إبراهيم بن نشيط بن يوسف ، ويكنى أبا بكر:
كان فقيها عابدا رأى عبد الله بن الحارث ، وسمع منه ، وغزا القسطنطينية في خلافة الوليد بن عبد الملك في سنة ثمان وتسعين مع مسلمة بن عبد الملك .
وروى عنه الليث بن سعد ، وابن المبارك ، ورشدين بن سعد ، وابن وهب .
توفي في هذه السنة . حيوة بن شريح بن صفوان بن مالك ، أبو زرعة التجيبي:
روى عن عقبة بن مسلم ، وكان فقيها عابدا مجاب الدعوة . روى عنه الليث ، وابن المبارك ، وابن لهيعة ، وابن وهب .
قال ابن المبارك: ما وصف لي أحد فرأيته إلا كان دون ما وصف إلا حيوة بن شريح ، فإن رؤيته كانت أكثر من صفته .
قال: خالد بن الفرز ، : كان حيوة بن شريح دعاء من البكائين ، وكان ضيق الحال جدا ، فجلست إليه ذات يوم وهو مختل وحده يدعو ، فقلت: رحمك الله ، لو دعوت الله يوسع عليك في معيشتك؟ قال: فالتفت يمينا وشمالا فلم ير أحدا ، فأخذ حصاة من الأرض فقال: اللهم اجعلها ذهبا ، قال: فإذا هي والله قبرة في كفه ، ما رأيت أحسن منها ، قال: فرمى بها إلي وقال: لا خير في الدنيا إلا الآخرة ، ثم التفت إلي فقال: هو أعلم بما يصلح عباده ، فقلت: ما أصنع بها ، قال: استنفقها ، فهبته والله أن أراده .
قال: محمد بن بشار اليشكري ، : لما قدم أبو عون مصر وقتل بها من قتل واستولى على البلد أرسل إلى حيوة بن شريح: ائتني ، قال: فجاء فدخل عليه فقال: إنا معشر الملوك لا نعصى ، فمن عصانا قتلناه ، قد وليتك القضاء ، [قال]: أوآمر أهلي: قال: اذهب ، قال: فجاء إلى أهله ، فغسل رأسه ولحيته ونال شيئا من الطيب ، ولبس أنظف ما قدر عليه من الثياب قال: ثم جاء فدخل عليه فقال: من جعل السحرة أولى بما قالوا منا ، اقض ما أنت قاض لست أتولى لك شيئا . قال: فأذن له فرجع .
توفي حيوة بن شريح في هذه السنة . الحسن بن عمارة بن المضرب ، أبو محمد الكوفي ، مولى بجيلة:
حدث عن الزهري ، وأبي إسحاق السبيعي ، وأبي زهير المكي ، وعمرو بن دينار ، وغيرهم . روى عنه أبو يوسف القاضي ، وشبابة .
وولي القضاء ببغداد في خلافة المنصور ، ثم بعث المنصور إلى عبيد الله بن محمد بن صفوان إلى مكة من يقدم به عليه ، فلما قدم ولاه القضاء وضم الحسن بن عمارة إلى المهدي .
قال: جبلة بن سليمان ، : جاء رجل إلى الحسن بن عمارة ، فقال: إن لي على مسعر بن كدام سبعمائة درهم من ثمن دقيق وغير ذلك ، وقد مطلني ، ويقول: ليس عندي اليوم ، فدفعها إليه الحسن بن عمارة ، وقال: أعط مسعرا كلما أراد ، وإذا اجتمع لك عليه شيء فتعال إلي حتى أعطيك .
وقد قدحوا في الحسن بن عمارة ، وكان شعبة يشهد أنه كذاب .
وقال ابن المديني: أمره أبين من ذلك ، قيل له: كان يغلط ، قال: وأي شيء كان يغلط ، وذهب إلى أنه كان يضع الحديث .
وقال يحيى: لا يكتب حديثه .
وقال أحمد ، ومسلم بن الحجاج: هو متروك الحديث .
وقال الفلاس: هو رجل صدوق صالح كثير الوهم متروك الحديث .
وقال الساجي: أجمع أهل الحديث على ترك حديثه .
وقال سفيان بن عيينة: كنت إذا سمعت الحسن بن عمارة يروي عن الزهري ، وعمرو بن دينار جعلت إصبعي في أذني .
توفي الحسن بن عمارة في هذه السنة . شقيق بن إبراهيم ، أبو علي البلخي:
كان ذا ثروة عظيمة ، فخرج منها وتزهد ، وصحب إبراهيم بن أدهم .
قال علي بن محمد بن شقيق:
كان لجدي ثلاثمائة قرية ولم يكن له كفن يكفن فيه ، قدم ذلك كله بين يديه ، وثيابه وسيفه إلى الساعة معلق يتبركون به ، وكان قد دخل إلى بلاد الترك لتجارة وهو حدث ، فدخل إلى أصنامهم فقال لعاملهم: إن هذا الذي أنت فيه باطل ، ولهذا الخلق خالق ليس كمثله شيء ، رازق كل شيء ، فقال له: ليس يوافق قولك فعلك ، فقال: كيف؟ قال: زعمت أن لك خالقا قادرا وقد تعنيت إلى هاهنا لطلب الرزق ، قال شقيق: فكان سبب زهدي كلام التركي ، فرجع فتصدق بجميع ماله وطلب العلم .
قال: حاتم الأصم :
كنا مع شقيق البلخي ونحن مصافو الترك في يوم لا أرى فيه إلا رءوسا تبدر وسيوفا تقطع ، فقال لي شقيق ونحن بين الصفين: يا حاتم ، كيف ترى نفسك في هذا اليوم؟
تراها مثلها في الليلة التي زفت إليك امرأتك ، فقلت: لا والله ، فقال: لكني والله أرى نفسي في هذا اليوم مثلها في الليلة التي زفت فيها امرأتي . قال: ثم نام بين الصفين ودرقته تحت رأسه حتى سمعت غطيطه . عميرة بن أبي ناجية ، أبو يحيى:
كان عابدا ناسكا دائم البكاء ، وكان أبوه روميا . [وتوفي عميرة في هذه السنة] . معمر بن راشد ، أبو عروة البصري:
سكن اليمن وقال: طلبت العلم يوم مات الحسن البصري ، وسمعت من قتادة وأنا ابن أربع عشرة سنة ، فما من شيء سمعته في تلك السنين إلا وكأنه مكتوب في صدري .
وسمع من الزهري وغيره . وروى عنه الثوري ، وابن عيينة ، وابن المبارك .
وتوفي في هذه السنة وهو ابن ثمان وخمسين سنة . موسى بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس:
كان من وجوه بني هاشم وأفاضلهم ، وهو أخو محمد ، وجعفر . قدم بغداد في خلافة المنصور ، فتوفي بها في هذه السنة . هشام بن العلاء بن ربيعة ، أبو العباس - وقيل: أبو عبد الله - الجرشي الشامي:
سمع عطاء بن أبي رباح ، ونافعا ، ومكحولا . روى عنه ابن المبارك ، ووكيع ، وشبابة ، نزل بغداد وحدث بها ، وولاه المنصور بيت المال ، وكان ثقة من خيار الناس .
وتوفي في هذه السنة . هشام بن أبي عبد الله ، واسمه سنبر ، الدستوائي ، مولى لبني سدوس:
كان شديد الخوف [من الله] ، كثير البكاء .
قال: سعيد بن عامر ، :
كان هشام بن أبي عبد الله قد أظلم بصره من طول البكاء ، فكنت تراه يبصر إليك ولا يعرفك حتى تكلمه .
توفي في هذه السنة ، وقيل: سنة اثنتين وخمسين ومائة . مولى بني مخزوم ، يكنى أبا أمية ، وقيل: أبا عثمان: وهيب بن الورد بن أبي الورد ،
وكان اسمه عبد الوهاب ، فصغر فقيل وهيب . أدرك عطاء ، ومنصور بن زاذان ، وكان شديد الورع كثير التعبد ، وكان سفيان الثوري إذا فرغ من حديثه يقول: قوموا بنا إلى الطبيب ، يعني وهيبا .
قال قادم الديلمي: قيل لوهيب بن الورد: ألا تشرب من زمزم ، قال: بأي دلو .
قال المروزي: وسمعت عبد الوهاب الوراق يقول: قال شعيب بن حرب:
ما احتملوا لأحد ما احتملوا لوهيب ، كان يشرب بدلوه .
قال: ابن عيسى ، : سمعت ابن المبارك يقول: ما جلست إلى أحد كان أنفع لي مجالسة من وهيب ، وكان لا يأكل من الفواكه ، وكان إذا انقضت السنة وذهبت الفواكه يكشف عن بطنه وينظر إليه ويقول: يا وهيب ما أرى بك بأسا ، ما أرى تركك الفواكه ضرك شيئا .
قال: بشر بن الحارث : كان وهيب بن الورد تئن خضرة البقل من بطنه من الهزال .
قال ابن مخلد: وحدثنا أحمد بن الفتح ، قال: سمعت بشرا يقول: بلغني أن وهيبا كان إذا أتي بقرصيه بكى حتى يبلهما .
قال أبو بكر بن عبيد: حدثني محمد بن يزيد بن خنيس ، قال: حلف وهيب بن الورد ألا يراه الله ضاحكا ولا أحد من خلقه حتى يعلم ما يأتي به رسل الله . قال: فسمعوه يقول عند الموت: وفيت لي ولم أف لك .
توفي وهيب في هذه السنة . وفيها توفي عبيد ابن بنت ابن أبي ليلى قاضي الكوفة ، فاستقضي [ مكانه ] شريك بن عبد الله النخعي . وفيها مات هشام بن الغاز بن ربيعة الجرشي ، ( وقيل : سنة ست وخمسين ، وقيل : تسع وخمسين ) . وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر . وثور بن زيد . وعبد الحميد بن جعفر بن عبد الله الأنصاري .
والضحاك بن عثمان بن عبد الله بن خالد بن حزام من ولد أخي حكيم بن حزام . وفطر بن خليفة الكوفي .
فطر : بالفاء والراء المهملة . ( والجرشي : بضم الجيم ، وبالشين المعجمة ) .