ما فعله لشكري من المخالفة
كان لشكري الديلمي من أصحاب أسفار ، ( واستأمن إلى ) الخليفة ، فلما انهزم هارون بن غريب من مرداويج سار معه إلى قرميسين ، وأقام هارون بها ، واستمد المقتدر ليعاود ( محاربة ) مرداويج ، وسير هارون لشكري هذا إلى نهاوند لحمل مال بها إليه ، فلما صار لشكري بنهاوند ، ورأى غنى أهلها طمع فيهم ، وصادرهم على ثلاثة آلاف ألف درهم ، واستخرجها في مدة أسبوع ، وجند بها جندا ، ثم مضى إلى أصبهان هاربا من هارون في الجند الذين انضموا إليه في جمادى الآخرة .
وكان الوالي على أصبهان حينئذ أحمد بن كيغلغ ، وذلك قبل استيلاء مرداويج عليها ، فخرج إليه أحمد فحاربه ، فانهزم أحمد هزيمة قبيحة ، وملك لشكري أصبهان ، ودخل أصحابه إليها فنزلوا في الدور والخانات وغيرها ولم يدخل لشكري معهم .
ولما انهزم أحمد نجا إلى بعض قرى أصبهان في ثلاثين فارسا ، وركب لشكري يطوف بسور أصبهان من ظاهره ، فنظر إلى أحمد في جماعته ، فسأل عنه فقيل : لا شك أنه من أصحاب أحمد بن كيغلغ ، فسار فيمن معه من أصحابه نحوهم ، وكانوا عدة يسيرة ، فلما قرب منه تعارفوا ، فاقتتلوا ، فقتل لشكري ، قتله أحمد بن كيغلغ ، ضربه بالسيف على رأسه ، فقد المغفر والخوذة ، ونزل السيف حتى خالط دماغه ، فسقط ميتا .
وكان ( عمر أحمد ) إذ ذاك قد جاوز السبعين ، فلما قتل لشكري انهزم من معه ، فدخلوا أصبهان ، وأعلموا أصحابهم ، فهربوا على وجوههم ، وتركوا أثقالهم وأكثر رحالهم ، ودخل أحمد إلى أصبهان ، وكان هذا قبل استيلاء مرداويج على أصبهان ، وكان هذا من الفتح الظريف ، وكان جزاؤه ( أن صرف ) عن أصبهان ، وولي عليها المظفر بن ياقوت .