2447 - : إسحاق بن محمد ، أبو يعقوب النهرجوري
صحب الجنيد وغيره ، وجاور بالحرم سنين ، وبه مات في هذه السنة .
عن أبي يعقوب النهرجوري قال: مفاوز الدنيا تقطع بالأقدام ، ومفاوز الآخرة تقطع بالقلوب .
2448 - : الحسين بن إسماعيل بن محمد بن إسماعيل بن سعيد بن أبان ، أبو عبد الله الضبي القاضي المحاملي
ولد في محرم سنة خمس وثلاثين ومائتين ، وسمع الحديث وله عشر سنين ، وشهد عند الحكام وله عشرون سنة ، وسمع يوسف بن موسى القطان ، ويعقوب الدورقي ، والبخاري وروى له ، وخلقا كثيرا ، وكان عنده سبعون رجلا من أصحاب ابن عيينة .
روى عنه دعلج ، وابن المظفر ، والدارقطني ، وكان يحضر مجلسه عشرة آلاف وكان [صدوقا أديبا فقيها ، مقدما في الفقه والحديث] ، ولي قضاء الكوفة ستين سنة ، وأضيف إليه قضاء فارس وأعمالها ، ثم استعفى فأعفي ، وعقد في داره مجلسا للنظر في الفقه في سنة سبعين ومائتين ، فلم تزل تتردد إليه الفقهاء إلى أن توفي في هذه السنة .
عن الحسين بن إسماعيل قال: كنت عند أبي الحسن بن عبدون وهو يكتب لبدر ، وعنده جمع فيهم أبو بكر الداودي ، وأحمد بن خالد المادرائي فذكر قصة مناظرته مع الداودي في التفضيل ، إلى أن قال: فقال الداودي : والله ما تقدر تذكر مقامات علي مع هذه العامة . قلت: أنا والله أعرفها مقامه ببدر ، وأحد ، والخندق ، ويوم خيبر . قال: فإن عرفتها فينبغي أن تقدمه على أبي بكر وعمر . قلت: قد عرفتها ومنه قدمت أبا بكر وعمر [عليه] قال: من أين؟ قلت: أبو بكر كان مع النبي صلى الله عليه وسلم على العريش يوم بدر مقامه مقام الرئيس ، ينهزم به الجيش ، وعلي مقامه مقام مبارز ، والمبارز لا ينهزم به الجيش ، وجعل يذكر فضائله وأذكر فضائل أبي بكر . فقلت: لا تنكر لهما حقا ، ولكن الذين أخذنا عنهم القرآن والسنن وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدموا أبا بكر فقدمناه لتقديمهم ، فالتفت أحمد بن خالد فقال: ما أدري لم فعلوا هذا؟ قلت: إن لم تدر فأنا أدري . قال: لم [فعلوا] ؟ فقلت إن السؤدد والرئاسة في الجاهلية كانت لا تعدو منزلتين ، إما رجل كانت له عشيرة تحميه وإما رجل كان له فضل مال يفضل به ، ثم جاء الإسلام فجاء باب الدين ، فمات النبي صلى الله عليه وسلم وليس لأبي بكر مال ، ولم تكن تيم لها مع عبد مناف ومخزوم تلك الحال ، فإذا بطل اليسار الذي كانت ترأس [به قريش أهل] الجاهلية ، فلم يبق إلا باب الدين فقدموه له فأفحم .
توفي المحاملي في ربيع الآخر من هذه السنة .
2449 - : علي بن محمد بن عبيد بن حسان ، أبو الحسن البزاز
ولد سنة اثنتين وخمسين ومائتين ، وسمع عباس الدوري ، وأبا قلابة ، روى عنه الدارقطني ، وكان ثقة فاضلا ، توفي في شوال هذه السنة .
2450 - : علي بن محمد بن سهل ، أبو الحسن الصائغ الدينوري
عن ممشاذ قال:
خرجت ذات يوم إلى الصحراء ، فبينا أنا مار إذا أنا بنسر قد فتح جناحيه ، فتعجبت منه فاطلعت ، فإذا بأبي الحسن الدينوري الصائغ قائم يصلي والنسر يظلله .
توفي الصائغ بمصر في هذه السنة .
2451 - من أهل حمص : عبد الغافر بن سلامة بن أحمد بن عبد الغافر بن سلامة بن هاشم الحضرمي ،
كان جوالا ، فقدم بغداد فحدث بها عن جماعة ، فروى عنه الدارقطني ، وابن شاهين ، وابن الصلت ، الأهوازي وهو آخر من روى عنه من البغداديين ، والقاضي أبو عمر الهاشمي البصري . وهو آخر من روى عنه في الدنيا كلها ، وكان ثقة .
توفي بالبصرة في هذه السنة .
2452 - : محمد بن أحمد بن صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل ، أبو جعفر الشيباني
حدث عن أبيه ، وعن عمه زهير بن صالح ، روى عنه الدارقطني وغيره .
وتوفي في هذه السنة .
2453 - : محمد بن عبد الله بن محمد بن مسلم ، أبو بكر ، إمام مسجد الجامع العتيق بمصر
حدث عن إبراهيم بن مرزوق ، وبكار بن قتيبة ، وغيرهما ، وكان نحويا يعلم أولاد الملوك النحو . توفي في ربيع الآخر من هذه السنة .
2454 - : نصر بن أحمد ، أبو القاسم البصري ، المعروف: بالخبز أرزي الشاعر
روى عنه المعافى بن زكريا وغيره .
عن أبي محمد عبد الله بن محمد الأكفاني قال:
خرجت مع عمي أبي عبد الله الأكفاني الشاعر ، وأبي الحسين بن لنكك ، وأبي عبد الله المفجع ، وأبي الحسن السباك في بطالة عيد ، وأنا يومئذ صبي أصحبهم ، فمشوا حتى انتهوا إلى نصر بن أحمد الخبز أرزي وهو يخبز على طابقه ، فجلست الجماعة عنده يهنئونه بالعيد ويتعرفون خبره ، وهو يوقد السعف تحت الطابق فزاد في الوقود فدخنهم ، فنهضت الجماعة عند تزايد الدخان ، فقال نصر بن أحمد لأبي الحسين بن لنكك: متى أراك يا أبا الحسين؟ فقال له أبو الحسين: إذا اتسخت ثيابي . وكانت ثيابه يومئذ جددا على أنقى ما يكون من البياض ، فمشينا فقال أبو الحسين بن لنكك: يا أصحابنا ، إن نصرا لا يخلي هذا المجلس الذي مضى لنا معه من شيء يقوله ، ويجب أن نبدأه فجلس واستدعى دواة وكتب:
لنصر في فؤادي فرط حب أنيف به على كل الصحاب أتيناه فبخرنا بخورا
من السعف المدخن للثياب فقمت مبادرا فظننت نصرا
أراد بذاك طردي أو ذهابي فقال متى أراك أبا حسين؟
فقلت له إذا اتسخت ثيابي
منحت أبا الحسين صميم ودي فداعبني بألفاظ عذاب
أتى وثيابه كقتير شيب فعدن له كريعان الشباب
ظننت جلوسه عندي كعرس فجدت له بتمسيك الثياب
فقلت متى أراك أبا حسين فجاوبني إذا اتسخت ثيابي
فإن كان التقزز فيه فخر فلم يكنى الوصي أبا تراب؟
قلت : والصحيح أن الأشعري توفي سنة أربع وعشرين ، كما تقدم .
قال : وفيها توفي محمد بن يوسف بن النضر الهروي الفقيه الشافعي ، وكان مولده سنة تسع وعشرين ومائتين ، وأخذ عن الربيع بن سليمان صاحب الشافعي .
قلت : وقد توفي فيها أبو حامد بن بلال ، وزكريا بن أحمد البلخي ، وعبد الغافر بن سلامة الحافظ ، ومحمد بن رائق الأمير ، والشيخ أبو صالح مفلح الحنبلي ، واقف مسجد أبي صالح ظاهر باب شرقي من دمشق وكانت له كرامات وأحوال ومقامات .
وهذه ترجمة أبي صالح الدمشقي الذي ينسب إليه المسجد ظاهر باب شرقي بدمشق :
المتعبد ، صحب الشيخ أبا بكر محمد بن سيد حمدويه الدمشقي ، وتأدب به ، وروى عنه الموحد بن إسحاق بن البري ، وأبو الحسن علي بن القجة قيم المسجد ، وأبو بكر بن داود الدينوري الدقي . مفلح بن عبد الله أبو صالح
روى الحافظ ابن عساكر من طريق الدقي ، عن الشيخ أبي صالح قال : كنت أطوف بجبل اللكام ; أطلب الزهاد ، فمررت برجل وهو جالس على صخرة مطرقا ، فقلت له : ما تصنع هاهنا ؟ فقال : أنظر وأرعى . فقلت له : لا أرى بين يديك إلا الحجارة . فقال : أنظر خواطر قلبي ، وأرعى أوامر ربي ، وبحق الذي أظهرك علي إلا جزت عني . فقلت له : كلمني بشيء أنتفع به حتى أمضي . فقال لي : من لزم الباب أثبت في الخدم ، ومن أكثر ذكر الذنوب أكثر الندم ، ومن استغنى بالله أمن العدم . ثم تركني ومضى .
وعن الشيخ أبي صالح ، قال : مكثت ستة أو سبعة أيام لم آكل ولم أشرب ، ولحقني عطش عظيم ، فجئت النهر الذي وراء المسجد ، فجلست أنظر إلى الماء ، فتذكرت قوله تعالى : وكان عرشه على الماء [ هود : 7 ] فذهب عني العطش ، فمكثت تمام العشرة أيام .
وعنه قال : مكثت مرة أربعين يوما لم أشرب ماء ، فلقيني الشيخ أبو بكر محمد بن سيد حمدويه ، فأخذ بيدي وأدخلني منزله ، وجاءني بماء ، وقال لي : اشرب ، فشربت ، فأخذ فضلتي وذهب إلى امرأته ، وقال لها : اشربي فضل رجل قد مكث أربعين يوما لم يشرب الماء . قال أبو صالح : ولم يكن اطلع على ذلك مني أحد إلا الله عز وجل .
ومن كلام أبي صالح : الدنيا حرام على القلوب ، حلال على النفوس ; لأن كل شيء يحل لك أن تنظر إليه بعين رأسك ، فيحرم عليك أن تنظر إليه بعين قلبك .
وكان يقول : البدن لباس القلب ، والقلب لباس الفؤاد ، والفؤاد لباس الضمير ، والضمير لباس السر ، والسر لباس المعرفة .
ولأبي صالح مناقب كثيرة ، رحمه الله . وقد كانت وفاته في جمادى الأولى من هذه السنة . وفيها مات محمد ( بن محمد ) الجيهاني وزير السعيد نصر بن أحمد تحت الهدم .
وفيها توفي محمد بن يوسف [ بن بشر ] بن النضر الهروي ، الفقيه الشافعي ، وكان مولده سنة تسع وعشرين ومائتين ، وأخذ عن الربيع بن سليمان صاحب الشافعي وتعلم منه .