الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ولما جاء عبد الله بن علي دمشق نزل على الباب الشرقي ، ونزل صالح بن علي على باب الجابية ، ونزل أبو عون على باب كيسان ، وبسام على باب الصغير وحميد بن قحطبة على باب توما ، وعبد الصمد ، ويحيى بن صفوان ، والعباس بن يزيد على باب الفراديس فحاصروها أياما ، ثم افتتحها يوم الأربعاء لعشر خلون من رمضان هذه السنة ، فقتل من أهلها خلقا كثيرا ، وأباحها ثلاث ساعات ، وهدم سورها ، ويقال : إن أهلها لما حاصرهم عبد الله بن علي اختلفوا فيما بينهم ، ما بين عباسي وأموي ، حتى اقتتلوا ، فقتل بعضهم بعضا ، وقتلوا نائبهم ، ثم سلموا البلد ، وكان أول من صعد السور من ناحية الباب الشرقي رجل يقال له : عبد الله الطائي . ومن ناحية الباب الصغير بسام بن إبراهيم ، ثم أبيحت دمشق ثلاث ساعات حتى قيل : إنه قتل بها في هذه المدة نحوا من خمسين ألفا .

            وذكر الحافظ ابن عساكر في ترجمة عبيد الله بن الحسن الأعرج من ولد جعفر بن أبي طالب وكان أميرا على خمسة آلاف مع عبد الله بن علي في حصار دمشق ، أنهم أقاموا محاصريها خمسة أشهر ، وقيل : مائة يوم . وقيل : شهرا ونصفا . وأن البلد كان قد حصنه نائب مروان تحصينا عظيما ، ولكن اختلف أهلها فيما بينهم بسبب اليمانية والمضرية ، وكان ذلك سبب الفتح ، حتى إنهم جعلوا في كل مسجد محرابين للقبلتين ، حتى في المسجد الجامع منبرين وإمامين يخطبان يوم الجمعة على المنبرين ، وهذا من عجيب ما وقع ، وغريب ما اتفق ، وفظيع ما أحدث بسبب الفتنة والهوى والعصبية ، نسأل الله السلامة والعافية . وقد بسط ذلك الحافظ في الترجمة المذكورة .

            وذكر في ترجمة محمد بن سليمان بن عبد الله النوفلي قال : كنت مع عبد الله بن علي أول ما دخل دمشق ، دخلها بالسيف ثلاث ساعات من النهار ، وجعل مسجد جامعها سبعين يوما إصطبلا لدوابه وجماله. وأرسل -السفاح- امرأة هشام بن عبد الملك وهي عبدة بنت عبد الله بن يزيد بن معاوية  صاحبة الخال ، مع نفر من الخراسانية إلى البرية ماشية حافية حاسرة ، فما زالوا يزنون بها ، ثم قتلوها .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية