حفص بن سليمان ، أبو سلمة الخلال ، وزير أبي العباس السفاح:
وهو أول من وزر لهم ، ولم يكن خلالا إنما كان منزله بالكوفة بقرب الخلالين ، وكان يجلس عندهم فسمي خلالا . وقتل في هذه السنة على ما ذكرنا في حوادث السنة . الربيع بن أبي راشد الربيع بن أبي راشد ، أبو عبد الله:
سمع من سعيد بن جبر ، ومن الثوري . وكان كالغائب عن الخلق .
عن خلف بن حوشب ، قال: كنت مع الربيع بن أبي راشد في الجبانة ، فقرأ رجل: يا أيها الناس إن كنتم في ريب من البعث . . . . الآية ، فقال الربيع: حال ذكر الموت بيني وبين كثير مما أريد من التجارة ، ولو فارق ذكر الموت قلبي ساعة خشيت أن يفسد علي قلبي ، ولولا أن أخالف من كان قبلي لكانت الجبانة مسكني إلى أن أموت .
قال: وقال عمر بن ذر: كنت إذا رأيت الربيع بن أبي راشد كأنه مخمار من [غير] شراب .
زبان بن عبد العزيز [زبان] بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم ، أبو إبراهيم:
كان سيد بني عبد العزيز وفارسهم ، حضر الوقعة مع مروان بن محمد ليلة بوصير فتقنطر به فرسه ، فقتله المسور في هذه السنة ، ولم يعرفوه . وقد روى عنه الأوزاعي . صفوان بن سليم ، أبو عبد الله الزهري ، مولى حميد بن عبد الرحمن:
روى عن ابن عمر ، وجابر ، وعبد الله بن جعفر ، وسهل بن حنيف ، وجماعة من كبار التابعين . كان ثقة كثير الحديث عابدا .
قال: عبد العزيز بن أبي حازم ، : عادلني صفوان بن سليم إلى مكة ، فما وضع جنبه في المحمل حتى رجع .
قال: سعيد بن كثير بن يحيى : حدثني أبي ، قال: قدم سليمان بن عبد الملك المدينة وعمر بن عبد العزيز عامله عليها . قال: فصلى بالناس الظهر ثم فتح باب المقصورة ، واستند إلى المحراب واستقبل الناس بوجهه ، فنظر إلى صفوان بن سليم عن غير معرفة ، فقال: يا عمر ، من هذا الرجل؟ ما رأيت سمتا أحسن منه ، قال: يا أمير المؤمنين ، هذا صفوان بن سليم ، قال: يا غلام ، كيس فيه خمسمائة دينار ، فأتي بكيس فيه خمسمائة دينار ، فقال لخادمه: ترى هذا الرجل القائم يصلي ، فوصفه للغلام حتى أثبته . قال: فخرج الغلام بالكيس حتى جلس إلى صفوان ، فلما نظر إليه صفوان ركع وسجد ثم سلم وأقبل عليه ، فقال: ما حاجتك؟ قال: أمرني أمير المؤمنين ، وهو ذا ينظر إليك وإلي أن أدفع إليك هذا الكيس فيه خمسمائة دينار ، وهو يقول لك: استعن بهذه على زمانك وعلى عيالك ، فقال صفوان: ليس أنا بالذي أرسلت إليه ، فقال الغلام: ألست صفوان بن سليم؟ قال: بلى أنا صفوان بن سليم ، قال: فإليك أرسلت ، قال: اذهب فاستثبت ، فإذا أثبت فهلم ، فقال الغلام: فأمسك الكيس معك وأنا أذهب ، قال: لا ، إذا أمسكت كنت قد أخذت ، ولكن اذهب فاستثبت وأنا هاهنا جالس .
فولى الغلام وأخذ صفوان نعليه وخرج ، فلم ير بها حتى خرج سليمان من المدينة .
قال أحمد بن محمد بن عاصم: وحدثنا أبو مصعب ، قال: قال لي ابن حازم: دخلت أنا وأبي نسأل عن صفوان بن سليم وهو في مصلاه ، فما زال أبي حتى رده إلى فراشه ، فأخبرتني مولاته أن ساعة خرجتم مات .
عبد الحميد بن يحيى بن سعيد ، مولى بني عامر بن لؤي ، الكاتب ، كاتب مروان بن محمد:
كان الأساس في البلاغة ، رسم رسومها ، وأصل أصولها ، وفرع فروعها ، وقد كان قبله سالم مولى سعيد بن عبد الملك مقدما في هذه الصناعة إلا أنه دون عبد الحميد ، وكان متصلا في حداثته بعبد الله بن مالك الثقفي كاتب الوليد بن عبد الملك ، فتأدب وبرع ، ثم اتصل بمروان بن محمد قبل الخلافة فغلب عليه ، فكان يخط بين يديه قبل الخلافة أحسن خط ، ولا ينتحل شيئا من البلاغة ، ثم قام في الخلافة مقام الوزير .
قال أحمد بن يوسف الكاتب: رآني عبد الحميد بن يحيى وأنا أكتب خطا رديئا ، فقال: إن أردت أن تجود خطك فأطل جحفتك واشممها ، وحرف قطتك وأيمنها .
قال علماء السير: انقرض ملك بني أمية على أربعة لم يجتمع مثلهم في دولة:
مروان بن محمد بن الحكم في شجاعته وسياسته ، وعبد الحميد في كتابته وبلاغته ، ويزيد بن عمر بن هبيرة في تدبيره وصحة رأيه ، ونصر بن سيار في صولته وضبطه وبعد صوته .
عمر بن المنكدر:
كان من العباد المجتهدين ، وقوام الليل .
عن ابن عمر ، قال: قالت أم عمر بن المنكدر لعمر: إني لأشتهي أن أراك نائما ، فقال: يا أماه ، والله إن الليل ليرد علي فيهولني ، فينقضي عني وما قضيت إربي .
وفي رواية: أنهم قالوا له: فما هذا البكاء الكثير؟ فقال: آية من كتاب الله تعالى أبكتني: وبدا لهم من الله ما لم يكونوا يحتسبون .
منصور بن المعتمر ، أبو عتاب ، السلمي:
أسند عن أنس وعن جماعة من كبار التابعين ، وكان من العلماء المتعبدين الثقات . صام أربعين سنة وتمامها ، وكان محروما كأنه قد أصيب بمصيبة ، وبكى حتى عمش .
عن زائدة بن قدامة ، قال: صام منصور بن المعتمر أربعين سنة ، قام ليلها وصام نهارها ، وكان يبكي الليل ، فتقول له أمه: يا بني ، قتلت قتيلا؟ فيقول: أنا أعلم ما صنعت بنفسي ، فإذا أصبح كحل عينيه ودهن رأسه وبرق شفتيه وخرج إلى الناس ، فأخذه ذات يوم يوسف بن عمر عامل الكوفة يريده على القضاء ، فامتنع ، قال: فدخلت عليه وقد جيء بالقيد ليقيد ، قال: فجاءه خصمان ، فقعدا بين يديه فلم يسألهما ولم يكلمهما ، فقيل ليوسف بن عمر: إنك لو نثرت لحمه لم يل لك قضاء ، فخلى عنه وتركه .
أخبرنا ابن ناصر بإسناد له عن العلاء بن سالم العبدي ، قال: كان منصور يصلي في سطحه ، فلما مات قال غلام لأمه: يا أماه الجذع الذي كان في آل فلان ليس أراه ، قالت: يا بني ليس ذلك جذع ، ذلك منصور ، وقد مات .
قال: ابن عيينة ، : رأيت منصور بن المعتمر في المنام ، فقلت: ما فعل الله بك؟ قال: كدت أن ألقى الله بعمل نبي .
قال سفيان: إن منصورا صام ستين سنة يقوم ليلها ويصوم نهارها . وفيها مات عبد الله بن أبي نجيح ، وإسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاري .
وفيها مع مروان بن محمد بالزاب ، ويحيى أخو عبد الرحمن الداخل إلى الأندلس . قتل يحيى بن معاوية بن هشام بن عبد الملك
وفيها لما دخلها عبد الله بن علي وكان عمره عشرين ومائة سنة ، قتله رجلان من خراسان ولم يعرفاه ، فلما عرفاه بكيا عليه ، وقيل : بل عضته دابة من دوابه فقتلته ، وكان ضريرا . قتل يونس بن ميسرة بن حلبس بدمشق
وفيها ، وكان قاضيها . توفي محمد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بالمدينة
وفيها مات همام بن منبه . وعبد الله بن عوف . وسعيد بن سليمان بن زيد بن ثابت الأنصاري . وخبيب بن عبد الرحمن بن خبيب بن يسار الأنصاري ، وهو خال عبيد الله بن عمر العمري ، ( خبيب بضم الخاء المعجمة ، وفتح الباء الموحدة ) .
وعمارة بن أبي حفصة ، واسم أبي حفصة ثابت مولى العتيك بن الأزد ، وهو والد حرمي ، كنيته أبو روح ، ( حرمي بفتح الحاء والراء المهملتين ) .
وفيها . توفي عبد الله بن طاوس بن كيسان الهمداني من عباد أهل اليمن وفقهائهم