الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            أشعث الحداني:

            قال: حزم ، قال: قال لنا أشعث الحداني:

            انطلقوا إلى حبيب أبي محمد نسلم عليه - قال: وذاك عند ارتفاع النهار - فانطلقنا معه نسلم ، فخرج حبيب فأخذوا في البكاء ، فما زالوا يبكون حتى حضرت الظهر ، فصلينا ثم أخذوا في البكاء فما زالوا يبكون حتى حضرت العصر . قال: فصلينا العصر ، فما زالوا يبكون حتى حضرت المغرب ، ثم أدنينا حماره فركب فقال لنا: إن ناسا ينهون عن هذا أفأطيعهم؟ قلنا: أنت أعلم ، قال: إذا والله لا أطيعهم . جعفر الأكبر ابن المنصور :

            كان يتولى إمارة الموصل ومات في حياة أبيه . حميد بن جابر الشامي ، الأمير:

            قال: إبراهيم بن يسار ، قال: كنت يوما من الأيام مارا مع إبراهيم بن أدهم في صحراء ، إذ أتينا على قبر مسنم ، فوجم عليه وبكى ، فقلت: من هذا؟ قال: قبر حميد بن جابر أمير هذه المدائن كلها ، كان غرقا في بحر الدنيا أخرجه الله منها واستنقذه ، لقد بلغني أنه سر ذات يوم بشيء من ملاهي ملكه ودنياه وغروره ، ثم نام في مجلسه ذلك مع من يخصه من أهله ، فرأى رجلا واقفا على رأسه بيده كتاب ، فناوله إياه ففتحه وقرأه فإذا فيه مكتوب بالذهب: لا تؤثرون فانيا على باق ، ولا تغتر بملكك وسلطانك وعبيدك ولذاتك ، فإن الذي أنت فيه جسيم لولا أنه عديم ، وهو ملك لولا أن بعده هلك ، وهو فرح وسرور لولا أنه لهو وغرور ، وهو يوم لو كان يوثق فيه بغد ، فسارع إلى أمر الله عز وجل ، فإن الله قال: وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين ، فانتبه فزعا وقال: هذا تنبيه من الله عز وجل وموعظة . فخرج من ملكه إذ لا يعلم به ، وقصد هذا الجبل ، فتعبد فيه ، فلما بلغني قصته وحدثت بأمره قصدته فسألته فحدثني ببدء أمره ، فما زلت أقصده حتى مات ودفن هاهنا ، فهذا قبره . حسان بن أبي سنان:  

            روى عن الحسن البصري ، وأنس ، وثابت .

            قال: شيخ يقال له أبو حكيم ، قال: خرج [حسان بن أبي سنان] يوم العيد ، فلما رجع قالت له امرأته: كم امرأة حسنة قد رأيت اليوم؟ فلما أكثرت قال: ويحك ما نظرت إلا في إبهامي منذ خرجت من عندك حتى رجعت إليك .

            قال: عبد الله ، : كتب غلام لحسان بن أبي سنان إليه من الأهواز: إن قصب السكر أصابته آفة فاشتر السكر فيما قبلك . فاشترى من رجل فلم يأت عليه إلا قليل ، فإذا فيما اشترى ربح ثلاثين ألفا . قال: فأتى صاحب السكر فقال: يا هذا ، إن غلامي كان كتب إلي ولم أعلمك فأقلني فيما اشتريت منك ، قال الآخر: قد أعلمتني الآن وطيبته لك . فرجع فلم يحتمل قلبه ، فأتاه فقال: يا هذا ، إني لم آت الأمر من وجهه فأحب أن تسترد هذا البيع ، فما زال به حتى رده عليه .

            وقال عاصم بن فرقد: دخلنا على حسان بن أبي سنان وقد حضره الموت ، فقال له [بعض] إخوانه: كيف تجدك؟ قال: أجدني بحال الموت ، قال: أفتجد يا أبا عبد الله كربا شديدا؟ قال: فبكى ثم قال: [إن ذلك ، ثم قال: إن ذلك ، ثم قال:] ينبغي للمؤمن أن يسلو عن كرب الموت وألمه لما يرجو من السرور في لقاء الله [عز وجل] . عبد الله بن عون بن أرطبان ، يكنى أبا عون مولى عبد الله بن درة المزني: كان ثقة ورعا .

            قال: بكار ، : ما رأيت ابن عون يمازح أحدا ولا يماري أحدا [ولا ينشد شعرا] ، وكان مشغولا بنفسه ، وكان إذا صلى صلاة الغداة مكث مستقبل القبلة في مجلسه يذكر الله ، فإذا طلعت عليه الشمس صلى ، ثم أقبل على أصحابه ، وما رأيته شاتما أحدا قط عبدا ولا أمة ولا دجاجة ولا شاة ، ولا رأيت أحدا أملك للسانه منه ، وكان يصوم يوما ويفطر يوما حتى مات ، وما رأيت بيده دينارا ولا درهما قط ، وما رأيته يزن شيئا قط ، وكان إذا توضأ لا يعينه عليه أحد ، وكان يمسح وجهه إذا توضأ بالمنديل أو بخرقة ، وكان طيب الريح لين الكسوة ، وكان إذا خلا في منزله صمت ولا يزيد على الحمد لله ربنا ، وما رأيته دخل حماما قط ، وكان إذا وصل إنسانا بشيء وصله سرا ، وإن صنع شيئا صنعه سرا يكره أن يطلع عليه أحد ، وكان له سبع يقرأه كل ليلة فإذا لم يقرأه بالليل أتمه بالنهار ، وكان يحفي شاربه ، وكان يأخذه أخذا وسطا ، وكان في مرضه أصبر من رأيت ، ما رأيته يشكو شيئا من علته حتى مات في رجب هذه السنة .

            وروى حماد بن زيد ، عن ابن عون ، قال: كانت له حوانيت يكريها ، وكان لا يكريها من المسلمين ، فقيل له في ذلك ، فقال: إن لهذا إذا جاء رأس الشهر روعه ، وأنا أكره أن أروع المسلم . عثمان بن عطاء الخراساني:

            يروي عن عبد الله بن وهب ، سكن فلسطين ، وتوفي في هذه السنة

            [ الوفيات ]

            وفيها مات أسيد بن عبد الله في ذي الحجة ، وهو أمير خراسان   .

            وحنظلة بن أبي سفيان الجمحي . وعلي بن صالح بن حبي أخو الحسن بن صالح ، وكانا تقيين ، فيهما تشيع .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية