ذكر قتل ملبد الخارجي
قد ذكرنا خروجه في السنة قبلها ، وتحصن حميد منه ، ولما بلغ المنصور ظفر ملبد ، وتحصن حميد منه ، وجه إليه عبد العزيز بن عبد الرحمن أخا عبد الجبار ، وضم زياد بن مشكان ، فأكمن له ملبد مائة فارس ، فلما لقيه عبد العزيز خرج عليه الكمين فهزموه وقتلوا عامة أصحابه .
فوجه [ المنصور ] إليه خازم بن خزيمة في نحو ثمانية آلاف من المروروذية ، فسار خازم حتى نزل الموصل ، وبعث إلى ملبد بعض أصحابه ، وعبر ملبد دجلة من بلد وسار نحو خازم .
وسار إليه خازم وعلى مقدمته وطلائعه نضلة بن نعيم بن خازم بن عبد الله النهشلي ، وعلى ميمنته زهير بن محمد العامري ، وعلى ميسرته أبو حماد الأبرص ، وخازم في القلب .
فلم يزل يساير ملبدا وأصحابه إلى الليل وتواقفوا ليلتهم ، فلما كان الغد سار ملبد نحو كورة حزة ، وخازم وأصحابه يسايرونهم حتى غشيهم الليل ، وأصبحوا من الغد فسار ملبد كأنه يريد الهرب ، فخرج خازم في أثره وتركوا خندقهم ، وكان خازم قد خندق على أصحابه بالحسك ، فلما خرجوا منه حمل عليهم ملبد وأصحابه .
فلما رأى ذلك خازم ألقى الحسك بين يديه ويدي أصحابه ، فحملوا على ميمنة خازم فطووها ، ثم حملوا على الميسرة وطووها ، ثم انتهوا إلى القلب وفيه خازم ، فنادى خازم في أصحابه : الأرض الأرض ! فنزلوا ، ونزل ملبد وأصحابه وعقروا عامة دوابهم ، ثم اضطربوا بالسيوف حتى تقطعت .
وأمر خازم نضلة بن نعيم أن إذا سطع الغبار ولم يبصر بعضنا بعضا فارجع إلى خيلك وخيل أصحابك فاركبوها ثم ارموهم بنشاب ، ففعل ذلك ، وتراجع أصحاب خازم من الميمنة إلى الميسرة ، ثم رشقوا ملبدا ، وأصحابه بالنشاب ، فقتل ملبد في ثمانمائة رجل ممن ترجل ، وقتل منهم قبل أن يترجلوا زهاء ثلاثمائة وهرب الباقون ، وتبعهم نضلة فقتل منهم مائة وخمسين رجلا .