واسم أبي عبلة شمر بن يقطان ، أبو إسماعيل القيسي ثم العقيلي: إبراهيم بن أبي عبلة ،
من أهل فلسطين ، سمع من ابن عمر وغيره ، وسمع منه ابن المبارك ، والليث بن سعد . وتوفي في هذه السنة .
عن إبراهيم بن أبي عبلة ، قال: بعث إلي هشام بن عبد الملك ، فقال: يا إبراهيم ، إنا قد عرفناك صغيرا وخبرناك كبيرا ، ورضينا بسيرتك وحالك ، وقد رأيت أن أخلطك بنفسي وبخاصتي ، وأشركك في عملي ، وقد وليتك خراج مصر ، فقال: أما الذي عليه رأيت يا أمير المؤمنين فالله يجزيك ويثيبك وكفى به جازيا ومثيبا ، وأما الذي [أنا] عليه فما لي بالخراج تصرف ، وما لي عليه قوة . فغضب حتى اختلج وجهه ، ثم قال: ليلين طائعا أو ليلين كارها ، فأمسكت عن الكلام حتى رأيت غضبه قد انكسر وثورته قد طفئت ، فقلت: يا أمير المؤمنين ، أأتكلم؟ فقال: نعم ، فقلت: إن الله سبحانه قال في كتابه إنا عرضنا الأمانة على السماوات والأرض والجبال فأبين أن يحملنها وأشفقن منها . الآية . والله يا أمير المؤمنين ما غضب عليهن إذا أبين ، ولا أكرههن إذ كرهن ، وما أنا بحقيق أن تغضب علي إذ أبيت ولا تكرهني إذ كرهت ، فضحك وقال: يا إبراهيم ، أبيت إلا رفقا فقد أعفيناك ورضينا عنك . خويل بن محمد الأزدي:
عن الهيثم بن عبيد ، قال: سمعت خويل بن محمد - وكان عابدا - يقول: كان خويلا قد وقف للحساب ، فقيل: يا خويل ، قد عمرناك ستين سنة ، فما صنعت فيها؟ فجمع نوم ستين سنة مع قائلة النهار فإذا قطعة من عمري ذهبت [في] نوم ، وجمعت ساعات أكلي فإذا قطعة من عمري قد ذهبت في الأكل ، ثم جمعت ساعات وضوئي فإذا قطعة من عمري ذهبت فيه ، ثم نظرت في صلاتي فإذا صلاة منقوصة وصوم مخرق ، فما هو إلا عفو الله أو الهلكة . وقيل: ابن يسار بن كوثان المديني ، مولى قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف: محمد بن إسحاق بن يسار بن حبان ،
وقال مصعب بن عبد الله: يسار مولى عبد الله بن قيس بن مخرمة ، جد محمد بن إسحاق من سبي عين التمر ، وهو أول سبي دخل المدينة من العراق ، يكنى أبا بكر ، وقيل: أبا عبد الله .
رأى أنس بن مالك ، وسعيد بن المسيب ، وسمع القاسم بن محمد بن أبي بكر [الصديق] ، وأبان بن عثمان بن عفان ، ومحمد بن علي بن الحسين ، وأبا سلمة بن عبد الرحمن ، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج ، ونافعا مولى ابن عمر ، والزهري ، وغيرهم .
وكان عالما بالسير والمغازي وأيام الناس والمبتدأ وقصص الأنبياء . وحدث عنه كبار الأئمة كيحيى بن سعيد [الأنصاري ، وسفيان الثوري ، وابن جريج ، وشعبة ، والحمادين ، وإبراهيم بن سعد ، وسفيان بن عيينة ، وشريك] بن عبد الله وغيرهم .
قال الزهري: لا يزال بالمدينة علم جم ما كان فيهم ابن إسحاق .
وقال يحيى بن معين: كان محمد بن إسحاق ثقة ، وضعفه في روايته .
ولما روى ابن إسحاق عن فاطمة بنت المنذر حديثا قال زوجها هشام بن عروة: كذب ، لقد دخلت بها وهي بنت تسع سنين ، وما رآها مخلوق حتى لحقت بالله عز وجل .
وكان أحمد بن حنبل يقول: لعله دخل عليها وزوجها لا يعلم . وكان مالك بن أنس كذبه أيضا لذلك .
أخبرنا القزاز ، قال: أخبرنا الخطيب ، قال: قد أمسك عن الاحتجاج بروايات ابن إسحاق غير واحد من العلماء لأسباب منها أنه كان يتشيع ، وينسب إلى القدر ، ويدلس في حديثه ، فأما الصدق فليس بمدفوع عنه .
وقد قال أبو زرعة: محمد بن إسحاق رجل قد أجمع الكبراء من أهل العلم على الأخذ منه ، وقد اختبره أهل الحديث فرأوا صدقا وخيرا ، مع مدح ابن شهاب له ، وقد ذاكرت دحيما في قول مالك فيه ، فرأى أن ذلك ليس للحديث إنما هو لأنه اتهمه بالقدر .
وقد قال محمد بن عبد الله بن نمير: كان ابن إسحاق يرمى بالقدر وكان أبعد الناس منه ، وكان إذا حدث عمن سمع من المعروفين فهو حسن الحديث صدوق ، وإنما أتي من أنه يحدث عن المجهولين أحاديث باطلة .
وقال سفيان بن عيينة: ما رأيت أحدا يتهم ابن إسحاق .
وقال ابن المديني: حديثه عندي صحيح ، قيل له: فكلام مالك فيه ، فقال: مالك لم يجالسه ولم يعرفه ، قيل: فهشام بن عروة ، فقال: الذي قال هشام ليس بحجة لعله دخل على امرأته وهو غلام فسمع منها .
وقال أحمد بن حنبل: ابن إسحاق كان يشتهي الحديث فيأخذ كتب الناس فيضعها في كتبه . وكان أحمد يكتب حديثه ولا يحتج به في السنن .
وقال ابن المديني ، ويحيى بن معين ، والساجي: توفي سنة اثنتين وخمسين ومائة .
وقال الهيثم بن عدي ، والفلاس ، وابن عرفة: سنة خمسين ومائة .
وقال أحمد بن خالد الوهبي: سنة إحدى وخمسين . وكذلك قال البخاري . مسعر بن كدام بن ظهير ، أبو سلمة:
سمع أبا إسحاق الهمداني . روى عنه الثوري ، وشعبة . وكان عالما عابدا كثير البكاء .
قال سفيان الثوري: لم يكن في زمانه مثله .
وقال سفيان بن عيينة: ما لقيت أحدا أفضله على مسعر .
[أخبرنا ابن ناصر ، قال:] أخبرنا المبارك بن عبد الجبار ، قال: أخبرنا شجاع بن فارس ، قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح ، قال: محمد بن كناسة ، سمعت مسعرا يقول: من أهمته نفسه تبين ذلك عليه .
قال: جعفر بن عبد الرحمن ، :
أتيت مسعر بن كدام لأسمع منه ، فكأنه رجل [قد] أقيم على شفير جهنم ليلقى فيها .
قال: أحمد بن داود الحراني ، سمعت مسعر بن كدام يقول: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وسفيان الثوري آخذ بيده وهما يطوفان ، فقال: يا رسول الله ، مات مسعر بن كدام؟ قال: نعم واستبشر به أهل السماء .
توفي مسعر بالكوفة في هذه السنة . وقيل: في سنة خمس وخمسين ومائة . وقيل: يوسف: يونس بن يوسف أبو عمر بن حماس ،
وكان عابدا مجتهدا يصوم الدهر ويقوم الليل ، وكان مستجاب الدعوة .
قال: مالك بن أنس : كان يونس بن يوسف من العباد - أو [قال]: من خيار الناس - فأقبل ذات يوم وهو رائح من المسجد ، فلقيته امرأة ، فوقع في نفسه منها ، فقال: اللهم إنك جعلت لي بصري نعمة وقد خشيت أن تكون علي نقمة فاقبضه إليك . قال: فعمي ، وكان يروح إلى المسجد يقوده ابن أخ له ، فإذا استقبل به الأسطوانة اشتغل الصبي بلعب مع الصبيان فإن أتته حاجة حصبه فأقبل إليه ، فبينا هو ذات ضحوة في المسجد إذ حس في بطنه بشيء فحصب الصبي فاشتغل عنه مع الصبيان حتى خاف الشيخ على نفسه ، فقال: اللهم إنك كنت جعلت لي بصري نعمة وخشيت أن يكون نقمة فسألتك فقبضته إليك ، وقد خشيت الفضيحة فرده [علي] . فانصرف إلى منزله صحيحا يمشي .
قال مالك: فرأيته أعمى ورأيته صحيحا . [ الوفيات ]
وفيها مات محمد بن عبد الله بن مسلم بن عبد الله بن شهاب ، وهو ابن أخي محمد بن شهاب الزهري ، روى عنه عمه .
وفيها مات يونس بن يزيد الأيلي ، روى عن الزهري أيضا . وفيها مات طلحة بن عمرو ، والحضرمي . ( الأيلي بفتح الهمزة ، وبالياء تحتها نقطتان . والعقيلي بضم العين ، وفتح القاف ) . وفيها توفي عباد بن منصور ،