الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            من توفي سنة تسع وسبعين ومائتين من الأكابر

            أحمد بن أبي خيثمة أحمد بن أبي خيثمة ، [بن] زهير بن حرب بن شداد ، أبو بكر   .

            نسائي الأصل ، سمع عفان بن مسلم ، وأبا نعيم ، وخلقا كثيرا . وكان ثقة عالما متقنا حافظا   . أخذ علم الحديث عن يحيى بن معين ، وأحمد بن حنبل ، وعلم النسب عن مصعب الزبيري ، وأيام الناس عن أبي الحسن المدائني ، والأدب عن محمد بن سلام الجمحي ، وصنف تاريخا مستوفيا كثير الفوائد . روى عنه : البغوي ، وابن صاعد ، وابن أبي داود ، وابن المنادي .

            وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة وهو ابن أربع وتسعين سنة .

            إبراهيم بن عبد الرحيم بن عمر ، أبو إسحاق ، ويعرف : بابن دنوقا إبراهيم بن عبد الرحيم بن عمر ، أبو إسحاق ، ويعرف : بابن دنوقا .

            سمع محمد بن سابق ، وأبا معمر الهذلي ، وغيرهما . روى عنه : ابن صاعد ، وأبو الحسين بن المنادي . وقال الدارقطني : هو ثقة   .

            وعن محمد بن العباس قال : قرئ على ابن المنادي وأنا أسمع قال : إبراهيم بن عبد الرحيم محيي السنة صدوق في الرواية ، كتب الناس عنه فأكثروا .

            مات يوم الخميس لسبع خلون من جمادى الأولى من هذه السنة .

            جعفر بن محمد بن الحسن بن زياد ، أبو يحيى الزعفراني جعفر بن محمد بن الحسن بن زياد ، أبو يحيى الزعفراني .

            من أهل الري ، قدم بغداد ، وحدث بها عن إبراهيم بن المنذر الحزامي ، وسريج بن يونس ، وغيرهما . روى عنه : ابن مخلد ، وابن قانع ، وأبو بكر الشافعي قال الدارقطني : هو ثقة صدوق   . توفي بالري في ربيع الآخر من هذه السنة .

            جعفر بن محمد [بن] شاكر ، أبو محمد الصائغ جعفر بن محمد [بن] شاكر ، أبو محمد الصائغ .

            سمع من عفان ، وقبيصة ، وأبي نعيم ، وغيرهم . روى عنه : ابن صاعد ، وابن مخلد ، وأبو الحسين بن المنادي ، والنجاد ، وأبو بكر الشافعي ، وكان عابدا ، زاهدا ، ثقة صدوقا ، متقنا ، ضابطا   . وانتفع به خلق كثير ، وأكثر الناس عنه لثقته وصلاحه ، بلغ تسعين سنة غير أشهر يسيرة . وتوفي في ذي الحجة من هذه السنة ، ودفن في مقابر باب الكوفة [ ببغداد ] .

            خاقان ، أبو بكر عبد الله الصوفي خاقان ، أبو بكر عبد الله الصوفي   .

            وعن [أبو بكر أحمد بن علي] بن ثابت قال : ذكر لي أبو نعيم الحافظ أنه كان من كبار الصوفية البغداديين ، وقال لي : سمعت أبي يقول : سمعت جعفر الحذاء الشيرازي - وذكر خاقان - فقال : كان صاحب كرامات ، وذكر أن ابن فضلان الرازي قال : كان أبي أحد الباعة ببغداد ، وكنت على سرير حانوته جالسا ، فمر إنسان ظننت أنه من فقراء البغداديين ، وأنا حينئذ لم أبلغ الحلم ، فجذب قلبي ، فقمت وسلمت عليه ومعي دينار ، فدفعته إليه ، فتناوله ومضى ولم يقبل علي ، فقلت في نفسي : ضيعت الدينار ، فتبعته حتى انتهى إلى مسجد الشونيزية ، فرأى فيه ثلاثة من الفقراء ، فدفع الدينار إلى أحدهم ، واستقبل هو القبلة يصلي ، فخرج الذي أخذ الدينار وأنا أتبعه وراءه أرقبه ، فاشترى طعاما ، فحمله يأكله الثلاثة ، والشيخ مقبل على صلاته يصلي ، فلما فرغوا أقبل عليهم الشيخ فقال : أتدرون ما حبسني عنكم؟ قالوا : لا يا أستاذ . قال : شاب ناولني الدينار ، فكنت أسأل الله تعالى أن يعتقه من رق الدنيا وقد فعل فلم أتمالك أن قعدت بين يديه وقلت : صدقت يا أستاذ ، وكان هذا الشيخ خاقان .

            1864 - عبد الرحمن بن أزهر بن خالد ، أبو الحسن الأعور .

            هروي الأصل ، حدث عن أبي نعيم الفضل بن دكين ، روى عنه ابن مخلد ، وإسماعيل الصفار ، وكان ثقة   . وتوفي في هذه السنة .

            محمد بن أزهر ، أبو جعفر الكاتب محمد بن أزهر ، أبو جعفر الكاتب .

            سمع أبا نعيم ، وأبا الوليد الطيالسي ، ومسددا ، والشاذكوني ، وغيرهم ، روى عنه : أبو بكر الشافعي ، وغيره .

            وتوفي في جمادى الأولى من هذه السنة وكان قد بلغ الثمانين ، وكان عند الناس مقبولا .

            محمد بن إسرائيل بن يعقوب ، أبو بكر الجوهري محمد بن إسرائيل بن يعقوب ، أبو بكر الجوهري .

            سمع محمد بن سابق ، ومعاوية بن عمرو ، وعمرو بن حكام ، وغيرهم . روى عنه : القاضي المحاملي ، وأحمد بن كامل ، وأبو بكر الشافعي ، وغيرهم ، وكان ثقة   . وتوفي في ربيع الأول من هذه السنة [ وقيل : في سنة ثمانين ] .

            وممن توفي فيها من الأعيان   :

            البلاذري المؤرخ البلاذري المؤرخ   .

            أحد المشاهير أحمد بن يحيى بن جابر بن داود أبو الحسن ، ويقال أبو جعفر ، ويقال أبو بكر - البغدادي البلاذري صاحب التاريخ المنسوب إليه . سمع هشام بن القاسم بن سلام وأبا الربيع الزهراني وجماعة وعنه يحيى بن النديم وأحمد بن عمار وأبو يوسف يعقوب بن نعيم بن قرقارة الأزدي .

            قال الحافظ ابن عساكر : كان أديبا راوية ، له كتب جياد ، ومدح المأمون بمدائح ، وجالس المتوكل ، وتوفي أيام المعتمد ووسوس في آخر عمره .

            وروى ابن عساكر عن البلاذري قال : قال لي محمود الوراق : قل من الشعر ما يبقى لك ذكره ، ويزول عنك إثمه . فقلت :


            استعدي يا نفس للموت واسعي لنجاة فالحازم المستعد     قد تبينت أنه ليس للحي
            خلود ولا من الموت بد     إنما أنت مستعيرة ما سو
            ف تردين والعواري ترد     أنت تسهين والحوادث لا تس
            هو وتلهين والمنايا تجد     أي ملك في الأرض أو أي حظ
            لامرئ حظه من الأرض لحد     لا ترجي البقاء في معدن المو
            ت ودار حتوفها لك ورد     كيف يهوى امرؤ لذاذة أيا
            م عليه الأنفاس فيها تعد

            الترمذي الترمذي   .

            واسمه محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك . وقيل : محمد بن عيسى بن يزيد بن سورة بن السكن . ويقال : محمد بن عيسى بن سورة بن شداد أبو عيسى السلمي الترمذي الضرير . ويقال : إنه ولد أكمه . وهو أحد أئمة هذا الشأن في زمانه ، وله المصنفات المشهورة ، منها " الجامع " و " الشمائل " و " أسماء الصحابة " وغير ذلك ، وكتاب " الجامع " أحد الكتب الستة التي يرجع إليها العلماء في سائر الآفاق ، وجهالة ابن حزم لأبي عيسى حيث قال في " محلاه " : ومن محمد بن عيسى بن سورة ؟ - لا تضره في دينه ودنياه ، ولا تضع من قدره عند أهل العلم ، بل تحط من منزلة ابن حزم عند الحفاظ .


            وكيف يصح في الأذهان شيء     إذا احتاج النهار إلى دليل

            وقد ذكرنا مشايخه في كتابنا " التكميل " . وروى عنه غير واحد من العلماء منهم محمد بن إسماعيل البخاري في غير " الصحيح " ، والهيثم بن كليب الشاشي صاحب " المسند " ، ومحمد بن أحمد بن محبوب المحبوبي راوي " الجامع " عنه ، ومحمد بن المنذر شكر . قال الحافظ أبو يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي القزويني في كتابه " علوم الحديث " : محمد بن عيسى بن سورة بن شداد الحافظ متفق عليه له كتاب في السنن وكلام في الجرح والتعديل . روى عنه ابن محبوب والأجلاء وهو مشهور بالأمانة والعلم ، مات بعد الثمانين ومائتين . كذا قال في تاريخ وفاته . وقد قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن سليمان الغنجار في " تاريخ بخارى " : محمد بن عيسى بن سورة بن موسى بن الضحاك السلمي الترمذي الحافظ دخل بخارى وحدث بها وهو صاحب " الجامع " و " التاريخ " توفي بالترمذ ليلة الإثنين لثلاث عشرة خلت من رجب سنة تسع وسبعين ومائتين . وذكره الحافظ أبو حاتم بن حبان في الثقات ، فقال : كان ممن جمع وصنف وحفظ وذاكر . قال الترمذي : كتب عني البخاري حديث عطية عن أبي سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلي : لا يحل لأحد يجنب في هذا المسجد غيري وغيرك وروى ابن نقطة في تقييده عن الترمذي أنه قال : صنفت هذا المسند الصحيح فعرضته على علماء الحجاز فرضوا به وعرضته على علماء العراق فرضوا به وعرضته على علماء خراسان فرضوا به ومن كان في بيته هذا الكتاب فكأنما في بيته نبي يتكلم . قالوا : وجملة " الجامع " مائة وإحدى وخمسون كتابا وكتاب " العلل " صنفه بسمرقند وكان فراغه منه في يوم عيد الأضحى من سنة سبعين ومائتين . قال ابن نقطة : سمعت محمد بن طاهر المقدسي سمعت أبا إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري يقول : كتاب الترمذي عندي أفيد من كتاب البخاري ومسلم ، قلت : ولم ؟ قال : لأنه لا يصل إلى الفائدة منهما إلا من هو من أهل المعرفة التامة ، وهذا كتاب قد شرح أحاديثه وبينها ، فيصل إليها كل أحد من الناس من الفقهاء والمحدثين وغيرهما ، قلت : والذي يظهر من حاله أنه إنما طرأ عليه العمى بعد أن رحل وسمع وكتب وذاكر وناظر وصنف ، ثم اتفق موته في بلده في رجب من هذه السنة على الصحيح المشهور ، والله أعلم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية