ذكر عزل محمد بن سليمان عن الكوفة ، واستعمال عمرو بن زهير
وفيها عزل [ المنصور ] محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس عن الكوفة ، واستعمل عليها عمرو بن زهير الضبي أخا المسيب بن زهير .
وقيل : إنما عزل سنة ثلاث وخمسين ، وكان عزله لأسباب بلغته عنه ، منها أنه قتل عبد الكريم بن أبي العوجاء وكان قد حبسه على الزندقة وهو خال معن بن زائدة الشيباني ، فكثر شفعاؤه عند المنصور ، ولم يتكلم فيه إلا ظنين منهم ، فكتب إلى محمد بن سليمان بالكف عنه إلى أن يأتيه رأيه .
وكان ابن أبي العوجاء قد أرسل إلى محمد بن سليمان يسأله أن يؤخره ثلاثة أيام ، ويعطيه مائة ألف ، فلما ذكر لمحمد أمر بقتله ، فلما أيقن أنه مقتول قال : والله لقد وضعت أربعة آلاف حديث حللت فيها الحرام ، وحرمت فيها الحلال ، والله لقد فطرتكم يوم صومكم ، وصومتكم يوم فطركم ، فقتل .
وورد كتاب المنصور إلى محمد يأمره بالكف عنه ، فوصل وقد قتله فلما بلغ قتله غضب ، وقال : والله لقد هممت أن أقيده به ! ثم أحضر عمه عيسى بن علي وقال له : هذا عملك ، أنت أشرت بتولية هذا الغلام الغر ، قتل فلانا بغير أمري ، وقد كتبت بعزله ، وتهدده .
فقال له عيسى : إن محمدا إنما قتله على الزندقة ، فإن كان أصاب فهو لك ، وإن أخطأ فعليه ، ولئن عزلته على أثر ذلك ليذهبن بالثناء والذكر ، ولترجعن بالمقالة من العامة عليك ، فمزق الكتاب .