الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة ثمان وأربعين ومائة

            ذكر خروج حسان بن مجالد  

            وفيها خرج حسان بن مجالد بن يحيى بن مالك بن الأجدع الهمداني . ومالك هذا هو أخو مسروق بن الأجدع . وكان خروجه بنواحي الموصل بقرية تسمى بافخارى قريب من الموصل على دجلة ، فخرج إليه عسكر الموصل ، وعليها الصقر بن نجدة ، وكان قد وليها بعد حرب بن عبد الله ، فالتقوا واقتتلوا وانهزم عسكر الموصل إلى الجسر .

            وأحرق الخوارج أصحاب حسان السوق هناك ونهبوه   .

            ثم إن حسانا سار إلى الرقة ومنها إلى البحر ودخل إلى بلد السند ، وكانت الخوارج من أهل عمان يدخلونهم ويدعونهم ، فاستأذنهم في المصير إليهم ، فلم يجيبوه ، فعاد إلى الموصل ، فخرج إليه الصقر أيضا ، والحسن بن صالح بن حسان الهمداني ، وبلال القيسي ، فالتقوا فانهزم الصقر ، وأسر الحسن بن صالح وبلال ، فقتل حسان بلالا ، واستبقى الحسن لأنه من همدان ، ففارقه بعض أصحابه لهذا .

            وكان حسان قد أخذ رأي الخوارج عن خاله حفص بن أشيم ، وكان من علماء الخوارج وفقهائهم .

            ولما بلغ المنصور خروج حسان قال : خارجي من همدان ؟ قالوا : إنه ابن أخت حفص بن أشيم . فقال : فمن هناك ؟ وإنما أنكر المنصور ذلك لأن عامة همدان شيعة لعلي ، وعزم المنصور على إنفاذ الجيوش إلى الموصل والفتك بأهلها .

            فأحضر أبا حنيفة ، و ابن أبي ليلى ، و ابن شبرمة ، وقال لهم : إن أهل الموصل شرطوا إلي أنهم لا يخرجون علي ، فإن فعلوا حلت دماؤهم وأموالهم ، وقد خرجوا .

            فسكت أبو حنيفة وتكلم الرجلان وقالا : رعيتك ، فإن عفوت فأهل ذلك أنت ، وإن عاقبت فبما يستحقون . فقال لأبي حنيفة : أراك سكت يا شيخ ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، أباحوك ما لا يملكون ، أرأيت لو أن امرأة أباحت فرجها بغير عقد نكاح وملك يمين ، أكان يجوز أن توطأ ؟ قال : لا ! وكف عن أهل الموصل وأمر أبا حنيفة وصاحبيه بالعود إلى الكوفة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية