الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث

            في سنة ست وثلاثمائة غزا بشر الأفشيني بلاد الروم  ، فافتتح عدة حصون ، وغنم ، وسلم .

            وغزا ثمل في بحر الروم ، فغنم ، وسبى ، وعاد ، وكان على الموصل أبو أحمد بن حماد الموصلي .

            وفيها دخل جني الصفواني بلاد الروم ، فنهب ، وخرب ، وأحرق ، وفتح وعاد ، فقرئت الكتب على المنابر ببغداذ بذلك .

            وفيها وقعت فتنة ببغداذ بين العامة والحنابلة  ، فأخذ الخليفة جماعة منهم وسيرهم إلى البصرة فحبسوا .

            وفيها في أول يوم من المحرم ، وهو مستهل هذه السنة - فتح المارستان الذي بنته السيدة أم المقتدر ، وجلس فيه سنان بن ثابت الطبيب ورتبت فيه الأطباء والخدم والقومة وكانت نفقته في كل شهر ستمائة دينار ، وأشار سنان بن ثابت على الخليفة ببناء مارستان فقبل منه وبني وسمي المقتدري .



            وفيها شغب العامة وأرجفوا بموت المقتدر ، فركب في الجحافل حتى بلغ الثريا ورجع من باب العامة ووقف طويلا ليراه الناس ثم ركب إلى الشماسية وانحدر إلى دار الخلافة في دجلة فسكنت الفتن . وفيها أمرت السيدة أم المقتدر قهرمانة لها تعرف بثمل أن تجلس في التربة التي بنتها بالرصافة في كل يوم جمعة ، وأن تنظر في المظالم التي ترفع إليها في القصص ، وحضر في مجلسها القضاة والفقهاء .

            وحج بالناس فيها الفضل بن عبد الملك الهاشمي . وفى ربيع الآخر: توفي محمد بن خلف وكيع ، فتقلد أبو جعفر ابن البهلول ما كان يتولاه من القضاء بمدينة المنصور وقضاء الأهواز .

            وفى هذا الشهر شغب أهل السجن الجديد ، وصعدوا السور ، فركب نزار بن محمد صاحب الشرطة ، وحاربهم ، وقتل منهم واحدا ، ورمى برأسه إليهم فسكنوا . وفي هذه السنة عزل نزار عن شرطة بغداذ ، وجعل فيها نجح الطولوني ، وجعل في الأرباع فقهاء يكون عمل أصحاب الشرطة بفتواهم ، فضعفت هيبة السلطنة بذلك ، وطمع اللصوص والعيارون ، وكثرت الفتن ، وكبست دور التجار ، وأخذت بنات الناس في الطريق المنقطعة ، ( وكثر المفسدون ) . وفي هذه السنة: وثب بنو هاشم على علي بن عيسى لتأخر أرزاقهم ، فمدوا أيديهم إليه ، فأمر المقتدر بالقبض عليهم وتأديبهم ونفاهم إلى البصرة ، وأسقط أرزاقهم ، فسأل فيهم علي بن عيسى [فردوا] فتواروا وقبض على ابنه وبيعت أمواله وأملاكه ، وحوسب ، وكان [مما أعطى] سبعمائة ألف [دينار] ، وكان السبب أنه أخر إطلاق [أرزاقهم] ، وأرزاق الجند ، واحتج بضيق المال ، [وكان قد] صرفه إلى محاربة ابن أبي الساج ، فطلب من المقتدر إطلاق مائتي ألف دينار من بيت المال [لإعطاء الجند] ، فثقل ذلك على المقتدر ، وراسل ابن الفرات فإنه كان قد ضمن له أن يقوم بسائر النفقات ، فاحتج بما أنفق على محاربة ابن أبي الساج ، فلم يسمع اعتذاره . وكوتب في الوقت أبو محمد حامد بن العباس بالإصعاد إلى الحضرة ، فلما قدم خلع عليه وبان عجزه في التدبير ، فأشير عليه أن يطلب علي بن عيسى [يكون بين يديه ففعل ، فأخرج علي بن عيسى فحمل] إلى حامد ، فكان يحضر ومعه دواة وينظر في الأعمال ويوقع ، فتفرد حينئذ أبو الحسن علي بن عيسى بتدبير جميع أمور المملكة ، وصار حامد لا يأمر في شيء [بتة] . كما تقدم

            وقلد أبو عمر القاضي المظالم في جمادى الآخرة من هذه السنة

            التالي السابق


            الخدمات العلمية