة ، فقتله خالد بن عبد الله القسري ، وخص مروان في ملكه بأشياء لم تكن لمن بعده ، منها البقرة التي يضرب بها المثل ، كان يقف تحته في الحرب يومه وليلته لا يبول ولا يروث .

            قال الأصمعي: خطباء بني أمية خمسة: معاوية ، وعبد الملك ، وعمر بن عبد العزيز ، وهشام ، ومروان بن محمد . ويلقب بالحمار؛ لأنه كان لا يجف له لبد في محاربة الخارجين عليه.

            كان يصل السرى بالسير، ويصبر على مكاره الحرب.

            ويقال في المثل: فلان أصبر من حمار في الحروب؛ فلذلك لقب به، وقيل: لأن العرب تسمي كل مائة سنة حمارا، فلما قارب ملك بني أمية مائة سنة... لقبوا مروان بالحمار لذلك.

            ولد مروان بالجزيرة، وأبوه متوليها، سنة اثنتين وسبعين، وأمه: أم ولد.

            وولي قبل الخلافة ولايات جليلة، وافتتح قونية سنة خمس ومائة.

            وكان مشهورا بالفروسية والإقدام والرجلة، والدهاء والعسف.

            التالي السابق


            الخدمات العلمية