الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            قصد المعتضد بني شيبان ، وصلحه معهم  

            وفي سنة ثمانين ومائتين ، في أول صفر سار المعتضد من بغداذ يريد بني شيبان بالموضع الذي يجتمعون به من أرض الجزيرة ، فلما بلغهم قصده جمعوا إليهم أموالهم ، وأغار المعتضد على أعراب عند السن ، فنهب أموالهم ، وقتل منهم مقتلة عظيمة ، وغرق منهم في الزاب مثل ذلك ، وعجز الناس عن حمل ما غنموه ، فبيعت الشاة بدرهم ، والبعير بخمسة دراهم .

            وسار إلى الموصل وبلد ، فلقيه بنو شيبان يسألونه العفو ، وبذلوا له رهائن ، فأجابهم إلى ما طلبوا ، وعاد إلى بغداذ .

            وأرسل إلى أحمد بن عيسى بن الشيخ يطلب منه ما أخذه من أموال ابن كنداجيق بآمد ، فبعثه إليه ومعه هدايا كثيرة . وكان مع المعتضد حاد جيد الحداء فقال في تلك الليالي يحدو للمعتضد :

            وقد أشرف على جبل يقال له : نوباذ ، فأنشد الأعرابي

            فأجهشت للتوباذ حين رأيته وهللت للرحمن حين رآني     وقلت له أين الذين عهدتهم
            بظلك في أمن ولين زماني     فقال مضوا واستخلفوني مكانهم
            ومن ذا الذي يبقى على الحدثان

            قال : فتغرغرت عينا المعتضد ، وقال : من ذا الذي يبقى على الحدثان . واصطفى المعتضد من الأعراب عجوزا فصيحة ، فجاءت يوما فجلست فقال لها الحاجب : قومي إلى أن نأمرك تجلسين بين يدي أمير المؤمنين ! فقالت : أنت لم تعرفني ما أعمل؟ ثم قامت فتغافل عنها المعتضد ، فقالت : أقيام إلى الأبد فمتى ينقضي الأمد ! فضحك ، وأمرها بالجلوس .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية