ذكر عدة حوادث
في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة فتح إبراهيم المسمعي ناحية القفص ، وهي من حدود كرمان ، وأسر منهم خمسة آلاف إنسان وحملهم إلى فارس وباعهم .
وفيها كثرت الأرطاب ببغداذ ، حتى عملوا منها التمور ، وحملت إلى واسط والبصرة ، فنسب أهل بغداذ إلى البغي .
وفيها كتب ملك الروم إلى أهل الثغور يأمرهم بحمل الخراج إليه ، فإن فعلوا ، وإلا قصدهم فقتل الرجال ، وسبى الذرية ، وقال : إنني صح عندي ضعف ولاتكم ، فلم يفعلوا ذلك ، فسار إليهم ، وأخرب البلاد ، ودخل ملطية في سنة أربع عشرة وثلاثمائة ، فأخربوها ، وسبوا منها ، ونهبوا ، وأقام فيها ستة عشر يوما .
قال ابن الجوزي : لليلة بقيت من المحرم انقض كوكب من ناحية الجنوب إلى الشمال قبل مغيب الشمس ، فأضاءت الدنيا منه ، وسمع له صوت كصوت الرعد الشديد .
ولم يزل أبو القاسم الخاتاني في أيام وزارته يبحث عمن يدعي عليه من أهل بغداد أنه يكاتب القرمطي ويتدين الإسماعيلية إلى أن تظاهرت عنده الأخبار ، بأن رجلا يعرف بالكعكي ينزل في الجانب الغربي رئيس للرافضة ، وأنه من الدعاة إلى مذهب القرامطة ، فتقدم إلى نازوك بالقبض عليه ، فمضى ليقبض عليه فتسلق من الحيطان وهرب ، ووقع برجل في داره كان خليفته ، ووجد في الدار رجالا يجرون مجرى المتعلمين ، فضرب الرجل ثلاثمائة سوط وشهره على جمل ، ونودي عليه هذا جزاء من يشتم أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وحبس الباقين . وفي صفر بلغ الخليفة المقتدر بالله أن جماعة من الرافضة يجتمعون في مسجد براثا ، فينالون من الصحابة ، ولا يصلون الجمعة ، ويكاتبون ، ويدعون إلى ولاية محمد بن إسماعيل الذي ظهر بين الكوفة وبغداد ، ويدعون أنه المهدي ، ويتبرءون من المقتدر وممن يتبعه ، فأمر بالاحتياط عليهم ، واستفتى العلماء في المسجد المذكور ، فأفتوا بأنه مسجد ضرار يهدم كما القرامطة ، فضرب من قدر عليه منهم الضرب المبرح ، ونودي عليهم ، وأمر الخليفة بهدم المسجد المذكور ، فهدمه نازوك وأمر الوزير الخاقاني ، فجعل مكانه مقبرة ، فدفن فيه جماعة من الموتى . هدم مسجد الضرار
وخرج الناس للحج في ذي القعدة ، فاعترضهم أبو طاهر سليمان بن أبي سعيد الجنابي القرمطي - لعنهما الله - فرجع أكثر الناس إلى بلدانهم ، ولم يمكنهم الحج عامهم هذا ، ويقال : إن بعضهم سأل منه الأمان ليذهبوا فأمنهم . وقد قاتله جند الخليفة ، فلم يفد ذلك فيه شيئا ; لتمرده وشدة بأس من معه ، وانزعج أهل بغداد من ذلك وترحل أهل الجانب الغربي إلى الجانب الشرقي خوفا من القرامطة ، ودخل القرمطي إلى الكوفة فأقام بها ستة أيام يأخذ من أموالها ما يحتاج إليه . وفيها :
أن بني هاشم ضجوا في الطرقات لتأخر أرزاقهم عنهم ، وذلك لثمان من المحرم .