الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            إبراهيم بن نشيط بن يوسف ، ويكنى أبا بكر:  

            كان فقيها عابدا رأى عبد الله بن الحارث ، وسمع منه ، وغزا القسطنطينية في خلافة الوليد بن عبد الملك في سنة ثمان وتسعين مع مسلمة بن عبد الملك .

            وروى عنه الليث بن سعد ، وابن المبارك ، ورشدين بن سعد ، وابن وهب .

            توفي في هذه السنة . حيوة بن شريح بن صفوان بن مالك ، أبو زرعة التجيبي:  

            روى عن عقبة بن مسلم ، وكان فقيها عابدا مجاب الدعوة . روى عنه الليث ، وابن المبارك ، وابن لهيعة ، وابن وهب .

            قال ابن المبارك: ما وصف لي أحد فرأيته إلا كان دون ما وصف إلا حيوة بن شريح ، فإن رؤيته كانت أكثر من صفته .

            قال: خالد بن الفرز ، : كان حيوة بن شريح دعاء من البكائين ، وكان ضيق الحال جدا ، فجلست إليه ذات يوم وهو مختل وحده يدعو ، فقلت: رحمك الله ، لو دعوت الله يوسع عليك في معيشتك؟ قال: فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، فأخذ حصاة من الأرض فقال: اللهم اجعلها ذهبا ، قال: فإذا هي والله قبرة في كفه ، ما رأيت أحسن منها ، قال: فرمى بها إلي وقال: لا خير في الدنيا إلا الآخرة ، ثم التفت إلي فقال: هو أعلم بما يصلح عباده ، فقلت: ما أصنع بها ، قال: استنفقها ، فهبته والله أن أراده .

            قال: محمد بن بشار اليشكري ، : لما قدم أبو عون مصر وقتل بها من قتل واستولى على البلد أرسل إلى حيوة بن شريح: ائتني ، قال: فجاء فدخل عليه فقال: إنا معشر الملوك لا نعصى ، فمن عصانا قتلناه ، قد وليتك القضاء ، [قال]: أوآمر أهلي: قال: اذهب ، قال: فجاء إلى أهله ، فغسل رأسه ولحيته ونال شيئا من الطيب ، ولبس أنظف ما قدر عليه من الثياب قال: ثم جاء فدخل عليه فقال: من جعل السحرة أولى بما قالوا منا ، اقض ما أنت قاض لست أتولى لك شيئا . قال: فأذن له فرجع .

            توفي حيوة بن شريح في هذه السنة . الحسن بن عمارة بن المضرب ، أبو محمد الكوفي ، مولى بجيلة:

            حدث عن الزهري ، وأبي إسحاق السبيعي ، وأبي زهير المكي ، وعمرو بن دينار ، وغيرهم . روى عنه أبو يوسف القاضي ، وشبابة .

            وولي القضاء ببغداد في خلافة المنصور ، ثم بعث المنصور إلى عبيد الله بن محمد بن صفوان إلى مكة من يقدم به عليه ، فلما قدم ولاه القضاء وضم الحسن بن عمارة إلى المهدي .

            قال: جبلة بن سليمان ، : جاء رجل إلى الحسن بن عمارة ، فقال: إن لي على مسعر بن كدام سبعمائة درهم من ثمن دقيق وغير ذلك ، وقد مطلني ، ويقول: ليس عندي اليوم ، فدفعها إليه الحسن بن عمارة ، وقال: أعط مسعرا كلما أراد ، وإذا اجتمع لك عليه شيء فتعال إلي حتى أعطيك .

            وقد قدحوا في الحسن بن عمارة ، وكان شعبة يشهد أنه كذاب .

            وقال ابن المديني: أمره أبين من ذلك ، قيل له: كان يغلط ، قال: وأي شيء كان يغلط ، وذهب إلى أنه كان يضع الحديث .

            وقال يحيى: لا يكتب حديثه .

            وقال أحمد ، ومسلم بن الحجاج: هو متروك الحديث .

            وقال الفلاس: هو رجل صدوق صالح كثير الوهم متروك الحديث .

            وقال الساجي: أجمع أهل الحديث على ترك حديثه .

            وقال سفيان بن عيينة: كنت إذا سمعت الحسن بن عمارة يروي عن الزهري ، وعمرو بن دينار جعلت إصبعي في أذني .

            توفي الحسن بن عمارة في هذه السنة . شقيق بن إبراهيم ، أبو علي البلخي:

            كان ذا ثروة عظيمة ، فخرج منها وتزهد ، وصحب إبراهيم بن أدهم .

            قال علي بن محمد بن شقيق:

            كان لجدي ثلاثمائة قرية ولم يكن له كفن يكفن فيه ، قدم ذلك كله بين يديه ، وثيابه وسيفه إلى الساعة معلق يتبركون به ، وكان قد دخل إلى بلاد الترك لتجارة وهو حدث ، فدخل إلى أصنامهم فقال لعاملهم: إن هذا الذي أنت فيه باطل ، ولهذا الخلق خالق ليس كمثله شيء ، رازق كل شيء ، فقال له: ليس يوافق قولك فعلك ، فقال: كيف؟ قال: زعمت أن لك خالقا قادرا وقد تعنيت إلى هاهنا لطلب الرزق ، قال شقيق: فكان سبب زهدي كلام التركي ، فرجع فتصدق بجميع ماله وطلب العلم .

            قال: حاتم الأصم :

            كنا مع شقيق البلخي ونحن مصافو الترك في يوم لا أرى فيه إلا رءوسا تبدر وسيوفا تقطع ، فقال لي شقيق ونحن بين الصفين: يا حاتم ، كيف ترى نفسك في هذا اليوم؟

            تراها مثلها في الليلة التي زفت إليك امرأتك ، فقلت: لا والله ، فقال: لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثلها في الليلة التي زفت فيها امرأتي . قال: ثم نام بين الصفين ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه . عميرة بن أبي ناجية ، أبو يحيى:  

            كان عابدا ناسكا دائم البكاء ، وكان أبوه روميا . [وتوفي عميرة في هذه السنة] . معمر بن راشد ، أبو عروة البصري:

            سكن اليمن وقال: طلبت العلم يوم مات الحسن البصري ، وسمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فما من شيء سمعته في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري .

            وسمع من الزهري وغيره . وروى عنه الثوري ، وابن عيينة ، وابن المبارك .

            وتوفي في هذه السنة وهو ابن ثمان وخمسين سنة . موسى بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس:

            كان من وجوه بني هاشم وأفاضلهم ، وهو أخو محمد ، وجعفر . قدم بغداد في خلافة المنصور ، فتوفي بها في هذه السنة . هشام بن العلاء بن ربيعة ، أبو العباس - وقيل: أبو عبد الله - الجرشي الشامي:

            سمع عطاء بن أبي رباح ، ونافعا ، ومكحولا . روى عنه ابن المبارك ، ووكيع ، وشبابة ، نزل بغداد وحدث بها ، وولاه المنصور بيت المال ، وكان ثقة من خيار الناس .

            وتوفي في هذه السنة . هشام بن أبي عبد الله ، واسمه سنبر ، الدستوائي ، مولى لبني سدوس:

            كان شديد الخوف [من الله] ، كثير البكاء .

            قال: سعيد بن عامر ، :

            كان هشام بن أبي عبد الله قد أظلم بصره من طول البكاء ، فكنت تراه يبصر إليك ولا يعرفك حتى تكلمه .

            توفي في هذه السنة ، وقيل: سنة اثنتين وخمسين ومائة . وهيب بن الورد بن أبي الورد ،  مولى بني مخزوم ، يكنى أبا أمية ، وقيل: أبا عثمان:

            وكان اسمه عبد الوهاب ، فصغر فقيل وهيب . أدرك عطاء ، ومنصور بن زاذان ، وكان شديد الورع كثير التعبد ، وكان سفيان الثوري إذا فرغ من حديثه يقول: قوموا بنا إلى الطبيب ، يعني وهيبا .

            قال قادم الديلمي: قيل لوهيب بن الورد: ألا تشرب من زمزم ، قال: بأي دلو .

            قال المروزي: وسمعت عبد الوهاب الوراق يقول: قال شعيب بن حرب:

            ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب ، كان يشرب بدلوه .

            قال: ابن عيسى ، : سمعت ابن المبارك يقول: ما جلست إلى أحد كان أنفع لي مجالسة من وهيب ، وكان لا يأكل من الفواكه ، وكان إذا انقضت السنة وذهبت الفواكه يكشف عن بطنه وينظر إليه ويقول: يا وهيب ما أرى بك بأسا ، ما أرى تركك الفواكه ضرك شيئا .

            قال: بشر بن الحارث : كان وهيب بن الورد تئن خضرة البقل من بطنه من الهزال .

            قال ابن مخلد: وحدثنا أحمد بن الفتح ، قال: سمعت بشرا يقول: بلغني أن وهيبا كان إذا أتي بقرصيه بكى حتى يبلهما .

            قال أبو بكر بن عبيد: حدثني محمد بن يزيد بن خنيس ، قال: حلف وهيب بن الورد ألا يراه الله ضاحكا ولا أحد من خلقه حتى يعلم ما يأتي به رسل الله . قال: فسمعوه يقول عند الموت: وفيت لي ولم أف لك .

            توفي وهيب في هذه السنة . وفيها توفي عبيد ابن بنت ابن أبي ليلى قاضي الكوفة ، فاستقضي [ مكانه ] شريك بن عبد الله النخعي . وفيها مات هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي ، ( وقيل : سنة ست وخمسين ، وقيل : تسع وخمسين ) . وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر . وثور بن زيد . وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري .

            والضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام من ولد أخي حكيم بن حزام . وفطر بن خليفة الكوفي .

            فطر : بالفاء والراء المهملة . ( والجرشي : بضم الجيم ، وبالشين المعجمة ) .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية