. الحسن بن الجنيد [بن ] أبي جعفر ، [البلخي ]
بلخي الأصل ، حدث عن وكيع وغيره ، روى عنه ابن أبي الدنيا .
أبو عبد الرحمن الأذرمي
وتوفي في هذه السنة .
. عبد الله بن محمد بن إسحاق ، أبو عبد الرحمن الأذرمي
سمع سفيان بن عيينة ، وغندرا ، وهشيم بن بشير ، و [إسماعيل ] بن علية وغيرهم ، روى عنه : أبو حاتم الرازي ، وقال : كان ثقة ، وأبو داود السجستاني وابنه ، وابن صاعد وغيرهم .
وقد كان الواثق استحضر رجلا من أهل أدنة للمحنة ، فناظر ابن أبي دؤاد بحضرته ، فظهر على ابن أبي دؤاد ، فيقال : إنه هذا الرجل .
وقال أحمد بن سندي الحداد : قرئ على أحمد بن الممتنع وأنا أسمع ، قيل له : أخبركم صالح بن علي بن يعقوب بن المنصور الهاشمي قال : حضرت المهتدي بالله أمير المؤمنين ، وقد جلس للنظر في أمور المتظلمين في دار العامة ، فنظرت في بعض قصص الناس تقرأ عليه من أولها إلى آخرها ، فيأمر بالتوقيع فيها ، وينشأ الكتاب عليها ، ويحرر [ويختم ] وتدفع إلى صاحبها بين يديه ، فسرني ذلك واستحسنت ما رأيت ، فجعلت أنظر [إليه ] ففطن ونظر إلي ، فغضضت عنه حتى كان ذلك مني ومنه مرارا ثلاثة ، إذا نظر إلي غضضت ، وإذا شغل نظرت ، فقال لي : يا صالح قلت : لبيك يا أمير المؤمنين ، وقمت قائما . فقال : في نفسك [مني ] شيء تريد أن تقوله ؟ قلت :
نعم يا سيدي ، فقال لي : عد إلى موضعك ، [فعدت ] وعاد إلى النظر حتى إذا قام قال للحاجب : لا يبرح صالح ، وانصرف الناس ، ثم أذن لي ، وأهمتني نفسي ، فدخلت فدعوت له ، فقال : اجلس فجلست فقال لي : يا صالح تقول لي ما دار في نفسك وأقول أنا ، ما دار في نفسي [قلت : ] يا أمير المؤمنين ، ما تعزم عليه ، وتأمر به ، فقال أقول أنا إنه دار في نفسي أنك استحسنت ما رأيت منا ، فقلت :
أي خليفة خليفتنا إن لم يكن يقول إن القرآن مخلوق فورد على [قلبي ] أمر عظيم ، ثم قلت : يا نفس ، هل تموتين قبل أجلك ، وهل تموتين إلا مرة ، وهل يجوز الكذب في جد أو هزل ؟ فقلت : يا أمير المؤمنين ، ما دار في نفسي إلا ما قلت . فأطرق مليا ، ثم قال : ويحك ، اسمع مني ما أقول ؟ فو الله لتسمعن الحق ، فسري عني . ثم قلت : يا سيدي ، ومن أولى بقول الحق منك وأنت خليفة رب العالمين ، وابن عم سيد المرسلين ؟ فقال : ما زلت أقول إن القرآن مخلوق صدرا من أيام الواثق ، حتى أقدم أحمد بن أبي دؤاد علينا شيخا من أهل الشام من أهل أدنة ، فأدخل الشيخ على الواثق مقيدا ، وهو جميل الوجه ، تام القامة ، حسن الشيبة ، فرأيت الواثق قد استحيى منه ، ورق له ، فما زال يدنيه ويقربه حتى قرب منه ، فسلم الشيخ فأحسن ، ودعا فأبلغ وأوجز ، فقال له الواثق : اجلس . فجلس ، فقال [له ] : ناظر ابن أبي دؤاد على ما يناظرك عليه .
فقال له الشيخ : يا أمير المؤمنين ، ابن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن المناظرة . فغضب الواثق وعاد إلى مكان الرقة له غضبا عليه وقال : أبو عبد الله بن أبي دؤاد يصبو ويضعف عن مناظرتك أنت ! ؟ فقال الشيخ : هون عليك يا أمير المؤمنين ما بك ، وأذن في مناظرته . فقال الواثق : ما دعوتك إلا للمناظرة . فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين ، إن رأيت أن تحفظ علي وعليه ما نقول [قال : أفعل ] قال الشيخ : يا أحمد ، أخبرني عن مقالتك هذه هي مقالة واجبة داخلة في عقد الدين ، فلا يكون الدين كاملا حتى يقال فيه بما قلت . قال : نعم . قال الشيخ : يا أحمد ، أخبرني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بعثه الله إلى عباده ، هل ستر [رسول الله ] شيئا مما أمره الله به في أمر دينهم ؟ فقال : لا . قال الشيخ : فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم [الأمة ] إلى مقالتك هذه ؟ فسكت أحمد بن أبي دؤاد . فقال الشيخ : تكلم . فسكت ، فالتفت الشيخ إلى الواثق فقال : يا أمير المؤمنين واحدة ، فقال الواثق : واحدة . فقال الشيخ : يا أحمد ، أخبرني عن الله تعالى حين أنزل القرآن على رسوله صلى الله عليه وسلم ، فقال : اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا هل كان الله الصادق في إكمال دينه ، وأنت الصادق في نقصانه حتى يقال فيه بمقالتك ، فيتم ؟ فسكت ابن أبي دؤاد . فقال
الشيخ : أجب يا أحمد . فلم يجب ، فقال للشيخ : يا أمير المؤمنين ، اثنتان . فقال الواثق : نعم اثنتان . فقال الشيخ : يا أحمد ، أخبرني عن مقالتك هذه ، علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أم جهلها ؟ قال ابن أبي دؤاد : علمها . قال : فدعا الناس إليها ؟ فسكت . قال الشيخ : يا أمير المؤمنين ، ثلاث . فقال الواثق : ثلاث . قال الشيخ : يا أحمد ، فاتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن علمها وسكت عنها كما زعمت ، ولم يطالب أمته بها ؟ قال :
نعم . قال الشيخ : أو اتسع لأبي بكر الصديق ، وعمر بن الخطاب ، وعثمان ، وعلي رضي الله عنهم ؟ قال ابن أبي دؤاد : نعم . فأعرض الشيخ عنه ، وأقبل على الواثق فقال :
يا أمير المؤمنين ، قد قدمت القول بأن أحمد يصبو ويضعف عن المناظرة ، يا أمير المؤمنين إن لم يتسع لنا الإمساك عن هذه المقالة كما زعم هذا أنه اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، فلا وسع الله على من لم يتسع له ما اتسع . فقال الواثق : نعم ، إن لم يتسع لنا من الإمساك عن هذه المقالة ما اتسع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولأبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، فلا وسع الله علينا ، اقطعوا قيد الشيخ . فلما قطع القيد ضرب الشيخ بيده إلى القيد حتى يأخذه ، فجاذبه الحداد عليه ، فقال الواثق : دع الشيخ يأخذه . فأخذه فوضعه في كمه . فقال له الواثق : يا شيخ ، لم جاذبت الحداد عليه ؟ قال : لأني نويت أن أتقدم إلى من أوصي إليه إذا أنا مت أن يجعله بيني وبين كفني حتى أخاصم به هذا الظالم عند الله يوم القيامة ، وأقول : يا رب ، سل عبدك هذا لم قيدني ! وروع أهلي وولدي وإخواني [من غير شيء ] أوجب ذلك علي ؟ وبكى الشيخ ، وبكى الواثق ، وبكينا ، ثم سأله الواثق أن يجعله في حل وسعة مما ناله ، فقال له الشيخ : والله يا أمير المؤمنين لقد جعلتك في حل وسعة من أول يوم إكراما لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، إذ كنت رجلا من أهله . فقال الواثق : لي إليك حاجة . فقال الشيخ : إن كانت ممكنة فعلت ، فقال : تقيم قبلنا ، فننتفع بك وينتفع [بك فتياننا ] فقال الشيخ : يا أمير المؤمنين ، إن ردك إياي إلى الموضع الذي أخرجني عنه هذا الظالم أنفع لك من مقامي [عندك ] ، وأخبرك بما في ذلك : أصير إلى أهلي وولدي ، وأكف دعاءهم عليك ، فقد خلفتهم على ذلك . فقال له الواثق : فتقبل منا صلة تستعين بها على رجوعك ودهرك ؟ فقال : يا أمير المؤمنين ، لا تحل لي ، أنا عنها غني ، وذو مرة سوي . فقال : سل حاجة . قال : أو تقضيها ؟ قال : نعم . قال : فأذن لي أن يخلى سبيلي الساعة إلى الثغر . قال : إني قد أذنت لك . فسلم وانصرف . قال [صالح بن علي قال ] المهتدي : فرجعت عن هذه المقالة ، وأظن أن الواثق قد كان رجع عنها [منذ ذلك الوقت ] .
وقال عبد الله بن علي بن حمويه : سمعت أبا بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي الحافظ يحدث الشيخ الأدنى ومناظرته مع ابن أبي دؤاد بحضرة الواثق ، فقال : الشيخ هو أبو عبد الرحمن عبد الله بن محمد بن إسحاق الأدرمي .
أبو الفضل الأسدي الرقي
. عبد السلام بن عبد الرحمن بن صخر بن عبد الرحمن بن وابصة بن معبد ، أبو الفضل الأسدي الرقي
سمع أباه ، روى عنه أبو عروبة الحراني ، وكان قاضي الرقة ، ولي القضاء ببغداد في أيام المتوكل ، وكان عفيفا ، فصرفه يحيى بن أكثم ، فبعث المتوكل عهدا إلى بغداد ، ولم يسم القاضي ، وقال : إن رضوا به فليدفع العهد إليه . فرضوا به . فظاهر هذا أنه ولي قضاء بغداد مرتين .
وسئل الإمام أحمد عن الوابصي فأحسن القول فيه ، وقال : ما بلغني عنه إلا خير .
توفي في هذه السنة بالرقة ، وقيل : في سنة تسع ، والله أعلم .
. وأبو عثمان المازني النحوي
واسمه : بكر بن محمد بن عثمان البصري ، شيخ النحاة في زمانه . أخذ عن أبي عبيدة والأصمعي وأبي زيد الأنصاري وغيرهم ، وأخذ عنه أبو العباس المبرد وأكثر عنه ، وللمازني مصنفات كثيرة في هذا الشأن ، وكان شبيها بالفقهاء ، ورعا زاهدا ثقة مأمونا .
روى عنه المبرد أن رجلا من أهل الذمة طلب منه أن يقرأ عليه كتاب سيبويه ويعطيه مائة دينار ، فامتنع من ذلك ، فلامه بعض الناس في ذلك ، فقال : إنما تركت هذا لما فيه من آيات الله تعالى . فاتفق بعد هذا أن جارية غنت بحضرة الواثق :
أظلوم إن مصابكم رجلا رد السلام تحية ظلم
فاختلف من بحضرة الواثق في إعراب هذا البيت ، وهل يكون " رجلا " مرفوعا أو منصوبا ، وبم نصب ؟ أهو اسم أو ماذا ؟ وأصرت الجارية على أن المازني حفظها هذا هكذا . قال : فأرسل الخليفة إليه ، فلما مثل بين يديه قال له : أنت المازني ؟ قال : نعم . قال : من مازن تميم ، أم من مازن ربيعة ، أم من مازن قيس ؟ فقلت : من مازن ربيعة . فأخذ يكلمني بلغتي ، فقال : باسمك ؟ وهم يقلبون الباء ميما والميم باء ، فكرهت أن أقول : مكر . فقلت : بكر . فأعجبه إعراضي عن المكر إلى البكر ، وعرف ما أردت . فقال : علام تنصب رجلا ؟ فقلت : لأنه معمول المصدر ; " مصابكم " . فأخذ اليزيدي يعارضه فعلاه المازني بالحجة ، فأطلق له الخليفة ألف دينار ، ورده إلى أهله مكرما . فعوضه الله عن المائة دينار لما تركها لله سبحانه ، ولم يمكن الذمي من قراءة الكتاب ; لأجل ما فيه من القرآن ألف دينار ; عشرة أمثالها .وروى المبرد عنه قال : أقرأت رجلا كتاب سيبويه إلى آخره ، فلما انتهى قال لي : أما أنت أيها الشيخ ، فجزاك الله خيرا ، وأما أنا ، فوالله ما فهمت منه حرفا .
توفي المازني في هذه السنة ، وقيل : في سنة ثمان وأربعين ومائتين ، وأغرب من قال : سنة ست وثلاثين . فالله أعلم بالصواب . : وممن توفي فيها من الأعيان
إبراهيم بن سعيد الجوهري .
وسفيان بن وكيع بن الجراح .
وسلمة بن شبيب .