سمع من عامر الشعبي ، وسعيد بن جبير وغيرهما . وروى عنه الثوري ، وهشيم .
نزل بغداد قبل تمصيرها . وسئل عنه أحمد بن حنبل فقال: ثقة ثقة .
وقال يحيى: هو أوثق من أساطين الجامع .
قال: محمد بن سعد ، إسماعيل بن سالم الأسدي: الذي روى عنه هشيم وأصحابه كان ثقة ثبتا ، وكان أصله من الكوفة ، ثم تحول فسكن بغداد قبل أن تبنى وتسكن ، وكانت ببغداد لهشام بن عبد الملك وغيره من الخلفاء خمسمائة فارس رابطة ، يغيرون على الخوارج إذا خرجوا في ناحيتهم قبل أن يضعف أمرهم . رابعة العدوية:
قال: عبد الله بن عيسى ، : دخلت على رابعة العدوية بيتها ، فرأيت على وجهها النور ، وكانت كثيرة البكاء ، فقرأ رجل عندها آية فيها ذكر النار ، فصاحت ثم سقطت .
ودخلت عليها وهي جالسة على قطعة بوري خلق فتكلم رجل عندها بشيء ، فجعلت أسمع وقع دموعها على البواري مثل الوكف ، ثم اضطربت وصاحت فقمنا وخرجنا .
قال محمد بن عمر: دخلت على رابعة . وكانت عجوزا كبيرة بنت ثمانين سنة ، كأنها الشن ، تكاد تسقط ، ورأيت في بيتها كراخة بواري ، ومشجب قصب فارسيا ، طوله من الأرض قدر ذراعين ، عليه أكفانها ، وستر البيت جلة ، وربما بواري ، وحب وكوز ولبد هو فراشها وهو مصلاها . وكانت إذا ذكرت الموت انتفضت وأصابتها رعدة ، وإذا مرت بقوم عرفوا فيها العبادة .
وقال لها رجل: ادعي لي ، فالتصقت بالحائط وقالت: من أنا يرحمك الله ، أطع ربك وادعه فإنه يجيب دعوة المضطر .
قال ابن الجوزي: كانت رابعة محققة فطنة ، ومن كلامها الدال على قوة فهمها قولها: أستغفر الله من قلة صدقي في قولي أستغفر الله .
وكان سفيان الثوري يقول: مروا بنا إلى المؤدبة التي لا أجد من أستريح إليه إذا فارقتها . وقال يوما بين يديها: واحزناه! فقالت: لا تكذب ، قل: واقلة حزناه ، لو كنت محزونا ما هناك العيش .
وقيل لها: هل عملت عملا ترين أنه يقبل منك؟ فقالت: إن كان فمخافتي أن يرد علي .
وقد جمعت أخبارها في كتاب؛ فلهذا اقتصرت على هذا القدر ها هنا .
دفنت بظاهر القدس على رأس جبل ، وقبرها يزار . زهرة بن معبد بن عبد الله بن هشام ، أبو عقيل التميمي:
مديني سكن مصر ، روى عن ابن عمر ، وابن الزبير . روى عنه الليث ، وابن لهيعة وآخر من حدث عنه رشدين ، وتوفي في هذه السنة .
عبد الله بن السائب المخزومي المديني:
كان يقول: كان جدي في الجاهلية يكنى أبا السائب ، وبه اكتنيت ، وكان خليطا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذا ذكره في الإسلام ، قال: نعم الخليط ، وكان لا يساري ولا يماري .
كان عبد الله أديبا فاضلا خيرا عفيفا ، لكنه مشتهر بحب الغزل ، يهش عند سماع الشعر ويطرب له ، قدم على السفاح الأنبار .
أخبرنا عبد الرحمن القزاز ، بإسناد له عن أبي عبد الله الزبيري ، قال: كان أبو السائب المخزومي مع حسن بن زيد بالأنبار ، وكان له مكرما وذلك في ولاية أبي العباس ، فأنشده ليلة الحسن بن زيد أبياتا لمجنون بني عامر:
وخبرتماني أن تيماء منزل لليلى إذا ما الضيف ألقى المراسيا
فجعل أبو السائب يحفظها ، فلما انصرف إلى منزله ، فذكرها شذ عليه بعضها ، فرجع إلى الحسن بن زيد ، فلما وقف على الباب صاح بأعلى صوته: أبا فلان ، فسمع ذلك الحسن ، فقال: افتحوا الباب لأبي السائب فقد دعاه أمر ، فلما دخل عليه قال:أجاء خبر؟ قال: أعظم من ذلك ، قال: ما هو؟ قال: تعيد علي:
وخبرتماني أن تيماء منزل لليلى إذا ما الضيف ألقى المراسيا
أخبرنا عبد الرحمن القزاز بإسناده عن محمد بن عبد الرحمن بن القاسم التيمي ، قال: حدثني أبي ، قال: بينا أبو السائب في داره إذ سمع رجلا يتغنى بهذه الأبيات:
أبكي الذين أذاقوني مودتهم حتى إذا أيقظوني للهوى رقدوا
حسبي بأن تعلمي أن قد يحبكم قلبي فإن تجدي بعض الذي أجد
ألفيت بيني وبين الحب معرفة فليس ينفذ حتى ينفذ الأبد
وليس لي مسعد فامنن علي به فقد بليت وقد أضناني الكمد
قال ابن الجوزي: والأخبار عنه في هذا المعنى كثيرة حتى أن ابنه أنشده بيتين وقد اجتمع أهل الدار على المائدة ، فقال له: أمك طالق إن تعشينا ولا تسحرنا إلا بهذين البيتين [فرفعوا الطعام وجعلوا يرددون البيتين] ، ثم أيقظهم سحرا فأنشدوه .
وجاز على حداد ، وهو ينشد ، فحلف لينفخن له بمنفاخه ، فجلس ينفخ وذلك ينشده إلى المغرب .
وروى عبد الرحمن المدائني قال: حدثنا أبو عثمان المازني ، قال: صام أبو السائب المخزومي يوما ، فلما صلى المغرب وقدمت مائدته خطر بقلبه بيت لجرير:
إن الذين غدوا بقلبك غادروا وشلا بعينك ما يزال معينا
غيضن من عبراتهن وقلن لي ماذا لقيت من الهوى ولقينا
أخبرنا المبارك بن علي بإسناد له عن عبد الملك بن عبد العزيز ، قال: قال لي أبو السائب: يا ابن أخي ، أنشدني للأحوص ، فأنشدته قوله:
قالت وقلت تحرجي وصلي حبل امرئ بوصالكم صب
صاحت إذا بعلي فقلت لها العذر شيء ليس من شعبي
ثنتان لا أوثر لوصلهما عرس الخليل وجارة الجنب
أما الخليل فلست فاجعه والجار أوصاني به ربي
وفي اسم أبيه قولان: أحدهما ميسرة ، والثاني عبد الله ، وفي كنية عطاء قولان: أحدهما أبو عثمان ، والثاني أبو أيوب .
وأصله من بلخ ، أسند عن ابن عمر ، وابن عباس ، وأنس ، وأبي هريرة ، وغيرهم من العلماء الصالحين .
قال: عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ، : كنا مقاربي عطاء الخراساني ، وكان يحيي الليل صلاة ، وكان إذا ذهب من الليل ثلثه أو نصفه نادانا وهو في فسطاطه يا إسماعيل ، يا عبد الرحمن بن يزيد ، يا فلان بن فلان ، قوموا فتوضئوا وصلوا ، فإن صلاة هذا الليل وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ، ومقطعات الحديد ، الوحا الوحا! محب بن حازم مولى ثابت بن يزيد بن رعين ، يكنى أبا جبرة:
يروي عن موسى بن وردان حديثا واحدا بسنده ، لا يروي غيره ، روى عنه سعيد بن أيوب ، وضمام بن إسماعيل ، والليث بن عاصم .
وكان فاضلا توفي في هذه السنة . وفيها ، وقيل : سنة أربعين ، وقيل سنة أربع وأربعين . مات أبو خازم الأعرج
وفيها مات يحيى بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بفارس ، وكان أميرا عليها ، وكان قبل ذلك أميرا على الموصل . وفيها توفي ثور بن زيد الدئلي ، وكان ثقة . وزياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وكان من الأبطال . ( عياش بالياء المثناة من تحت ، وبالشين المعجمة ) .