الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            ثم دخلت سنة عشر ومائتين

            ذكر ظفر المأمون بابن عائشة  

            وفيها ظفر المأمون بإبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم ، الإمام المعروف بابن عائشة ، ومحمد بن إبراهيم الإفريقي ، ومالك بن شاهي ، ومن كان معهم ممن كان يسعى في البيعة لإبراهيم بن المهدي .

            وكان الذي أطلعه عليهم وعلى صنيعهم عمران القطربلي ، وكانوا ( اتعدوا أن ) يقطعوا الجسر إذا خرج الجند يتلقون نصر بن شبث ، ( فنم عليهم عمران ، فأخذوا في صفر ، ودخل نصر بن شبث ) بغداذ ، ولم يلقه أحد من الجند ، فأخذ ابن عائشة ، فأقيم على باب المأمون ثلاثة أيام في الشمس ، ثم ضربه بالسياط وحبسه ، وضرب مالك بن شاهي وأصحابه ، فكتبوا للمأمون بأسماء من دخل معهم في هذا الأمر من سائر الناس ، فلم يعرض لهم المأمون ، وقال : لا آمن أن يكون هؤلاء قذفوا قوما براء .

            ثم إنه قتل ابن عائشة وابن شاهي ورجلين من أصحابهما ، وكان سبب قتلهم أن المأمون بلغه أنهم يريدون أن ينقبوا السجن ، وكانوا قبل ذلك بيوم قد سدوا باب السجن ، فلم يدعوا أحدا يدخل عليهم ، فلما بلغ المأمون خبرهم ركب إليهم بنفسه ، فأخذهم ، فقتلهم صبرا ، وصلب ابن عائشة ، وهو أول عباسي صلب في الإسلام  ، ثم أنزل وكفن وصلي عليه ، ودفن في مقابر قريش . قال أبو بكر الصولي : ركب المأمون ليلا إلى المطبق فقتل إبراهيم بن محمد بن عبد الوهاب بن إبراهيم الإمام المعروف بابن عائشة وصلبه ، وابن عائشة هذا أول هاشمي صلب من ولد العباس  ، وزيد بن علي بن الحسين أول هاشمي صلب من ولد] علي بن أبي طالب  ، وقتل مع ابن عائشة : محمد بن إبراهيم وثلاثة نفر ، وكانوا أرادوا الوثوب بالمأمون ، ثم أنزل ابن عائشة فكفن وصلى عليه ، ودفن في مقابر قريش ، ودفن الإفريقي في مقابر الخيزران ، ووجد لابن عائشة صناديق فيها كتب القواد وغيرهم إليه ، فجلس في المسجد وأحضر الصناديق وقال للناس : أنا أعلم أن فيكم البريء الذي لا اسم له في هذه الصناديق ، ومنكم الغائب والمستزيد ، وإن نظرت فيها ، لم أصف لكم ولم تصفوا إلي ، فتوبوا إلى الله . ثم أمر بإحراق الصناديق .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية