وفي ليلة أربع عشرة من ذي الحجة انخسف القمر حتى غاب أكثره وغرق نوره ، وعند انتهاء خسوفه مات محمد بن عبد الله بن طاهر نائب العراق ببغداد وقد ولي إمارة بغداد في أيام المتوكل ، وأبوه أمير ، وجده أمير ، وكان مألفا لأهل العلم والأدب ، وقد أسند الحديث .
فعن محمد بن موسى قال: كان الحسن بن وهب عند محمد بن عبد الله بن طاهر فعرضت سحابة فرعدت وبرقت ومطرت ، فقال كل من حضر فيها شيئا ، فقال الحسن:
هطلتنا السماء هطلا دراكا عارض المرزبان فيها السماكا قلت للبرق إذ توقد فيها
يا زناد السماء من أوراكا أحبيب نأيته فجفاكا
فهو العارض الذي استبكاكا أم تشبهت بالأمير أبي العباس
في جوده فلست هناكا
دمعة كاللؤلؤ الر ـطب على الخد الأسيل
هطلت في ساعة البيـ ـن من الطرف الكحيل
حين هم القمر الزا ـهر عنا بالأفول
إنما تفتضح العشا ـق في يوم الرحيل
ماذا تقولين فيمن شفه سقم من جهد حبك حتى صار حيرانا؟
إذا رأينا محبا قد أضر به جهد الصبابة أوليناه إحسانا
ولما اشتد مرضه كتب إلى عماله وأصحابه بتفويض ما إليه من الولاية إلى أخيه عبيد الله بن طاهر ، فلما مات تنازع ابنه طاهر وأخوه عبيد الله ( الصلاة عليه ، فصلى عليه ابنه ، وتنازع عبيد الله وأصحاب ) طاهر ، حتى سلوا السيوف ، ورموا بالحجارة ، ومالت العامة مع أصحاب طاهر ) ، وعبر عبيد الله إلى داره بالجانب الشرقي ، فعبر معه القواد لاستخلاف محمد ، فكان أوصاه على أعماله ، ثم وجه المعتز بعد ذلك الخلع إلى عبيد الله ، فأمر عبيد الله للذي أتاه بالخلع بخمسين ألف درهم .