جوهرة العابدة البراثية . جوهرة العابدة البراثية
نزلت مع زوجها أبي عبد الله البراثي ، وكانت جارية لبعض الملوك فعتقت وتركت الدنيا ، وتزوجت أبا عبد الله ، وتعبدت معه ، وكانت تحرضه على العبادة ، وتوقظه من الليل وتقول: يا أبا عبد الله كروان برفت ، معناه: قد سارت القافلة .
عن حكيم بن جعفر قال:
كنا نأتي أبا عبد الله بن أبي جعفر الزاهد ، وكان يسكن براثا ، وكانت له امرأة متعبدة يقال لها جوهرة ، وكان يجلس على جلة خوص بحرانية ، وجوهرة جالسة حذاءه على جلة أخرى ، فأتيناه يوما وهو جالس على الأرض ليست الجلة تحته ، فقلنا له يا أبا عبد الله ، ما فعلت الجلة التي كنت تقعد عليها؟ قال: أرى جوهرة أيقظتني البارحة ، فقالت: أليس يقال في الحديث: "إن الأرض تقول لابن آدم تجعل بيني وبينك سترا وأنت غدا في بطني" ؟ قال: قلت: نعم ، قالت: هذه الجلال لا حاجة لنا فيها . فقمت والله فأخرجتها .
وقد روينا عن أبي شعيب الزاهد البراثي أن جارية من بنات الكبار من أبناء الدنيا نظرت إلى زهده ، فتزوجت به وتركت الدنيا وجرت لها معه مثل هذه القصة في فرش من خوص .
الربيع بن يونس بن محمد بن يونس بن أبي فروة - . الربيع بن يونس بن محمد بن يونس بن أبي فروة - واسم أبي فروة: كيسان
مولى أبي جعفر المنصور وحاجبه ، ووزر له بعد أبي أيوب المرزباني .
عن الزبير قال: حدثني عمرو بن عثمان قال: دخل المنصور أمير المؤمنين قصرا فرأى في جداره مكتوبا:
وما لي لا أبكي بعين حزينة وقد قربت للظاعنين حمول
وتحته مكتوب: إيه إيه . قال أبو عمر: ويروى آه آه . فقال المنصور : أي شيء أه أه؟ فقال له الربيع وهو إذ ذاك تحت يدي أبي الخصيب الحاجب: يا أمير المؤمنين ، إنه لما كتب البيت أحب أن يخبر أنه يبكي ، فقال قائله: الله ، ما كان أظرفه ، فكان هذا أول ما ارتفع به الربيع .وقد روى أبو الفرج الأصبهاني: أن الربيع قال: كنت في خمسين وصيفا أهدوا للمنصور ، ففرقنا في خدمته ، فصرت إلى ياسر صاحب وضوئه ، فكنت أراه يعطيه الإبريق في المستراح ، ويقف مكانه لا يبرح . فقال لي يوما: كن مكاني في هذا ، فكنت أعطيه الإبريق ، وأخرج مبادرا ، فإذا سمعت حركته بادرت إليه فقال لي: ما أخفك على قلبي يا غلام ، ثم دخل قصرا فرأى حيطانه مملوءة من الشعر وإذا بخط منفرد فقرأه فإذا هو:
وما لي لا أبكي وأندب ناقتي إذا صدر الرعيان نحو المناهل
وكنت إذا ما اشتد شوقي رحلتها فسارت لمحزون طويل البلابل
قال أبو بكر الصولي: لم يزل الربيع وزير المنصور حتى توفي المنصور بمكة ، فأخذ الربيع للمهدي البيعة ، فشكر المهدي له ذلك ، وجعله حاجبه ، ولم يستوزره .
وعن محمد بن عمر بن سالم الحافظ قال: ذكروا أنه لم ير في الحجابة أعرق من الربيع ، حاجب أبي جعفر ومولاه ، ثم صار وزيره ، ثم حجب للمهدي ، ومن ولده الفضل [بن الربيع] حجب هارون ، ومحمد الأمين ، وابنه عباس بن الفضل حجب الأمين ، فعباس حاجب ابن حاجب ابن حاجب .
وقد مدحهم أبو نواس في قوله:
سار الملوك ثلاثة ما منهم إن حصلوا إلا أعز قريع
عباس عباس إذا اخترم الورى والفضل فضل والربيع ربيع
فتح بن محمد بن وشاح ، أبو محمد الأزدي الموصلي فتح بن محمد بن وشاح ، أبو محمد الأزدي الموصلي .
ذكر المعافى بن عمران أنه لم يكن أعقل منه .
[قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى] : وليس هذا بفتح الموصلي المكنى بأبي نصر ، فإن أبا نصر مات في سنة عشرين ومائتين وابن وشاح مات سنة سبعين ومائة وأكثر الحكايات عن أبي نصر لا عن أبي محمد .
معاوية بن عبيد الله بن يسار مولاهم من أهل طبرية . معاوية بن عبيد الله بن يسار ، أبو عبيد الله الأشعري
ولد سنة مائة ، وكتب الحديث ، وسمع أبا إسحاق السبيعي ، ومنصور بن المعتمر ونحوهما ، وكان خيرا فاضلا عالما ، وكان يكتب للمهدي قبل الخلافة رسمه له المنصور ، وكان جميع أمر المهدي إليه ، فلا يخالفه في شيء ، ثم وزر له .
عن عبيد الله بن سليمان بن أبي عبيد الله قال: أبلى أبو عبيد الله مصليين ، وأسرع في الثالث - أو ثلاثة وأسرع في الرابع - موضع الركبتين والوجه واليدين لكثرة صلاته ، [قال:] وكان له في كل يوم كر دقيق يتصدق به على المساكين ، وكان يلي ذلك مولى له ، فلما اشتد الغلاء أتاه فقال: قد غلا السعر ، فلو نقصنا من هذا؟ فقال: أنت شيطان ، أو رسول الشيطان ، صيره كرين . فكان له في كل يوم بعد ذلك كران يخبزان للمساكين قال: وأخبرت أن الجسور يوم مات امتلأت فلم يعبر عليها إلا من تبع جنازته من مواليه واليتامى والأرامل والمساكين ، ودفن في مقابر قريش ببغداد وصلى عليه علي بن المهدي .
توفي في هذه السنة ، وقيل: في السنة التي قبلها . الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي - ويقال الفرهودي - الأزدي اليحمدي ، شيخ النحاة ، وعنه أخذ سيبويه والنضر بن شميل ، وغير واحد من أكابرهم ، وهو الذي اخترع علم العروض ، قسمه إلى خمس دوائر ، وفرعه إلى خمسة عشر بحرا ، وزاد الأخفش فيه بحرا آخر ، وهو الخبب ، وقد قال بعض الشعراء : الخليل بن أحمد بن عمرو بن تميم أبو عبد الرحمن الفراهيدي
قد كان شعر الورى صحيحا من قبل أن يخلق الخليل
وقد كان الخليل رجلا صالحا عاقلا كاملا حليما وقورا ، وكان متقللا من الدنيا ، صبورا على العيش الخشن الضيق ، وكان يقول : لا يجاوز همي ما وراء بابي . وكان ظريفا حسن الخلق .
وذكر أنه اشتغل عليه رجل في العروض ، قال : وكان بعيد الفهم ، قال : فقلت له يوما : كيف تقطع هذا البيت؟
إذا لم تستطع شيئا فدعه وجاوزه إلى ما تستطيع
ولد الخليل سنة مائة من الهجرة ، ومات بالبصرة سنة سبعين ومائة على المشهور ، وقيل : سنة ستين ، وزعم ابن الجوزي في كتابه " شذور العقود " أنه توفي سنة ثلاثين ومائة ، وهذا غريب جدا . والمشهور الأول . والله أعلم .