الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            [وفاة المأمون]  

            وفي هذه السنة:

            توفي المأمون وبويع للمعتصم .

            باب خلافة المعتصم  

            واسمه محمد بن هارون الرشيد ، ويكنى أبا إسحاق ، وأمه أم ولد من مولدات الكوفة ، تسمى ماردة ، لم تدرك خلافته ، وكانت أحظى النساء عند الرشيد . وكان أبيض أصهب اللحية طويلها ، مربوعا مشرب اللون ، حسن العينين ، وهو يسمى الثماني .

            قال أحمد بن البراء : المعتصم بالله ، أبو إسحاق محمد بن الرشيد ، ولد بالخلد في سنة ثمانين ومائة ، في الشهر الثامن ، وهو ثامن الخلفاء ، والثامن من ولد العباس ، وفتح ثمانية فتوح ، وولد [له] ثمانية بنين ، وثماني بنات ، ومات بالخاقاني من سر من رأى ، وكان عمره ثمانيا وأربعين سنة ، وخلافته ثماني سنين ، وثمانية أشهر [ويومين . وقال أبو بكر الصولي] : وثمانية أيام . وخلف من العين ثمانية آلاف ألف دينار ومثلها ورقا ، وتوفي لثمان بقين من ربيع الأول ، وفتوحه المشهورة ثمانية .

            قال إبراهيم بن محمد بن عرفة : وكان المعتصم ثامن الخلفاء من بني العباس ،  وثامن أمراء المؤمنين من بني عبد المطلب ، وملك ثماني سنين وثمانية أشهر ، وفتح ثمانية فتوح: بلاد بابك على يد الأفشين ، وفتح عمورية بنفسه ، والزط بعجيف ، وبحر البصرة ، وقلعة الأحراف ، وأعراب ديار ربيعة ، والشاري ، وفتح مصر ، وقتل ثمانية أعداء: بابك ، ومازيار ، [وباطس ، ورئيس الزنادقة ، والأفشين ، وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرافضة .

            وينبغي أن يكون ثامن بني عبد المطلب لأنه هو: المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب] . وحكى [أبو بكر] الصولي: أنه لم تجتمع الملوك بباب أحد قط اجتماعها بباب المعتصم ، ولا ظفر ملك كظفره ، أسر بابك ملك أذربيجان ، والمازيار ملك طبرستان ، وباطس ملك عمورية والأفشين ملك أشروسنة ، وعجيفا - وهو ملك - وصار إلى بابه ملك فرغانة ، وملك أسيشاب ، وملك طخارستان ، وملك أصبهان ، وملك الصغد ، وملك كابل وباطيس ورئيس الزنادقة ، والأفشين وعجيفا ، وقارن ، وقائد الرافضة .

            . ولما بويع له شغب الجند ، ونادوا باسم العباس بن المأمون ، فأرسل إليه المعتصم فأحضره ، فبايعه ، ثم خرج إلى الجند ، فقال : ما هذا الحب البارد ؟ قد بايعت عمي ، فسكتوا، وانصرف إلى بغداد ، ومعه العباس بن المأمون ، فقدمها مستهل شهر رمضان .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية