1082 - . وقيل : مولى محمد بن مزاحم الهلالي . سفيان بن عيينة بن أبي عمران بن محمد ، مولى لبني هاشم بن رؤبة
ولد بالكوفة سنة سبع ومائة ، وكان أبوه من عمال خالد القسري ، فلما عزل خالد عن العراق وولي يوسف بن عمر طلب عمال خالد فهربوا منه ، وهرب عيينة فسكن مكة .
وكان لسفيان تسعة إخوة ، حدث منهم أربعة : محمد ، وآدم ، وعمران ، وإبراهيم ، وكان سفيان مقدما على الكل .
وقال أبو أحمد محمد بن أحمد النيسابوري الحافظ : كان بنو عيينة عشرة خزازين ، حدث منهم خمسة - فذكرهم - وأخوال بني عيينة : بنو بني المتئد ، حدث منهم يوسف ويعقوب ونعيم بن يعقوب بن المتئد ، وأدرك سفيان ستة وثمانين نفسا من التابعين .
وروى عنه من الكبار الأعمش ، والثوري ، وشعبة ، وابن المبارك ، ووكيع ، وابن مهدي ، والشافعي ، وأحمد ، ويحيى ، وكتب عن سفيان بن عيينة وهو ابن خمسة وثلاثين سنة قبل موت الأعمش بخمس سنين ، وحدث في مجلس الأعمش .
عن إبراهيم بن ازداد الرافقي قال : قال لي سفيان بن عيينة : لما بلغت خمس عشرة سنة دعاني أبي فقال لي : يا سفيان ، قد انقطعت عنك شرائع الصب [من الخير ] ، فاحتفظ من الخير تكن من أهله ، لا يغرنك من اغتر بالله فمدحك بما تعلم خلافه منك ، فإنه ما من أحد يقول في أحد من الخير إذا رضي إلا وهو يقول فيه من الشر مثلي ذلك إذا سخط ، فاستأنس بالوحدة من جلساء السوء ، ولا تنقل أحسن ظني بك إلى غير ذلك ، ولن يسعد بالعلماء إلا من أطاعهم . قال سفيان : فجعلت وصية أبي قبلة أميل معها ولا أميل عنها .
قال أحمد بن النضر الهلالي : سمعت أبي يقول : كنت في مجلس سفيان بن عيينة ، فنظر إلى صبي دخل المسجد فتهاونوا به لصغر سنه ، فقال سفيان : كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم ثم قال : يا نصر ، لو رأيتني ولي عشر سنين طولي خمسة أشبار ، ووجهي كالدينار ، وأنا كشعلة نار ، ثيابي صغار ، وأكمامي قصار ، وذيلي بمقدار ، ونعلي كآذان الفار ، أختلف إلي علماء الأمصار ، مثل الزهري وعمرو بن دينار ، أجلس بينهم كالمسمار ، محبرتي كالجوزة ، ومقلمتي كالموزة ، وقلمي كاللوزة ، فإذا دخلت المجلس قالوا : أوسعوا للشيخ ، ثم تبسم ابن عيينة وضحك .
عن بشر بن مطر قال : كنا على باب سفيان بن عيينة فجاءت طائفة فدخلوا ، وطائفة أخرى فدخلوا ، فصحنا وقلنا : يجيء أصحاب الدراهم والدنانير فيدخلون ونحن الفقراء وأبناء السبيل نمنع الدخول ! ؟ فخرج إلينا وهو يبكي فقال لنا : أصبتم مقالا ، فقولوا هل رأيتم صاحب عيال أفلح ؟ ثم قال :
أعلمكم أني كنت أوتيت فهم القرآن ، فلما أخذت مال أبي جعفر منعت .
عن أبي بكر بن أحمد بن عبد الله الطرسوسي قال : سمعت حامد بن يحيى البلخي يقول : سمعت سفيان بن عيينة يقول : رأيت كأن أسناني كلها سقطت ، فذكرت ذلك للزهري فقال : يموت أصحابك وتبقى [أنت ] وحدك . فمات أصحابي وبقيت .
عن أبي بكر الأثرم قال : سمعت أحمد بن حنبل - وذكر سفيان بن عيينة - قال : ما رأينا مثله .
عن محمد بن سعد قال : أخبرني الحسن بن عمران بن عيينة أن سفيان قال [له ] بجمع آخر حجة حجها : قد وافيت هذا الموضع سبعين مرة ، أقول في كل سنة : اللهم لا تجعله آخر العهد من هذا المكان ، وقد استحييت من الله من كثرة ما أسأله ذلك .
فرجع فتوفي في السنة الداخلة .
قال ابن سعد : وقال الواقدي أخبرني سفيان أنه ولد سنة سبع ومائة ، ومات أول يوم من رجب سنة ثمان وتسعين ومائة ، ودفن بالحجون وقيل : في آخر يوم من جمادى الآخرة .
1083 - . عبد الرحمن بن مهدي بن حسان بن عبد الرحمن ، أبو سعيد العنبري
ولد سنة خمس وثلاثين ومائة . سمع سفيان الثوري ، ومالكا ، وشعبة ، والحمادين ، وخلقا كثيرا .
روى عنه : ابن المبارك ، وابن المديني ، وأحمد بن حنبل ، ويحيى ، وغيرهم .
وكان من كبار العلماء ، وأحد المذكورين بالحفظ والفقه ، وكان شديد الحب لحفظ الحديث .
عن صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال : حدثني أبي وذكر عبد الرحمن بن مهدي - قال : قال له رجل : أيما أحب إليك يغفر الله لك ذنبا ، أو تحفظ حديثا ؟ قال : أحفظ حديثا .
وقال أحمد بن حنبل : إذا حدث عبد الرحمن عن رجل فهو حجة .
وقال ابن المديني : كان عبد الرحمن أعلم الناس ، ولو أني أخذت فخلفت بين الركن والمقام لحلفت بالله أني لم أر أحدا قط أعلم بالحديث من عبد الرحمن بن مهدي .
وقال محمد بن يحيى : ما رأيت في يد عبد الرحمن كتابا قط ، وكل ما سمعته منه سمعته حفظا .
عن علي بن المديني قال : كان عبد الرحمن بن مهدي يختم في كل ليلتين ، وكان ورده في كل ليلة نصف القرآن .
قال ابن المديني : توفي عبد الرحمن سنة ثمان وتسعين ، وهو ابن ثلاث وستين سنة .
1084 - . عمرو بن الهيثم بن قطن بن كعب ، أبو قطن القطعي البصري
قدم بغداد وحدث بها عن شعبة ، وهشام الدستوائي . وروى عنه أحمد ، ويحيى ، وقال : هو ثقة .
وتوفي في شعبان هذه السنة .
1085 - . محمد الأمين
[قال ابن الجوزي رحمه الله تعالى] : قد ذكرنا كيفية قتله في الحوادث ، وقتل لست بقين من المحرم سنة ثمان وتسعين ومائة ، وكان عمره ثلاثة وثلاثين . وقيل : ثمانية وعشرين .
وكانت خلافته مع زمان الفتنة أربع سنين وثمانية أشهر وخمسة أيام . وقيل : وسبعة أشهر وثمانية أيام . وقيل : وستة أشهر وأربعة وعشرين يوما .
1086 - ، يكنى أبا ذريح . وقيل : أبا جعفر . وقيل : أبا عبد الله . محمد بن مناذر الشاعر
كان مولى سليمان القهرماني ، وكان سليمان مولى عبيد الله بن أبي بكرة . سمع محمدا ، وشعبة ، وسفيان بن عيينة وغيرهم . وكان شاعرا فصيحا ، ومدح المهدي ، وكان عالما باللغة .
قال الثوري : سألت أبا عبيدة عن اليوم الثاني من النحر ، ما كانت العرب تسميه ؟
فقال : لا أعلم ، فلقيت ابن مناذر فأخبرته فقال : أسقط مثل هذا على أبي عبيدة ، وهي أربعة أيام متواليات ، كلها على حرف الراء ، الأول : يوم النحر ، والثاني : يوم الفر ، والثالث : يوم النفر ، والرابع : يوم الصدر . فلقيت أبا عبيدة فحدثته ، فكتبه عني عن محمد بن مناذر .
وكان محمد بن مناذر يتعبد ويتنسك ، ويلازم المسجد ، ثم هوى عبد المجيد بن عبد الوهاب الثقفي فتهتك ، وعدل عن التنسك ، وأظهر الخلاعة ، وكان عبد المجيد من أحسن الناس وجها وأدبا ولباسا ، وكان يحب ابن مناذر أيضا فتزوج عبد المجيد امرأة ، وأولم عليها شهرا ، يجتمع عنده أهل البصرة ، فصعد ذات يوم إلى السطح فرأى طنبا من أطناب الستارة قد انحل ، فأكب عليه يشده ، فتردى على رأسه ومات من سقطته ، فما رأيت مصيبة أعظم من مصيبته ، ورثاه ابن مناذر فقال :
إن عبد المجيد يوم تولى هد ركنا ما كان بالمهدود ما درى نعشه ولا حاملوه
ما على النعش من عفاف وجود
1087 - يحيى بن سعيد بن فروخ ، أبو سعيد القطان الأحول .
ولد سنة عشر ومائة . سمع هشام بن عروة ، ويحيى بن سعيد الأنصاري ، والأعمش ، وسفيان ، وغيرهم .
روى عنه : ابن مهدي ، وعفان ، وأحمد ، وعلي ، ويحيى ، وغيرهم .
وقال علي : لم أر أحدا أثبت من يحيى بن سعيد ، ولا أعلم بالرجال .
وقال أحمد : ما رأت عيناي مثله ، لا والله ما أدركنا مثله ، ما كان أضبطه وأشد تفقده .
عن سليمان بن الأشعث قال : سمعت يحيى بن معين يقول : أقام يحيى بن سعيد عشرين سنة يختم القرآن في كل ليلة ، ولم يفته المسجد أربعين سنة ، وما رئي يطلب جماعة قط .
توفي يحيى بن سعيد في صفر هذه السنة .