ذكر موت الحكم بن هشام
وفي هذه السنة مات الحكم بن هشام بن عبد الرحمن ، صاحب الأندلس ، لأربع بقين من ذي الحجة ، وكانت بيعته في صفر سنة ثمانين ومائة ، وكان عمره اثنتين وخمسين سنة ، وكنيته أبو العاص ، وهو لأم ولد ، وكان طويلا أسمر ، نحيفا ، وكان له تسعة عشر ذكرا ، وله شعر جيد ، وهو أول من جند بالأندلس الأجناد المرتزقين ، وجمع الأسلحة والعدد ، واستكثر من الحشم والحواشي ، وارتبط الخيول على بابه ، وتشبه بالجبابرة في أحواله ، واتخذ المماليك ، وجعلهم في المرتزقة ، فبلغت عدتهم خمسة آلاف مملوك ، وكانوا يسمون الخرس لعجمة ألسنتهم ، وكانوا يوما على باب قصره .
وكان يطلع على الأمور بنفسه ، وما قرب منها وبعد ، وكان له نفر من ثقات أصحابه يطالعونه بأحوال الناس ، فيرد عنهم المظالم ، وينصف المظلوم ، وكان شجاعا ، مقداما ، مهيبا ، وهو الذي وطأ لعقبه الملك بالأندلس ، وكان يقرب الفقهاء وأهل العلم .