الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أيوب بن أبي تميمة السختياني ، يكنى أبا بكر ، مولى لعنزة ، واسم أبي تميمة كيسان:

            كان ثقة ثبتا ورعا يستر حاله ، وكان النساك حينئذ يشمرون ثيابهم ، وكان في ذيله بعض الطول ، وحج أربعين حجة . وكان الحسن يقول: سيد شباب أهل البصرة أيوب ، وكان سفيان بن عيينة قد لقي ستة وثمانين من التابعين ، وكان يقول: ما رأيت مثل أيوب .

            وعن وهب بن جابر ، قال: قال أيوب السختياني: إذا ذكر الصالحون كنت منهم بمعزل .



            وقال: حماد بن زيد ، : كان أيوب ربما حدث بالحديث فيرق ، فيلتفت فيمتخط ويقول: ما أشد الزكام!

            وقال: بشر بن الحارث : دخل بديل على أيوب السختياني وقد مد على فراشه سبنية حمراء يدفع الرياء ، فقال له بديل: ما هذا؟ فقال أيوب: هذا خير من هذا الصوف الذي عليك .

            وقال: عبد الواحد بن زيد ، : كنت مع أيوب على حراء فعطشت عطشا شديدا حتى رأى ذلك في وجهي ، فقال: ما الذي أرى بك؟ قلت: العطش قد خفت على نفسي ، قال: تستر علي؟ قلت: نعم ، فاستحلفني ، فحلفت له ألا أخبر أحدا عنه ما دام حيا ، قال: فغمز برجله على حراء فنبع الماء حتى رويت وحملت معي من الماء ، قال: فما حدثت به حتى مات .

            قال عبد الواحد: فأتيت موسى الأسواري فذكرت ذلك له فقال: ما بهذه البلدة أفضل من الحسن وأيوب . توفي في هذه السنة وهو ابن ثلاث وستين . إبراهيم بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس:

            أمه أم ولد ، وهو الذي يقال له الإمام ، أوصى إليه أبوه ، وانتشرت دعوته في خراسان كلها .

            وكان شيعته يختلفون إليه ، ويكاتبونه من خراسان . ووجه بأبي مسلم إلى خراسان واليا على شيعته ودعاته ، فتجرد أبو مسلم لمحاربة عمال بني أمية ، وقوي أمره ، وأظهر لبس السواد ، وغلب على البلاد يدعو إلى الإمام ويعمل بما يرد عليه من مكاتباته من غير أن يظهر للناس اسمه إلا لمن كان من الدعاة والشيعة إلى أن ظهر اسمه وانكشف ، فعلم بالحالة مروان بن محمد ، فأخذ إبراهيم فحبسه فمات في حبسه بأرض الشام وهو ابن ثمان وأربعين سنة . وقيل: إنه هدم عليه بيتا . وقيل: سقي لبنا فأصبح ميتا . عبد الله بن ذكوان ، أبو الزناد ، مولى رملة بنت شيبة بن ربيعة:

            وذكر أن أباه [هو] أخو أبي لؤلؤة قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه .

            قال الشعبي: كفلتني وأبا الزناد فاطمة بنت عثمان ، فلم يزل يعلو وأسفل حتى بلغنا ما ترى . مات أبو الزناد فجأة بالحجاز في مغتسله لثلاث عشرة ليلة بقيت من رمضان ، وله ست وستون سنة . فرقد بن يعقوب السبخي ، يكنى أبا يعقوب:

            أسند عن أنس ، وكان يضعف في الحديث؛ لأنه كان زاهدا متعبدا .

            قال: جعفر ، سمعت السبخي يقول: اتخذوا الدنيا ظئرا ، واتخذوا الآخرة أما ، ألم تروا إلى الصبي يلقي نفسه على الظئر فإذا ترعرع وعرف والدته ترك ظئره وألقى نفسه على والدته ، وإن الآخرة توشك أن تجيركم . منصور بن زاذان مولى عبد الله بن أبي عقيل الثقفي:

            روى عن الحسن ، وابن سيرين ، وأرسل الحديث عن الحسن ، وكان كثير التعبد والبكاء ، يختم القرآن كل يوم وليلة ختمتين ، ويبكي ويمسح عينيه بعمامته ، ويخلها كورا كورا فيمسح بها ، فإذا ابتلت وضعها بين يديه .

            وقيل له: ألا تخرج بنا إلى الصحراء ، فقال: ينكسر الروزحاء .

            قال: هشيم : مكث منصور بن زاذان يصلي الفجر بوضوء العشاء عشرين سنة .

            وقال: أيضا: لو قيل لمنصور بن زاذان إن ملك الموت على الباب ما كان عنده زيادة في العمل ، وذلك أنه كان يخرج فيصلي الغداة في جماعة ، ثم يجلس فيسبح حتى تطلع الشمس ، ثم يصلي إلى الزوال ، ثم يصلي الظهر ، ثم يصلي العصر ، ثم يجلس فيسبح إلى المغرب ، ثم يصلي المغرب ، ثم يصلي العشاء ، ثم ينصرف إلى بيته ، فيكتب عنه في ذلك الوقت .

            توفي في هذه السنة ، وقيل: سنة ثمان وعشرين ، وقيل: في سنة تسع وعشرين .

            نصر بن سيار ، أمير خراسان :

            ولي الولايات ، وروى عنه عكرمة ، وأسند الحديث ، وتوفي لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول من هذه السنة ، وهو ابن خمس وثمانين سنة . واصل بن عطاء ، أبو حذيفة الغزالي ، مولى بني ضبة ، وقيل: مولى بني مخزوم ، وقيل: مولى بني هاشم:

            ولد سنة ثمانين ، وكان يجالس الغزالين ، فقيل له: الغزالي ، كان من رؤساء المعتزلة ، وكان لا يقيم الراء ، وكان يجتنبها في كلامه . توفي منصور بن المعدر السلمي أبو عتاب الكوفي . وفيها قتل أبو مسلم الخراساني جبلة بن أبي رواد العتكي مولاهم أخا عبد العزيز بن داود ويكنى أبا مروان .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية