رباح بن أبي يزيد اللخمي:
كان من أهل إفريقية ، وكان عالما زاهدا يضرب بعبادته المثل ، وهو أخو قحذم بن يزيد الذي كان عابدا بالإسكندرية . ، واسم العجاج عبد الله بن رؤبة بن لبيد بن صخر ، ويكنى أبا الجحاف وأبا العجاج: رؤبة بن العجاج
روى عن أبي الشعثاء ، عن أبي هريرة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وهو من رجاز الإسلام وفصحائهم المقدمين منهم ، وهو بدوي سكن البصرة ومدح بني أمية وبني العباس ، وتوفي في أيام المنصور ، وقد أخذ عنه وجوه أهل اللغة واحتجوا بشعره .
والرؤبة اسم يقع على أشياء منها اللبن الخاثر ، وماء الفحل ، والحاجة والساعة تمضي من الليل وغير ذلك .
وكان يونس النحوي يقول: ما رأيت عربيا قط أفصح من رؤبة ، ما كان معد بن عدنان أفصح منه ، وكان رؤبة يأكل الفأر فعوتب على ذلك ، فقال: هي أنظف من دواجنكم ودجاجكم اللاتي تأكلن العذرة ، وهل يأكل الفأر إلا نقي البر ولباب الطعام .
ولما توفي قال الخليل بن أحمد: دفنا الشعر واللغة والفصاحة اليوم . ، ويكنى أبا عمارة ، مولى لآل عكرمة بن ربعي التيمي: حمزة بن حبيب الزيات
كان يجلب الزيت من الكوفة إلى حلوان ، ويجلب من حلوان الجبن والجوز إلى الكوفة . وكان صاحب قرآن وفرائض ، صدوقا صاحب سنة . وقد أسند عن الأعمش .
قال جرير بن عبد الحميد :
مر بنا حمزة بن حبيب فاستسقى فأتيته بماء ، فقال: أنت ممن يحضرنا في القراءة؟ قلت: نعم ، قال: لا حاجة لي في مائك .
وقال: أخبرنا خلف بن هشام البزاز ، قال: قال لي سليم بن عيسى :
دخلت على حمزة بن حبيب الزيات فوجدته يمرغ خديه في الأرض ويبكي ، فقلت: أعيذك بالله ، فقال: رأيت البارحة في منامي كأن القيامة قد قامت ، وقد دعي بقراء القرآن ، فكنت فيمن حضر ، فسمعت قائلا يقول بكلام عذب: لا يدخل علي إلا من عمل بالقرآن ، فرجعت القهقرى ، فهتف باسمي: أين حمزة بن حبيب الزيات؟
فقلت: لبيك داعي الله ، فبدرني ملك فقال قل: لبيك اللهم لبيك ، فقلت كما قال لي ، فأدخلني دارا فيها ضجيج القرآن ، فوقفت أرعد ، فسمعت قائلا يقول: لا بأس عليك اقرأ وارق ، فأدرت وجهي فإذا أنا بمنبر من در أبيض دفتاه من ياقوت أصفر ، مراقيه من زبرجد أخضر ، فقال لي: اقرأ سورة الأنعام . فقرأت وأنا لا أدري على من أقرأ حتى بلغت الستين آية ، فلما بلغت: وهو القاهر فوق عباده (6: 18) ، قال لي: يا حمزة ، ألست القاهر فوق عبادي؟ فقلت: بلى ، قال: صدقت ، اقرأ ، فقرأت حتى أتممتها ، فقال لي:
اقرأ ، فقرأت الأعراف حتى بلغت آخرها وأومأت إلى الأرض بالسجود ، فقال لي:
حسبك ما مضى ، لا تسجد يا حمزة ، من أقرأك هذه القراءة؟ فقلت: سليمان ، فقال:
صدقت ، من أقرأ سليمان؟ قلت: يحيى ، قال: صدق يحيى ، على من قرأ يحيى؟
فقلت: على أبي عبد الرحمن السلمي ، قال: صدق أبو عبد الرحمن السلمي ، من أقرأ أبا عبد الرحمن؟ فقلت: ابن عم نبيك علي ، فقال: صدق علي ، فمن أقرأ عليا؟ قلت:
نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ، قال: ومن أقرأ نبيي؟ قال: قلت: جبريل عليه السلام ، قال: ومن أقرأ جبريل؟ فسكت ، فقال لي: يا حمزة ، قل: أنت ، فقلت: ما أجسر أن أقول أنت ، فقال:
قل: أنت ، فقلت: أنت ، فقال: صدقت يا حمزة ، وحق القرآن لأكرمن أهل القرآن لا سيما إذا عملوا بالقرآن ، يا حمزة ، القرآن كلامي وما أحب أحدا كحبي أهل القرآن ، ادن يا حمزة ، فدنوت فضمخني بالغالية وقال: ليس أفعل بك وحدك ، قد فعلت ذلك بنظرائك بمن فوقك ومن دونك ، ومن أقرأ القرآن كما أقرأته ، لم يزد بذلك غيري ، وما خبأت لك يا حمزة عندي أكثر ، فأعلم أصحابك مكاني من حبي لأهل القرآن وفعلي بهم ، فهم المصطفون الأخيار ، يا حمزة وعزتي وجلالي لا أعذب لسانا تلا القرآن بالنار ، ولا قلبا وعاه ، ولا أذنا سمعته ، ولا عينا نظرته ، فقلت: سبحانك سبحانك أي رب ، فقال: يا حمزة أين نظار المصاحف؟ فقلت: يا رب أفحفاظ هم؟ قال: لا ، ولكني أحفظه لهم حتى يوم القيامة ، فإذا لقوني رفعت لهم بكل آية درجة .
أفتلومني أن أبكي وأتمرغ في التراب .
توفي حمزة بحلوان في هذه السنة . وإليه تنسب المدود الطويلة في القراءة ، وقد تكلم فيه بسببها بعض الأئمة .
وفيها مات عبد الله بن شوذب ، وعمر بن ذر . ، أبو النضر البصري ، واسم أبي عروبة مهران مولى لبني عدي بن يشكر : سعيد بن أبي عروبة
سمع النضر بن أنس وغيره ، وكان كثير الحديث إلا أنه اختلط في آخر عمره ، وتوفي في هذه السنة . : عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، أبو خالد الإفريقي
سمع أبا عبد الرحمن الحبلي وغيره . روى عنه سفيان الثوري ، وابن لهيعة . وكان أول مولود ولد بإفريقية في الإسلام .
وولي القضاء بها لمروان بن محمد ، ووفد إلى المنصور في بيعة أهل إفريقية وشكى إليه جور العمال .
قال: إسماعيل بن عياش ، قال:
ظهر بإفريقية جور من السلطان ، فلما قام ولد العباس قدم عبد الرحمن بن زياد على أبي جعفر ، فشكى إليه العمال ببلده ، فأقام ببابه أشهرا ، ثم دخل عليه ، فقال: ما أقدمك؟ قال: ظهر الجور ببلدنا فجئت لأعلمك فإذا الجور يخرج من دارك ، فغضب أبو جعفر وهم به ثم أمر بإخراجه .
وعن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم ، قال:
أرسل أبو جعفر إلي ، فقدمت عليه فدخلت والربيع قائم على رأسه ، فاستدناني ثم قال: يا عبد الرحمن ، كيف ما مررت به من أعمالنا إلى أن وصلت إلينا؟ قلت: يا أمير المؤمنين ، رأيت أعمالا سيئة ، وظلما فاشيا ظننته أبعد البلاد منك ، فجعلت كلما دنوت منك كان أعظم للأمر . فنكس رأسه طويلا ثم رفعه إلي ، فقال: كيف لي بالرجال؟
قلت: أفليس عمر بن عبد العزيز كان يقول: الوالي بمنزلة السوق يجلب إليها ما ينفق فيها ، فإن كان برا أتوه ببرهم ، وإن كان فاجرا أتوه بفجورهم . قال: فأطرق طويلا ، فقال لي الربيع وأومأ إلي أن أخرج ، فخرجت ولم أعد إليه .
قال ابن الجوزي رحمه الله : وقد قيل لأحمد بن صالح الحافظ: تحتج بحديث الإفريقي؟ قال: نعم ، هو ثقة ، وأنكر على من تكلم عليه .
وقال يحيى بن معين: إنما أنكر عليه الأحاديث .
قال ابن الجوزي: وفي هذه السنة توفي وقد جاز المائة . عامر بن إسماعيل المسلي:
توفي بمدينة السلام ، وصلى عليه المنصور ، ودفن في مقابر قريش . : قباث بن رزين بن حميد بن صالح ، أبو هاشم
روى عن علي بن رباح ، وعكرمة . وروى عنه الليث بن سعد ، وابن لهيعة ، وابن المبارك ، وابن وهب .
وكان إمام مسجد مصر ، يقرئ القرآن في جامعها .
توفي في هذه السنة . الهيثم بن معاوية:
ولي للمنصور البصرة وغيرها . وتوفي في هذه السنة فجأة وهو على بطن جارية له ، وصلى عليه المنصور ، ودفن في مقابر قريش .