وفي سنة تسع وسبعين ومائتين توفي المعتمد على الله ليلة الاثنين لإحدى عشرة بقيت من رجب ببغداذ وهو أمير المؤمنين واسمه أحمد بن جعفر بن محمد بن هارون الرشيد بن المهدي محمد بن عبد الله أبي جعفر المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس وكان أسن من أخيه أبي أحمد الموفق بستة أشهر وتأخر بعده أقل من سنة ولم يكن إليه من الأمر شيء وإنما كان الأمر كله فيما يتعلق بتدبير الخلافة إلى الموفق. وكان قد شرب على الشط في الحسني ببغداذ ، يوم الأحد ، شرابا كثيرا ، وتعشى فأكثر ، فمات ليلا ، وأحضر المعتضد القضاة وأعيان الناس ، فنظروا إليه ، وحمل إلى سامرا فدفن بها . المعتمد على الله ابن المتوكل على الله بن المعتصم بن الرشيد
وكان عمره خمسين سنة وستة أشهر ، وكان أسن من الموفق بستة أشهر ، وكانت خلافته ثلاثا وعشرين سنة وستة أشهر .
وكان في خلافته محكوما عليه ، قد تحكم عليه أخوه أبو أحمد الموفق ، وضيق عليه ، حتى إنه احتاج في بعض الأوقات ، إلى ثلاثمائة دينار ، فلم يجدها ذلك الوقت ، فقال :
أليس في العجائب أن مثلي يرى ما قل ممتنعا عليه وتؤخذ باسمه الدنيا جميعا
وما من ذاك شيء في يديه إليه تحمل الأموال طرا
ويمنع بعض ما يجبى إليه
وكان أول الخلفاء انتقل من سر من رأى ، مذ بنيت ، ثم لم يعد إليها أحد منهم . ورثاه أبو سعيد الحسن بن سعيد النيسابوري بقوله :
لقد قر طرف الزمان النكد وكان سخينا كليلا رمد
وبلغت الحادثات المنى بموت إمام الهدى المعتمد
ولم يبق لي حذر بعده فدون المصائب فلتجتهد