ذكر عدة حوادث
في المحرم من هذه السنة قطع الأعراب الطريق على قافلة من الحاج بين ثور وسميراء ، فسلبوهم ، وساقوا نحوا من خمسة آلاف بعير بأحمالها وأناسا كثيرا .
وفيها انخسف القمر ، وغاب منخسفا ، وانكسفت الشمس فيه أيضا آخر النهار ، وغابت منكسفة ، فاجتمع في المحرم كسوفان .
وفيها ، في صفر وثبت العامة بإبراهيم الخليجي ، فانتهبوا داره ، وكان سبب ذلك أن غلاما له رمى امرأة بسهم فقتلها ، فاستعدى السلطان عليه ، فامتنع ، ورمى غلمانه الناس ، فقتلوا جماعة ، وجرحوا ، فثارت بهم العامة ، فقتلوا فيهم رجلين من أصحاب السلطان ، ونهبوا منزله ، ودوابه ، وخرج هاربا ، فجمع محمد بن عبيد الله بن عبد الله بن طاهر - وكان نائب أبيه - دواب إبراهيم ، وما أخذ له ، فرده عليه .
وفيها وجه إلى أبي الساج جيش بعدما انصرف من مكة ، فسيره إلى جدة ، فأخذ للمخزومي مركبين فيهما مال وسلاح .
وفيها وثب خلف صاحب أحمد بن طولون بالثغور الشامية ، وعامله عليها يازمان الخادم مولى مفلح بن خاقان ، فحبسه ، فوثب به جماعة فاستنقذوا يازمان ، وهرب خلف ، وترك الدعاء لابن طولون ، فسار إليهم ابن طولون ، ونزل أذنة ، فاعتصم أهل طرسوس بها ، ومعهم يازمان ، فرجع عنهم ابن طولون إلى حمص ، ثم إلى دمشق ، فأقام بها .
وفيها قام رافع بن هرثمة بما كان الخجستاني غلب عليه من مدن خراسان ، فاجتبى عدة من كور خراسان خراجها لبضع عشرة سنة ، فأفقر أهلها وأخربها .
وفيها كانت وقعة بين الحسنيين ، والحسينيين ( بالحجاز ) ، والجعفريين ، فقتل من الجعفريين ثمانية نفر ، وخلصوا الفضل بن العباس العباسي عامل المدينة .
وفيها ، في جمادى الآخرة ، عقد هارون بن الموفق لابن أبي الساج على الأنبار ، وطريق الفرات ، والرحبة ، وولي محمد بن أحمد الكوفة وسوادها ، فلقي محمد الهيصم العجلي ، فانهزم الهيصم .
وفيها توفي عيسى بن الشيخ بن السليل الشيباني ، وبيده أرمينية ، وديار بكر .
وفيها كانت وقعة بين ابن أبي الساج ، والأعراب ، فهزموه ، ثم بيتهم فقتل منهم وأسر ، ووجه بالرءوس ، والأسرى إلى بغداذ .
وفيها ، في شوال دخل ابن أبي الساج رحبة مالك بن طوق بعد أن قاتله أهلها [ فغلبهم ] ، وقتلهم ، وهرب أحمد بن مالك بن طوق إلى الشام ، ثم سار ابن أبي الساج إلى قرقيسيا فدخلها .
وحج بالناس هارون بن محمد ابن إسحاق الهاشمي .
( وفيها خرج محمد بن الفضل أمير صقلية في عسكر إلى ناحية رمطة ، وبلغ العسكر إلى قطانية ، فقتل كثيرا من الروم ، وسبى وغنم ، ثم انصرف إلى بلرم في ذي الحجة ) .
، وانحدر صاعد إلى الموفق ، واستخلف ابنه العلاء ، وسمي صاعد : ذا الوزارتين ، وكانوا قد عزموا أن يسموه : ذا التدبيرين . فقال لهم أبو عبيد الله : لا تسموه بشيء ينفرد به ، ولكن سموه : ذا الوزارتين ، أو ذا الكفايتين ، ليكون مضافا إليكم . فسموه ذا الوزارتين . وخرج الأمر في هذه السنة بتكنية صاعد بالعلاء في الكتب ، وعقد له على بلاد
وروى أبو بكر الصولي قال : حدثني المعلى بن صاعد قال : ، وجعلوا الرقعة تحت ذنب طائر ، وأطلقوه ، وكان أبي قد أنكر من الموفق شيئا ، فعزم أن يحمل إليه مائتي ألف درهم كانت عنده ، ثم قال : والله لا فعلت ، ولأتصدقن بمائة ألف درهم منها . ففعل ذلك في غداة ذلك اليوم الذي ركب فيه زورقا ، فبينا هو يسير إذ سقط في زورقه طائر ، فأخذ فوجدت فيه رقعة فقرأها صاعد ، فإذا هي سعاية به ، فعلم أن الله تعالى كفاه لأجل صدقته ، ودخل إلى الموفق فأراه الطائر ، وأراه الرقعة ، وعرفه ما عمل ، فعظم في عينه ، وجلت مكانته عنده ، وقال : ما فعل الله بك هذا إلا لخير خصك به . سعوا إلى الموفق بصاعد ، وضمنوه بمال عظيم