الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب


            الاختلاف بين خمارويه وابن أبي الساج  

            قد ذكرنا اتفاق ابن أبي الساج ، وخمارويه بن طولون ، وطاعة ابن أبي الساج له ، فلما كان الآن خالف ابن أبي الساج على خمارويه ، فسمع خمارويه الخبر ، فسار عن مصر في عساكره نحو الشام ، فقدم إليه آخر سنة أربع وسبعين [ ومائتين ] ، فسار ابن أبي الساج إليه ، فالتقوا عند ثنية العقاب بقرب دمشق ، واقتتلوا في المحرم من هذه السنة ، كان القتال بينهما ، فانهزمت ميمنة خمارويه ، وأحاط باقي عسكره بابن أبي الساج ، ومن معه ، فمضى منهزما ، واستبيح معسكره ، وأخذت الأثقال ، والدواب ، وجميع ما فيه .

            وكان قد خلف بحمص شيئا كثيرا ، فسير إليه خمارويه قائدا في طائفة من العسكر جريدة فسبقوا ابن أبي الساج إليها ، ومنعوه من دخولها والاعتصام بها ، واستولوا على ما له فيها ، فمضى ابن أبي الساج منهزما إلى حلب ، ثم منها إلى الرقة ، فتبعه خمارويه ، ففارق الرقة ، فعبر خمارويه الفرات ، ( سار في أثر ابن أبي الساج ، فوصل خمارويه إلى مدينة بلد ، وكان قد سبقه ابن أبي الساج إلى الموصل ) .

            فلما سمع ابن أبي الساج بوصوله إلى بلد سار عن الموصل إلى الحديثة ، وأقام خمارويه ببلد ، وعمل له سريرا طويل الأرجل ، كان يجلس عليه في الفرات ، فعند ذلك طمع فيه إسحاق بن كنداج فسار وراءه ; ليظفر منه بشيء فلم يقدر ، وقد التقيا في بعض الأيام ، فصبر له ابن أبي الساج صبرا عظيما ، فسلم وانصرف إلى أبي أحمد الموفق ببغداد ، فأكرمه وخلع عليه واستصحبه معه إلى الجبل ، ورجع إسحاق بن كنداج إلى ديار بكر ومضر من الجزيرة .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية