الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
            ذكر عدة حوادث  

            وفي سنة أربع عشرة وثلاثمائة ضمن أبو الهيجاء عبد الله بن حمدان أعمال الخراج والضياع بالموصل ، وقردى ، وبازبدى ، وما يجري معها .

            وفيها سار ثمل إلى عمله بالثغور  ، ( وكان في ) بغداذ .

            وفيها ، في ربيع الآخر ، خرجت الروم إلى ملطية وما يليها  مع الدمستق ، ومعه مليح الأرمني صاحب الدروب ، فنزلوا على ملطية ، وحصروها ، فصبر أهلها ، ففتح الروم أبوابا من الربض ، فدخلوا ، فقاتلهم أهله ، وأخرجوهم منه ، ولم يظفروا ( من المدينة ) بشيء ، وخربوا قرى كثيرة من قراها ، ونبشوا الموتى ، ومثلوا بهم ، ورحلوا عنهم ، وقصد أهل ملطية بغداذ مستغيثين ، في جمادى الأولى ، فلم يعانوا ، فعادوا بغير فائدة ، وغزا أهل طرسوس صائف? ، فغنموا وعادوا .

            وفيها توفي الوزير أبو القاسم الخاقاني ، وهرب ابنه عبد الوهاب  ، ولم يحضر غسل أبيه ، ولا الصلاة عليه ، وكان الوزير قد أطلق من محبسه قبل موته .

            وفيها توجه أبو طاهر القرمطي نحو مكة ، فبلغ خبره إلى أهلها ، فنقلوا حرمهم وأموالهم إلى الطائف وغيره خوفا منه .

            وفيها كتب الكلوذاني إلى الوزير الخصيبي ، قبل عزله ، بأن أبا طالب النوبندجاني قد صار يجري مجرى أصحاب الأطراف ، وأنه قد تغلب على ضياع السلطان ، واستغل منها جملة عظيمة ، فصودر أبو طالب على مائة ألف دينار . ووقع ببغداد حريق في مكانين ، مات بسببه خلق كثير ، واحترق بأحدهما ألف دار ودكان ، وجاءت الكتب بموت الدمستق ملك النصارى - لعنه الله - فقرئت الكتب على المنابر بذلك ، وجاءت الكتب من مكة أن أهلها في غاية الانزعاج بسبب اقتراب القرمطي إليهم وقصده إياهم ، فرحلوا منها إلى الطائف وتلك النواحي ، وهبت ريح عظيمة بنصيبين اقتلعت الأشجار وهدمت البيوت .

            قال ابن الجوزي : وفي يوم الأحد لثمان مضين من شوال منها - وهو سابع كانون الأول - سقط ببغداد ثلج عظيم جدا وحصل بسببه برد شديد ، بحيث أتلف كثيرا من النخيل والأشجار ، وجمدت الأدهان حتى الأشربة ، وماء الورد ، والخل ، والخلجان الكبار ، ودجلة .

            وعقد بعض مشايخ الحديث مجلس التحديث على متن دجلة من فوق الجمد ، وكتب عنه الحديث هنالك ، ثم انكسر البرد بمطر وقع ، فأزال ذلك كله ، ولله الحمد .

            وقدم الحجاج من خراسان إلى بغداد فاعتذر إليهم مؤنس الخادم بأن القرامطة قد قصدوا مكة فرجعوا ، ولم يتهيأ الحج في هذه السنة من ناحية العراق بالكلية . وانعزل في هذه السنة أبو جعفر بن البهلول القاضي عن القضاء ، فقيل له : لم فعلت ؟ قال : أريد أن يكون بين الصدر والقبر فرجة ، ومات بعد سنتين .

            التالي السابق


            الخدمات العلمية