الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر ولاية الأغلب بن سالم إفريقية  

            لما بلغ المنصور خروج محمد بن الأشعث من إفريقية بعث إلى الأغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة التميمي عهدا بولاية إفريقية .

            وكان هذا الأغلب ممن قام مع أبي مسلم الخراساني ، وقدم إفريقية مع محمد بن الأشعث ، فلما أتاه العهد قدم القيروان في جمادى الآخرة سنة ثمان وأربعين ومائة وأخرج جماعة من قواد المضرية ، وسكن الناس .

            وخرج عليه أبو قرة في جمع كثير من البربر ، فسار إليه الأغلب ، فهرب أبو قرة من غير قتال ، وسار الأغلب يريد طنجة ، فاشتد ذلك على الجند وكرهوا المسير وتسللوا عنه إلى القيروان ، فلم يبق معه إلا نفر يسير .

            وكان الحسن بن حرب الكندي بمدينة تونس ، وكاتب الجند ودعاهم إلى نفسه ، فأجابوه ، فسار حتى دخل القيروان من غير مانع .

            وبلغ الأغلب الخبر فعاد مجدا ، فقال له بعض أصحابه : ليس من الرأي ( أن تعدل [ إلى ] لقاء العدو في هذه العدة القليلة ، ولكن الرأي أن تعدل إلى قابس ، فإن أكثر من معه يجيء إليك ، لأنهم إنما كرهوا المسير إلى طنجة لا غير وتقوى بهم وتقاتل عدوك .

            ففعل ذلك وكثر جمعه وسار إلى الحسن بن حرب ، فاقتتلوا قتالا شديدا ، فانهزم الحسن وقتل من أصحابه جمع كثير ، ومضى الحسن إلى تونس ( في جمادى الآخرة سنة خمسين ومائة ) ، ودخل الأغلب القيروان .

            وحشد الحسن وجمع فصار في عدة عظيمة ، فقصد الأغلب ، فخرج إليه الأغلب من القيروان ، فالتقوا واقتتلوا ، فأصاب الأغلب سهم فقتله ، وثبت أصحابه ، ( فتقدم عليهم المخارق بن غفار ، فحمل المخارق على الحسن ، وكان في ميمنة الأغلب ، فهزمه ، فمضى منهزما إلى تونس في شعبان سنة خمسين ومائة .

            وولي المخارق إفريقية في رمضان ، ووجه الخيل في طلب الحسن ، فهرب الحسن من تونس إلى كنايه فأقام شهرين ، ثم رجع إلى تونس ، فخرج إليه من بها من الجند فقتلوه .

            ( وقد قيل : إن الحسن قتل بعد قتل الأغلب ، لأن أصحاب الأغلب ثبتوا بعد قتله ) في المعركة ، فقتل الحسن بن حرب أيضا ، وولى أصحابه منهزمين وصلب الحسن ، ودفن الأغلب وسمي الشهيد ، وكانت هذه الوقعة في شعبان سنة خمسين ومائة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية