الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث  

            في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة فتح إبراهيم المسمعي ناحية القفص ، وهي من حدود كرمان ، وأسر منهم خمسة آلاف إنسان وحملهم إلى فارس وباعهم .

            وفيها كثرت الأرطاب ببغداذ ، حتى عملوا منها التمور ، وحملت إلى واسط والبصرة ، فنسب أهل بغداذ إلى البغي .

            وفيها كتب ملك الروم إلى أهل الثغور يأمرهم بحمل الخراج إليه ، فإن فعلوا ، وإلا قصدهم فقتل الرجال ، وسبى الذرية ، وقال : إنني صح عندي ضعف ولاتكم ، فلم يفعلوا ذلك ، فسار إليهم ، وأخرب البلاد ، ودخل ملطية في سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، فأخربوها ، وسبوا منها ، ونهبوا ، وأقام فيها ستة عشر يوما .

            قال ابن الجوزي : لليلة بقيت من المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس ، فأضاءت الدنيا منه ، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد .

            ولم يزل أبو القاسم الخاتاني في أيام وزارته يبحث عمن يدعي عليه من أهل بغداد أنه يكاتب القرمطي ويتدين الإسماعيلية إلى أن تظاهرت عنده الأخبار ، بأن رجلا يعرف بالكعكي ينزل في الجانب الغربي رئيس للرافضة ، وأنه من الدعاة إلى مذهب القرامطة ، فتقدم إلى نازوك بالقبض عليه ، فمضى ليقبض عليه فتسلق من الحيطان وهرب ، ووقع برجل في داره كان خليفته ، ووجد في الدار رجالا يجرون مجرى المتعلمين ، فضرب الرجل ثلاثمائة سوط وشهره على جمل ، ونودي عليه هذا جزاء من يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وحبس الباقين . وفي صفر بلغ الخليفة المقتدر بالله أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد براثا ، فينالون من الصحابة ، ولا يصلون الجمعة ، ويكاتبون القرامطة  ، ويدعون إلى ولاية محمد بن إسماعيل الذي ظهر بين الكوفة وبغداد ، ويدعون أنه المهدي ، ويتبرءون من المقتدر وممن يتبعه ، فأمر بالاحتياط عليهم ، واستفتى العلماء في المسجد المذكور ، فأفتوا بأنه مسجد ضرار يهدم كما هدم مسجد الضرار  ، فضرب من قدر عليه منهم الضرب المبرح ، ونودي عليهم ، وأمر الخليفة بهدم المسجد المذكور ، فهدمه نازوك وأمر الوزير الخاقاني ، فجعل مكانه مقبرة ، فدفن فيه جماعة من الموتى .

            وخرج الناس للحج في ذي القعدة ، فاعترضهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي - لعنهما الله - فرجع أكثر الناس إلى بلدانهم ، ولم يمكنهم الحج عامهم هذا ، ويقال : إن بعضهم سأل منه الأمان ليذهبوا فأمنهم . وقد قاتله جند الخليفة ، فلم يفد ذلك فيه شيئا ; لتمرده وشدة بأس من معه ، وانزعج أهل بغداد من ذلك وترحل أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي خوفا من القرامطة ، ودخل القرمطي إلى الكوفة فأقام بها ستة أيام يأخذ من أموالها ما يحتاج إليه . وفيها :

            أن بني هاشم ضجوا في الطرقات لتأخر أرزاقهم عنهم ، وذلك لثمان من المحرم .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية